ماذا سينطقُ بعدك الشعراءُ ؟ *** وبمن ستهتفُ بعدك الإسراءُ ؟
يا راحلًا هذا العزاءُ ببابنا *** ما كنت أحسب أن يدومَ عزاءُ
يا راحلًا تاق الفؤاد لقربه *** وبحبّه قد أنشد الأحياءُ
حلّيت من حللِ المكارم همّة *** يرنو إليها المجدُ والعلياءُ
ماذا أقول وأدمعي فياضةٌ *** في ليلة وكأنها دلماءُ
وقفت خطوب الخافقين أمامنا *** لمّا تراءت فعلةٌ نكراءُ
وجرت دماءُ الطاهرين على الرّبى *** وبحقدهم قد برهنَ الحُقراءُ
شرب اليهود دمائنا وتلذذوا *** ها قد تساوى عرضُنا والماءُ
وتربعت دول الصليب بأرضنا *** فتراكض الحكامُ والأمراءُ
وبأرضنا ديست كرامتنا هنا *** من بعد عزّ شاده القُدَماءُ
وهتافُنا يعلو بسلمٍ زائفٍ *** قد أيّدته عصابةٌ عمياءُ
يا أمة الإسلام ماذا قد جرى ؟ *** حتى يعيثَ بأرضِك النُّكراءُ
ولمن ستحتكمُ العقولُ بربكم *** والقدسُ تصرخ أيها الشرفاءُ
بالأمس ودّعنا جنازةَ شيخِنا *** واليوم يرحلُ سيفُنا المضّاءُ
عبدالعزيز فديتها من همةٍ *** تحيي القلوب فتخجَلُ الجوزاءُ
عبدالعزيز ورُوّعت أيامُنا *** وتوقفت عن شدوها الورقاءُ
وتلفعت آمالنَا بسوادِها *** وبكتك أرضُ كرامةٍ وسماءُ
فرحلتَ يا نورَ الزمان وبدرَهُ *** والسابقون أمامَك الشّهداءُ
قد ضنّ دهري بالكرام وإنهم *** لعلى العِدا والخائنين بلاءُ
قد أسرجوا للمكرماتِ خيولَها *** تخشاهم الأهواءُ والأعداءُ
يستنطقون الصبر كل فجيعةٍ *** وبمثلهم تتشرّفُ الهيجاءُ
باعوا النفوس فلا خيار ببيعهم *** الحقُّ يعرفهم همُ النبلاءُ
يا مسلمون قلوبُنا مكلومة *** هل للجهادِ سترجعُ الأصداءُ ؟
لنذيقَ أعدانا مرارةَ بأسنا *** ويفوح روضٌ باسمٌ معطاءُ
ما متّ يا من بالجهاد قد ارتقى *** وحداؤه الآيات والإسراءُ
فلاح بن عبدالله الغريب
27 / 2 / 1424 هـ