من أعظم آداب العلم
أن يكون مجاهدا نفسه في الإخلاص لله -جل وعلا-،
وفي أنه يكون ذا نية صحيحة في العلم، فالعلم عبادة،
ولايقبل إلا بنية صالحة، وبإخلاص لله -جل وعلا-
كما قال نبينا -عليه الصلاة والسلام-( إنما الأعمال بالنيات،وإنما لكل امرئ ما نوى )
فكل امرئ له ما نواه،فإذا كانت نيته صالحة فإن عمله يكون عبادة مع توفر الشرائط الأخرى وانتفاء الموانع؛
لهذا من أعظم أسباب البركة في العلم أن تكون نيتك صالحة في العلم.
ومعنى النية في العلم: أن تنوي رفع الجهل عن نفسك بما تتعلم،
فالجاهل هو الذي يقول: العلم معروف، والأحكام معروفة والحمد لله،
العقيدة معروفة، هذا كلام جهلة.
وأما الذي أخذ طرفا من العلم فإنه كما قال عمر: "من قال أنا عالم فهو جاهل".
يعلم أن العلم واسع كثير؛ ولهذا يصعب تحصيله في وقت قصير، بل وقت تحصيل العلم العمر كله،
وقت تحصيل العلم عمرك كله من أوله إلى آخره.
ولهذا جاء: "اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد".
قال العلماء: النية في طلب العلم تأتي مع العلم، كما قال طائفة من أئمة الحديث: طلبنا العلم وليس لنا فيه نية، ثم جاءت النية بعد؛
لأنه لما تعلم العلم علم أنه لا بد أن ينوي فيه نية صالحة، وأن يتقرب به إلى الله فنوى بعد أن تعلم.
وقال آخرون من أئمة أهل الحديث:
"طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله" يعني: أنهم حين طلبوه طلبوه لنوايا، قد تكون منافسة،
وقد تكون مجاملة، وقد تكون، وقد تكون،
لكنه أبى أن يكون إلا لله؛ لأن العبد الذي يريد رضا ربه -جل وعلا- إذا حضر العلم وسمع كلام الله -جل وعلا-
وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم
وعلم معنى كلام الله وكلام رسوله فإنه لن يفر من الله إلا إلى الله -جل وعلا-؛
لتصحيح النية وتصحيح القلب، وإسلام الوجه والنفس لله -جل وعلا- وحده.
[glow=FF0000]فإذًا النية الصالحة في العلم أن تنوي رفع الجهل عن نفسك، ثم أن تنوي رفع الجهل عن غيرك، [/glow]
فمن استقام له هذان الأمران أو الأول منهما فهو على نية صالحة في العلم فيرجى له القبول.
ذا القصد وهذه النية تنفعك كثيرا إذا استحضرتها في العلم،
وطالما نفعت غيرك في أنك إذا نويت رفع الجهل عن نفسك فإنك ستستحضر دائما أنك تجهل أشياء كثيرة،
تجهل أشياء كثيرة في العقيدة، تجهل أشياء كثيرة في التوحيد، تجهل أشياء كثيرة في معنى كلام الله في القرآن،
معنى كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- في العبادات في المعاملات،
العلم واسع فإذا أحسست بأنك تجهل كثيرا، وأنك تنوي وتجاهد على رفع الجهل عن نفسك
فإنك ستجتهد أكثر وأكثر في طلب العلم وفي حفظه وفي مدارسته.
صالح آل الشيخ/ شرح كتاب الطهارة من بلوغ المرام.