إن أعظم خدمة يا شباب تقدمونها اليوم لدين الله ولبلدكم
أن تبدعوا، أن تعملوا، أن تنتجوا، أن تكونوا قادة وسادة
أن تتحركوا لتديروا دفة التوجيه والعمل في بلدكم
فسلنا أقل من شباب أوربا ولا من شباب اليابان ولا من شباب أمريكا
بل أنتم الأطهار
أنتم المتوضئون
أنتم الموحدون
أنتم المتبعون للنبي محمد صلى الله عليه وسلم
ينبغي أن نكون على مستوى هذا الدين ثم على مستوى وقدر ومكانة مصر
فمصر كنانة الله في أرضه
الذي أوصى بها وأهلها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
كما في صحيح مسلم من حديث أبي ذر [إنكم ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحما]
فلنحدد الهدف من حواراتنا الكثيرة
هل الهدف أن نثير البلبلة ؟
أم الهدف أن نصل للحق
وأن ننهض ببلدنا من كبوتها
وأن نخرج مع بلدنا من هذه الأزمة الحالكة
لو حددنا الهدف لتحددت الكلمات
وكانت الكلمات وقورة مهذبة مؤدبة صريحة واضحة صادقة
فالمرحلة يا أحبابي لا تحتمل الاتيكيت الفكري
ولا تحتمل بما يُعرف بدبلوماسية الحوار
بل يجب أن يكون المتحاورون من الصدق بمكان ومن الصراحة والوضوح بمكان
لنقف على أرض صلبة ولنقدم لبلدنا رؤية واضحة
ثم!
احترام المحاور واحترام رأي المخالف
لا ينبغي على الإطلاق أن أحقر رأيك ولا يجوز لك أيضاً أن تنتهك حرمة رأيي
فلتتحدث ويجب على أن أسمعك
ولأتحدث ويجب عليك أن تسمعني
حتى ولو كان المحاور مخالفا لك في الدين مخالفا لك في المعتقد مخالفاً لك في المنهج
اسمع!!
نعم اسمع!!
ألم يعلمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم هذا الأدب الراقي حين جاءه رجل مشرك كافر أصلي
يقال له عتبة ابن ربيعة أبو الوليد والحديث رواه الحاكم والبيهقي وصححه الحاكم على شرط الشيخين وأقر الحاكم الذهبي وحسنه الألباني
حين جاء عتبة ابن ربيعة إلى الحبيب النبي وقال له :
[يا ابن أخي إنك منا حيث قد علمت من السطة في العشيرة والمكان في النسب
وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم سفهت به أحلامهم وعبت به من مضى من آبائهم وفرقت به جماعتهم]
اتهامات صريحة ، اتهامات واضحة
لم يغضب رسول الله ولم ينفعل ولم يتشنج
ولم يوقف عتبة سيل اتهاماته
وإنما تركه وواصل عتبه قوله فقال : (وإني جئت أعرض عليك أموراً فاسمع مني
لعلك تقبل بعضها)
فقال المصطفى:[قل يا أبا الوليد اسمع]
[قل يا أبا الوليد اسمع]
ما هذا الأدب !!
لم يقل : قل يا عتبة
لأ [قل يا أبا الوليد]
لم يقل لن أسمعك فأنت رجل مشرك وأنت كافر أصلي
جئت تهددني يا عتبة بكلامك التافه هذا؟
لا والله
والله ما قال الحبيب كلمة من هذه
وإنما قال :[قل يا أبا الوليد اسمع]
(فقال : إن كنت تريد بهذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تصير أكثرنا مالاً)
دي رشوة صريحة
حنديلك اللي انت عاوزة بس تخلى عن هذه الدعوة وعن هذا الدين
هل قال له النبي : يا عتبة جئت لتشتريني بمالك؟
هل الطلب النبي من الصحابة أن يقبضوا على عتبة وأن يصوروا هذه الرشوة الخطيرة؟
(قال له : إن كنت تريد بهذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تصير أكثرنا مالاً
وإن كنت تريد بهذا الأمر شرفاً سودناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك) أي جعلناك سيداً (حتى لا نقطع أمراً دونك وأن كنت تريد بهذا الأمر مُلكاً ملكناك علينا وإن كان الذي يأتيك رئياً تراه من الجن ) هذه أيضاً خطيرة لا يقبلها أحد!
(وإن كان الذي يأتيك رئياً تراه من الجن بذلنا أموالنا في الطب حتى تبرأ)
فقال له من علم الدنيا الأدب
[أو قد فرغت يا أبا الوليد]؟
انظروا إلى أدب الحوار وإلى أدب المحاور
[أو قد فرغت يا أبا الوليد]؟
هل أنهيت عرض قضيتك كاملة
قال (نعم)
قال: [ فاسمع مني ]
قال : (قل اسمع)
والله ما زاد النبي على قراءة آيات من صدر سورة فصلت
{حم (1) تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (4) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (5) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِيأَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنبَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ(6) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ}
واسترسل النبي في التلاوة وأرجوا أن تتخيلوا جمال وجلال القرآن حين يتلوه النبي عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام إلى أن بلغ سيدنا رسول الله آية السجدة {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُوَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلالِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُتَعْبُدُونَ (37) فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ (38)}
وخر النبي ساجداً لله جل وعلا ثم رفع رأسه ونظر إلى عتبة بن ربيعة وقال : [ها أنت قد سمعت يا أبا الوليد فاصنع ما بدا لك]
أيها الشباب انظروا إلى عتبة بماذا رجع؟
رجع ينافح عن هذا الحق!
رجع يدافع عن هذا الصدق الأبلج
أخاطب شبابنا الآن لنتعلم هذا الأدب ممن علم الدنيا الأدب
أعداء الإسلام الآن يترصدون لكل مسلم
فضلاً عن كل عالم أو داع إلى الله
ماذا يقول وبماذا يتكلم ليلتقطوا هذا القول
ولينفخوا فيه ليجعلوا من هذا الخطأ الذي زل فيه محمد حسان أو غيره
ليجعلوا من هذا الخطأ قطبة ضخمة جدا ليثيروا الشكوك والفتنة والفزع والخوف والرعب
من الإسلام في صورة المنتسبين إليه والمتحدثين به
تدبروا هذا
الهدف هو الإسلام
لكن!
لا يجرؤ الكثيرون أن يطعنوا في الإسلام طعناً صريحاً
فكيف السبيل يطعن في من يتحدثون بالإسلام
وأنا أقول لا يتحدث أحد باسم الإسلام ويقول أنا الإسلام
لا
لا يجرؤ داعي ولا عالم أن يقول أنا الإسلام
لا
بل لا يوجد مخلوق على وجه الأرض حجة على الإسلام إلا المصطفى
فأنا يؤخذ من قولي ويُرد علي وأكبر مني يؤخذ من قوله ويُرد عليه
كل عالم بل وكل صحابي وكل أحد يؤخذ من قوله ما وافق الحق بدليلة
ويُرد عليه ما خالف فيه الحق بدليله
أما سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الذي يؤخذ قوله ولا يُرد عليه
لقول ربنا جل وعلا : {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5)}النجم
فرد القرءان ورد السنة كفر باتفاق الأمة
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًاأَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُفَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا(36)} الأحزاب
يتبع بإذن الله