[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خير أنبيائه أجمعين ، وعلى آله وصحبه والتابعين
فهذه أحبتي نتفٌ من أحكام الاعتكاف أقدمها لكم لقرب مناسبتها وقد راعيت فيها أمور :
أولاً : الاختصار ، لأن المكان ليس للبسط والتطويل .
ثانياً : جعل الاحكام على شكل مسائل حتى يسهل حفظها .
اسأل الله أن يوفقني إياكم لمرضاته وتقواه
أخوكم المحب الناصح
المسألة الأولى : تعريف الاعتكاف لغةً واصطلاحاً
الاعتكاف في اللغة يطلق على لزوم الشئ ، وورد ذكر الاعتكاف في كتاب الله في ستة مواضع :
أ?- سورة البقرة ، قال تعالى ( وطهر بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود ) الآية 125
ب?- سورة البقرة ، فال تعالى ( ولا تباشروهنّ وأنتم عاكفون في المساجد ) الآية 187
جـ - سورة الأعراف ، قال تعالى ( فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم ) الآية 138
د - سورة طه ‘ قال تعالى ( قالوا لن نبرح عليه عاكفين ) الآية 91
هـ - سورة الأنبياء ، قال تعالى ( ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ) الآية 52
و- سورة الحج ، قال تعالى ( سواءً العاكف فيه والباد ) الآية 25
فإذا تأملنا هذه النصوص الستة وجدنا أن النص الثالث ، والرابع ، والخامس يدور عليه معنى الاعتكاف اللغوي وهو لزوم الشئ ، أما النص الأول ، والثاني ، والسادس فيراد به المعنى الشرعي ، وسيأتي ذكره إن شاء الله .
وفي الشرع يعرّف أنه : التعبد لله بلزوم المسجد على وجه مخصوص .
وسيأتي إن شاء الله الحديث عن محترزات التعريف في ثنايا الحديث
المسألة الثانية : مشروعية الاعتكاف وحكمه :
الاعتكاف مشروع ، ويدل عليه الكتاب ، والسنة ، والإجماع
الكتاب ما تقدم من سورة البقرة
والسنة كثبرة منها ،( أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف واعتكف ازواجه من بعده ) رواه البخاري ومسلم
والإجماع منعقد على مشروعيته في الجملة
وحكمه : انه مسنون والدليل على ذلك ما تقدم من الأدلةمن الكتاب والسنة وانعقد الإجماع على أنه ليس بواجب
والقول بسنيته هو قول جماهير العلماء خلافاً للامام مالك – رحمه الله – فقد ورد عنه كراهية الاعتكاف بحجة أن الصحابة ، وقد ذلك أهل العلم أن الصحابة ورد عنهم الاعتكاف قال صلى الله عليه وسلم للصحابة ( من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر ) رواه الشيخان
وغي حديث عائشة قولها ( ثم اعتكف أزواجه من بعده ) رواه الشيخان
فالصواب أنه سنة مشروعة ولا يكره
وقد يجب الاعتكاف على المرء في حالة واحدة وهي إذا ما نذر الاعتكاف فقال " لله عليّ أن اعتكف " فيجب عليه الاعتكاف ،لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ) رواه البخاري
المسألة الثالثة : أركان و شروط الاعتكاف :
للاعتكاف ركن واحد وهو : اللبث في المسجد ، وهو ركن الاعتكاف الأعظم ، فإذا خرج المعتكف من المسجد بلا عذر فقد بطل اعتكافه بالاجماع
وأما شروطه :
الأول : الإسلام
الثاني : العقل
الثالث : التمييز
الرابع : الصوم ، وفيه خلاف والصواب أنه لا يشترط لعموم الآية
الخامس : أن يكون في مسجد ، ويجب أن يكون مسجد جماعة ، لأن صلاة الجماعة واجبة ، و لئلا يكثر الخروج ويستحب كونه مسجد جمعة
السادس : أن لا يجب عليه غسل
المسألة الرابعة : أقل الاعتكاف :
في أقل الاعتكاف خلاف بين العلماء لكن الراجح إن شاء الله أنه يوم أو ليلة لحديث ( أن عمر سال النبي صلى الله عليه وسلم فقال : نذرت في الجاهلية أن اعتكف ليلة – وفي رواية يوماً- بالمسجد الحرام
فقال " أوف بنذرك" رواه الشيخان
ومعلوم ان اليوم والليلة يتمايزان في الوقت والتسمية
المسألة الخامسة : وقت دخول المعتكف :
فيه خلاف بين العلماء والصواب أنه يدخل قبل الغروب لأمور
أ – لأن ليالي العشر ترجى فيها ليلة القدر فإن دخل بعد الصبح تكون قد فاتته ليلة من الليالي المرجوة .
ب – لأن هذه العشر تدخل بغروب الشمس ، فيدخل المعتكف قبل الغروب
هذا هو قول الجهمور ، وأجابوا عن حديث عائشة ( ان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح دخل معتكفه ) رواه مسلم
أجابوا عنه : أن المراد بالمعتكف هنا معتكفه الخاص وهو الخباء
المسألة السادسة : وقت خروج المعتكف :
قيل : لا يخرج من معتكفه إلا لصلاة العيد ، نقله الامام مالك – رحمه الله – عن بعض السلف في الموطأ صـ 209-210
وقيل : يخرج بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان
المسألة السابعة : أقسام خروج المعتكف :
إذا خرج المعتكف من المسجد فلا يخلو الخروج من :ـ
أ – أن يخرج لما له بد شرعاً كصلاة الجمعة أو حساً كقضاء الحاجة ، فهذا الخروج جائز ولا يفسد الصوم ،لأنه مأذون به شرعاً وما رتب على المأذون فغير مضمون
ب – أن يخرج لطاعة لا تجب عليه مثل عيادة المريض وشهود الجنازة ، ففيه خلاف والصواب جوازه إذا اشترط ذلك لأن الاشتراط في العبادة وارد في الشرع كما في حديث ضباعة بنت الزبير في الحج
جـ - أن يخرج لأمر ينافي الاعتكاف كالبيع والشراء وجماع الأهل ونحوه فهذا لا يصح ويبطل الاعتكاف
المسألة الثامنة : مبطلات الاعتكاف :
أ – الخروج بلا عذر وتقدم .
ب – الجماع ، لللآية فالمراد بالمباشرة هو الجماع كما ورد عن ابن عباس .
جـ - الإنزال سواء بالمباشرة أو باليد أو بتكرار النظر .
د – الردة ، نسأل الله العافية .
المسألة العاشرة : المستحبات للمعتكف :
أ – أن يأخذ معه ما يحتاجه كما ورد عن الصحابة .
ب – أن يقلل من النوم .
جـ - أن يشتغل بالعبادات المحضة أو المعتدية إن كان فيها صلاح لقلبه .
د ـ أن يجتنب فضول الكلام .
فهذه فوائد جمعتها ** من كتب اهل العلم قد حصلتها
جزاهم المولى عظيم الأجر** والعفو مع غفرانه والبرِ
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد