الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
  1. الصورة الرمزية off said

    off said تقول:

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انتهى الحج. وبقيت روائع دروسه


    عطّر الحجاجُ قلوبَهم بعبير السماء ،

    في أيامهم المباركة هذه ، وشهدوا مشاهد زاحمتهم فيها الملائكة ،

    وتباهى بهم الله جل في علاه ،

    وطابت بتكبيراتهم أنفاس الحياة ..
    وانقضت أيام الحج ، ولكن دروسه الرائعة لم تنقضِ ،

    وما أكثر هذه الدروس ، وما أروعها ، وما أبركها ،

    لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ..
    ولقد صدق والله من ذهب إلى أن الحج مدرسة تربوية فريدة متميزة ..
    ولسنا هنا بصدد تعداد دروس الحج ، فإنها كثيرة ،

    لكن _ من وجهة نظري الشخصية _ هناك درس يأتي

    في مقدمة هذه الدروس ، وهو أقواها وأجلاها وأروعها ،

    وعنه تتشقق دروس من وراء دروس ..
    هذا الدرس الذي سنتوقف عنده اليوم ، يحتاجه كل منا حيث هو ،

    ويلزم كل منا أينما كان ، ولابد من أن نعززه في قلوبنا ،

    ونلزم أنفسنا به ، فإنه ( درس القمة ) ..

    ويلاحظ أن هذا الدرس يتكرر كثيرا في مشاهد الحج المختلفة ..

    وكأن تكراره يؤكد مدى أهميته ، وضرورة تذكره والتذكير به ..
    هذا الدرس هو درس (التسليم المطلق ) لله سبحانه وتعالى ..
    وسأسوق الموضوع في صورة مشاهد ...

    واسأل الله أن يعين ويوفق ويبارك ..
    فلنتابع القصة من أولها ..وعلى بركة الله نمضي.. وبه نستعين :
    المشهد الأول :
    هذا إبراهيمُ الخليل عليه السلام ، يرزقه اللهُ بطفلٍ

    بعد أن تجاوز الثمانين _ كما روي _

    جاءه على شوق ، اشد من شوق الأرض العطشى لقطر السماء ،

    وتعلق قلب الأب الشيخ بفلذة كبده ، وهفت إليه نفسه الظمأى ،

    وحنت روحه إلى أن يضم صغيره إليه ،

    ليلقنه أنوار السماء التي يتلقاه هو عن طريق الوحي ..
    لكن الفرحة لم تتم ..!!
    وجاء في أعقاب المسرة لون من البلاء ،

    لا يطيقه إلا أمثال هذا الجبل الشامخ ، إبراهيم عليه السلام ،

    جاءه وحي السماء أن يحمل هذا الرضيع الحبيب ،

    فلذة الكبد ، وحبة الفؤاد ، هو وأمه إلى خارج بلده الذي هو فيه ؟؟
    إلى أين يا رب ..!؟
    إلى وادٍ غير ذي زرعٍ !!!

    أرض جرداء ، لا زرع فيها ولا ماء ..!!

    رمال يبتلع بعضها بعضا ..!!
    فلم يجزع القلب الكبير ، ولم يتلجج ، ولم يتردد ،

    ولم يراجع ، ولم يتوقف ، ولم يحاجج ،

    ولم يُعمِل عقله ، لأن إعمال العقل هنا لا مكان له ،

    إعمال العقل أمام الوحي الصريح ، إعمال في غير المكان الصحيح ..!!
    بل لبى طائعاً ، ونفذ مستسلماً ، لسبب بسيط ، لكنه أعمق من غور البحر ..
    لم يجد بد من أن يكون في دائرة ( التسليم المطلق ) لله الآمر ..

    بلا كلام ، ولا جدال ، ولا تردد ، ولا تحرج ، ولا تلعثم ،

    ولا شيء من حرج في الصدر ..
    السبب ...

    أنه على تمام الثقة أن ربه هو الأعلم بما يصلح وما لا يصلح ،

    وهو الحكيم الذي يضع كل شيء في مكانه دون أي خلل مهما دق ..
    ولذا لم يفكر حتى أن يسأل :
    لماذا يا رب ؟؟ وكيف ؟؟ وهل ؟؟ وهلا ؟؟ وما الحكمة ؟؟
    لا مكان لهذه الأسئلة في هذا القلب الكبير ، المشتعل بمحبة الله ،

    المستضيئ بنور الله .
    هذه الأسئلة وأمثالها قد تجد لها موضعا في قلوب أخرى

    غير قلب إبراهيم وأمثاله ممن أضاء الله بصيرتهم ..
    وحمل الشيخ الكبير صاحب القلب الكبير فلذة كبده الرضيع في حضنه ،

    وإلى جانبه تسير زوجه الحبيبة ، وعلى ظهره زاد الرحلة الطويلة الشاقة ،

    وأخذ يقطع القفار ، ويطوي الأرض ، ويمضي الأيام والليالي ،

    والأسابيع ، وهو ماضٍ حيث رسم الله له أن يمضي ،

    وسط هذه الرمال الصفراء التي تغطي الأفق من حوله في جميع الجهات ..
    حتى إذا وصل إلى المكان المقصود ، التفت هنا وهاهنا

    ، فلم ير سوى رمال تشهد لله بالوحدانية ، لا نبتة فيها ، ولا قطرة ماء ،

    ولا أنيس ، ولا جليس ، وليس سوى وحشةٍ ، وصمت كصمت المقبرة ..!
    المشهد الثاني :

    فلما أدار الشيخ الجليل ظهره ، وولى وجهه شطر بلده الذي جاء منه ،

    وقد تقاطرت دموعه ، إن القلب ليحزن ، وإن العين لتدمع ،

    ولكنا لا نقول إلا ما يرضي الرب سبحانه ..
    تعلقت به المرأة الصالحة النقية التقية ، والزوجة المحبة ،

    والأم الوالهة ، تعلقت به تسأله في جزع : لمن تتركنا هاهنا يا إبراهيم !؟

    وكأني بكلماتها ترتجف على شفتيها كما يرتجف جسدها ..!
    فلم يجب ، لأن الأمر فوق وصف الواصف ،

    وكررت السؤال ، وكرر الصمت ، وكأنما انتبهت للخطأ الذي وقعت فيه ،

    فبادرت إلى تغيير السؤال بالكلية ،

    فإذا هو سؤال واضح محدد مبين : أالله أمرك بهذا ؟
    هنا المحك ..!! هنا بيت القصيد ..!!

    سؤال يفصل في القضية فصلا نهائياً ..

    ويضع نقطة الخاتمة في نهاية القصة ..!
    هل ما تفعله يا إبراهيم وحي من الله أمرك به ..؟
    فهز الشيخ رأسه بالإيجاب ،

    وقلبه يعتمل بألوان من المشاعر لا يعلمها إلا الله ،
    فلما أيقنت أنه الوحي ... رفعت راية ( التسليم المطلق ) ...

    وقالت في ثقة عجيبة مبهرة : إذن ... امضِ فإن الله لن يضيعنا ...!!
    ما دمت تنفذ وحي السماء ، فقد نفضتُ يدي منك ،

    ولا مكان للتعلق بك ، ولا محل لسؤالك لمَ ، وكيف ، وهل ، وهلا

    ، وما الحكمة ، ولماذا ؟؟ الخ
    أمثال هذه الأسئلة لا تجد لها محلا أمام نص وحي صريح ..
    ليس سوى التسليم المطلق .. حتى لو كرهت النفس وشق عليها ذلك ..
    لكن هؤلاء المتميزين يسلمون تسليما ،

    ولا يجدون في قلوبهم أدنى حرج ..

    كل ذلك لثقتهم العظيمة والقوية بالله جل جلاله ..

    ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ

    ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً. ) ...

    لم تصرخ المرأة الصالحة في وجه زوجها الحبيب ،

    وهي تراه يرميها في وسط صحراء قاحلة ، ليس فيها بصيص لحياة ،

    لم تولول ، لم تسب ، لم تلعن اليوم الذي والذي ..!!
    لم تتهم زوجته الأخرى أنها وراء هذا كله ،

    لم تسمح لدموعها أن تجري شلالات استرحاماً واستعطافاً .لم . ولم , ولم ...
    بل هو التسليم المطلق الذي يهز القلب هزاً عنيفاً ..
    فلله درها .. !! أية امرأة عظيمة هذه ..!!
    [align=center][/align]
     
  2. الصورة الرمزية سنا البرق

    سنا البرق تقول:

    افتراضي

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    أخي الكريم : off said.

    جزاك الله خيراً على هذه الدروس التي تفيد التسليم المطلق لله عزوجل, ومن أروع الدروس التي يجب أن يتعلمها الإنسان من قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن قوة تعلقه بالله عزوجل ودعاؤه, حيث دعى الله عزوجل عندما وضع زوجته وأبنه في أرض غير ذي زرع فقال :

    ( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) .
    (ابراهيم:37)

    فأستجاب الله له هذه الدعاء , لأن الله قريب من عباده المخلصين يستجيب دعاؤهم إذا توجهوا إليه وسألوه , وإلي وقتنا الحاضر إذا ذهبت إلي مكةالمكرمة , وجدت ممـــــــالذ وطاب من الثمرات , ووجدت أفئدة من الناس تأتي سنوياً للحج والتجارة وأيضاً للإقامة! فسبحان الله العظيم .