الدين هناك عبادات ومعاملات وأخلاق، والعلمنة لما هو ديني ليست هي فصل الدين عن الدولة أو فصله عن الحياة اليومية وحسب، بل قد تأخذ العلمنة شكل إدخال البعد المادي الدنيوي في الأخلاق والعبادات، وتحويل العبادات نفسها عن مقاصدها وغاياتها التي تخدم الرؤية الإسلامية لتنقلب في النهاية لخدمة نظم الحياة غير الإسلامية، فتكون ممارسة الفرائض الدينية في ظاهرها مستمرة وتامة، لكن في الحقيقة تخضع لعلمنة متدرجة ما تلبث أن تصبح قوية وفاصلة.
وينطبق هذا على رمضان؛ إذ أنه الشهر الذي فرض علينا الله فيه الصيام، وسن لنا الرسول صلى الله عليه وسلم فيه القيام، وغايته الكبرى هي ربط المسلم في علاقة إيمانية بربه بالعبادة والذكر وبإخوانه في المجتمع بالتكافل والبر، لكن قد تحول إلى مناسبة إعلامية إعلانية يصرف فيها التلفاز والقنوات الفضائية الناس عن العبادة، ويزيد فيها استهلاكنا من الطعام نوعاً وكمًّا، ويتحول فيها السوق الإسلامي لسوق مروجة للبضائع الأجنبية التي تحاول تسويق إنتاجها بتوفير سلع "رمضانية"،
مروراً بالعروض الخاصة للسحور في فروع المطاعم الأمريكية للوجبات السريعة، وانتهاءً بملابس العيد المخفضة في بيوت الأزياء العالمية المختلفة .. حتى العادات الرمضانية الشعبية كالسهر والسمر في الأماكن الشعبية قد تحولت في بلدان كثيرة إلى سهرات فندقية تدخن فيها النرجيلة (الشيشة)، ـــــــــ وتقرا تلك االقائمة في اعلامنا الموقر باسم الفنانينين الصالحين والصالحات ـ الخيمة الرمضانية ـ
.
وللتأمل في علمنة رمضان وكيف تحول تدريجيًا إلى هذه "العلمنة" بكل أبعادها نطرح المحاور التالية للنقاش:
إلى أي مدى تمت علمنة الشعائر لكل من جوانب العبادات والمعاملات والأخلاق في مجتمعاتنا ؟
هل تتفاوت درجة العلمنة بين الدول الإسلامية ؟
ما أثر العلمنة على رمضان باتجاه خدمة النظام العالمي في مجالات المعاملات والأخلاق؟
ما هي مظاهر علمنة رمضان؟ وما الذي يمكن تلافيه منها هذا العام وبشكل بسيط ومتاح للمسلم العادي؟
المقالة مختارة لاحدهم بتصرف