عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ قَال: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ:
بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.
ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ".
وَكَانَ أَبَانُ قَدْ أَصَابَهُ طَرَفُ فَالِجٍ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ،
فَقَالَ لَهُ أَبَانُ: مَا تَنْظُرُ أَمَا إِنَّ الْحَدِيثَ كَمَا حَدَّثْتُكَ وَلَكِنِّي لَمْ أَقُلْهُ يَوْمَئِذٍ لِيُمْضِيَ اللَّهُ عَلَيَّ قَدَرَهُ.
رواه الترمذي في سننه (3388)،وصحح إسناده الألباني في صحيح الكلم الطيب(23)، وقال عنه حسن صحيح في صحيح سنن الترمذي (3388).
يقول العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي".
" مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ ": أَيْ فِي أَوَائِلِهِمَا . قَالَ فِي الْقَامُوسِ : الصُّبْحُ الْفَجْرُ أَوْ أَوَّلُ النَّهَارِ وَهُوَ الصَّبِيحَةُ وَالصَّبَاحُ وَالْإِصْبَاحُ وَالْمُصْبِحُ وَالْمَسَاءُ ضِدُّ الصَّبَاحِ.
" بِسْمِ اللَّهِ ": أَيْ أَسْتَعِينُ أَوْ أَتَحَفَّظُ مِنْ كُلِّ مُؤْذٍ بِاسْمِ اللَّهِ.
" الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ ": أَيْ مَعَ ذِكْرِهِ بِاعْتِقَادٍ حَسَنٍ وَنِيَّةٍ خَالِصَةٍ.
" وَلَا فِي السَّمَاءِ ": أَيْ مِنَ الْبَلَاءِ النَّازِلِ مِنْهَا.
" وَهُوَ السَّمِيعُ ": أَيْ بِأَقْوَالِنَا.
" الْعَلِيمُ ": أَيْ بِأَحْوَالِنَا .
" فَيَضُرَّهُ شَيْءٌ ": بِالنَّصْبِ جَوَابُ " مَا مِنْ عَبْدٍ " ، قَالَ الطِّيبِيُّ : وَبِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى " يَقُولُ " عَلَى أَنَّ الْفَاءَ هُنَا كَهِيَ فِي قَوْلِهِ : لَا يَمُوتُ لِمُؤْمِنٍ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَتَمَسُّهُ النَّارُ أَيْ لَا يَجْتَمِعُ هَذَا الْقَوْلُ مَعَ الْمَضَرَّةِ كَمَا لَا يَجْتَمِعُ مَسُّ النَّارِ مَعَ مَوْتِ ثَلَاثَةٍ مِنَ الْوَلَدِ بِشَرْطِهِ.
( وَكَانَ أَبَانٌ ): بِالْوَجْهَيْنِ.
( قَدْ أَصَابَهُ طَرَفُ فَالَجٍ ): أَيْ نَوْعٌ مِنْهُ وَهُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ اسْتِرْخَاءٌ لِأَحَدِ شِقَّيِ الْبَدَنِ لِانْصِبَابِ خَلْطٍ بَلْغَمِيٍّ تَنْسَدُّ مِنْهُ مَسَالِكُ الرُّوحِ.
( فَجَعَلَ الرَّجُلُ ): أَيِ الْمُسْتَمِعُ.
( يَنْظُرُ إِلَيْهِ ): أَيْ إِلَى أَبَانٍ تَعَجُّبًا.
( مَا تَنْظُرُ ): زَادَ أَبُو دَاوُدَ : إِلَيَّ ، قَالَ الطِّيبِيُّ : مَا هُنَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ وَصِلَتُهَا مَحْذُوفَةٌ وَ " تَنْظُرُ إِلَيَّ " حَالٌ أَيْ مَا لَكَ تَنْظُرُ إِلَيَّ.
( أَمَا ): لِلتَّنْبِيهِ وَقِيلَ بِمَعْنَى حَقًّا.
( وَلَكِنِّي لَمْ أَقُلْهُ ): أَيْ مَا قَدَّرَ اللَّهُ لِي أَنْ أَقُولَهُ.
( يَوْمَئِذٍ لِيُمْضِيَ اللَّهُ عَلَيَّ قَدَرَهُ ): بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ مُقَدَّرَهُ ، قَالَ الطِّيبِيُّ : قَوْلُهُ لِيُمْضِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْقَوْلِ وَلَيْسَ بِغَرَضٍ لَهُ كَمَا فِي قَعَدْتُ عَنِ الْحَرْبِ حِينًا ، وَقِيلَ اللَّامُ فِيهِ لِلْعَاقِبَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ :
لِدُوا لِلْمَوْتِ وَابْنُوا لِلْخَرَابِ
، ذَكَرَهُ الْقَارِي ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ : فَجَعَلَ الرَّجُلُ الَّذِي سَمِعَ مِنْهُ الْحَدِيثَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ : مَا لَكَ تَنْظُرُ إِلَيَّ فَوَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ عَلَى عُثْمَانَ وَلَا كَذَبَ عُثْمَانُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنَّ الْيَوْمَ الَّذِي أَصَابَنِي فِيهِ مَا أَصَابَنِي غَضِبْتُ فَنَسِيتُ أَنْ أَقُولَهَا . قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ ) وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو دَاوُدَ ، وَفِي رِوَايَتِهِ : لَمْ تُصِبْهُ فُجَاءَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ لَمْ تُصِبْهُ فُجَاءَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ .