خواطر في طريق الاستقامة
عطاء " أم معاذ "
(1)
عبارة تتردد في سماء فكري المتعب ,كلما شعرت ببوادر عاصفة منذرةبهبوب..تستحق مني أن أتهيأ لها وأستعد ببذل مزيد جهد حتى لاأسقط فلا أجد من يمد لي يد عون..أو أخشى من تلاعب شيطان في لحظة ضعف ليعبث ببقايا إيمان..!!
وكم هي تلك العواصف المنذرة بهبوب رياح في حياتنا!
إنّ المصيبة العظمى أن تكون ريحك التي تنذر باقتلاع بناء تهبُّ من الداخل !!ترى كم تحتاج لمعونة وحول وقوة تستدفع بها هذه الريح العاتية..!!!
كم نحن ضعفاء إن لم يرحمنا ربنا عزوجل..!!
وما أشدّ حاجتنا لله عزوجل وللطفه إذا تنكبنا في طريقنا الذي نسير فيه نريد بلوغ الهدف.بعد أن قطعنا مسافات شاسعة...
وحين تقترب جدران نفس لتخنق روح يفزع الجسد المنهك قياماً ليتذكر..في هذه اللحظة..كم نحن بحاجة لله...كم نحن بحاجةٍ لتوفيقه كم نحن بحاجة لهدايته...وكم نحن بحاجة أن نجأر له بالدعاء و مع كل نفس أن يهدينا صراطه المستقيم..والاهتداء له وسلوكه والاستقامة سيراً عليه والموت عليه غير مبدلين ولامغيرين...
(2)
تضيقُ النفسُ كثيراً حينماتنازعها شهوات نفس ٍ ملحّة تصرفها عن المقصود ,أو لمّا تعترضها مزعجات تشغل وتصدُّ وربما تلهي فيمضي زمان على النفس فتعتاد الضعف وتركن لدعة وكسل وتنشغل بما انشغل به القوم مما لايحسن حمله والاستثقال به في السير للدار الآخرة..
وحينما تتنبه النفس لذلك وتعلن تمرداً على حالٍ فيها اعوجاج ..قد تسلك
بالسائر أسباب سخط...يشتد الابتلاء فيعلن الشيطان حربه بإضعاف عزم وفت عضد عزيمة..وتقبل الدنيا بزينتها تتصور لهذه النفس تشوق وترغب
وتحسر..ويزداد همُّ النفس لتكالب العدو عليها ..فيتعثر خطوها..ويكثر
سقطها..فتارة تكون عوناً للعدو وتارة تكون هي العدو..وتارة تترك السائروقد أفرغت فيه سموم وهن فلا يستطيع سيراً..ويستثقل خطوه
وهو كذلك بين جراحات ذنوب..وتعثر في طريق..وسقوط يشارف على هلكة..وإقبال وإدبار..يتنفس القلب المكلوم من بين ثنايانفس مظلمة
تبحث عن نور..ليطلق عبارات رجاء((ترى أما آنَ لهذا الراكب أن يستريح))
(3)
تنخدع النفس كثيراً بعبارات مديح ٍ وثناء..تتخفف من عناء تعب
وجدته حين كانت تعمل وتجتهد ..تتفلت من نفس صاحبها
تنازعه روحه وتنطلق ببصر ٍ يمتد عبر الأفق لتفتش عن
همس ٍ بين اثنين لعلهما يتحدثان فيها
توهم صاحبها وهما فيعيشه حقيقة وتستشرف نفسه لحلاوة عاجلة..فيطلق بصره وتستوفز نفسه ليتخفف من عناء لاقاه بعرض
من الدنيل قليل..
هكذا هي نفوسنا بين إقبال ٍ وإدبار مع صاحبها تعده بفُتات
تجلبه له وربما جلبت له وهو لايشعر في غفلة الطمع ...
جمراً يغفل عنه فيحرق عمله كله..
وويحه وويح أمه إذا أتى يوم القيامة وقد أشقى
وأتعب نفسه بعمل ٍ مدخول..ينتظر الجزاء عليه ..
يرقبه جبالاً عظيمة تتطاير من حوله فيغدو هبــــــــــاءً..
نعم هبــــــــــــــاءً
أمضى العمر كله ليجمع هباءً..وليته ينجو من عاقبة الإثم!!!
وهكذا هي نفوسنا...يغرها العاجل ليعميها عن محاسبة
وإزراءٍ بنفس..
عادتها أن تبحث هنا وهناك عن مادحٍ يخفف عنها آلام السير
وتتزين بحلة مستعارة ظاهرة لا تحجب عن باطن العبد صقيع
الرياءوالتلون ..تستدفع عنها عبارات الذَّامِّين لها..لأنها حارقة
لبروز ٍ واعتلاء..ومثقلة لهموم
على النفس وجالبة لنكد..
(4)
وكلما مضت بي السنون ,أخط بحروف أحفرها على صخرة الفؤاد
العصيّ علامات استفهام ٍ كثيرة وكبيرة عند كل سقطة وعند كل زلة ٍ
عابثة..أو قد استقمتُ حقاً؟!
للمسقيمين طريق إذا ولجته شعت أنوار الصدق في وجهك تمد يداً
من شعاع النور تسلمك للطريق لتمضي سيراً على رمال ٍ ندية
بوابل دمع ٍ قد سقيت من ماء الصدق حتى لتضع قدمك على آثار أقدامهم فينتفض منك الفؤاد لحرارة الصدق
وقفت ُ في الطريق..وقد أبهرني صدقهم وأبكاني عجزي بينهم
ورأيتُ آثارهم
وغاب أثري
فقلت ُ لنفسي:
أو حقاً قد استقمتُ!!
(5)
ترى كم يحتاج منّا الطريق براهين صدق!!
رأيتهم ,ورأيت ُ نفسي معهم نرفعُ رايات الصدق على أول الطريق
نظنُ السير رايات ٍ براقة وشعارات ٍ خفاقة تخفق في قلوب الضعفاء أمثالي
وأمثالهم..
وماعلمت ًُ أنّ الضعف متمكن قد تجذر وضرب بطنب ٍ متينة في نفس ٍ
هشة داعي شهوة ..فأسرتُ أراوح ُ بين شهوة نفس ٍ وصوت همّة ٍ
يقلقني ,يبكيني على خور ٍ..
يلمع ُ سنا برقه في صحراء نفسي فأُراها جرداء,وأرى القوم قد سبقوا أوكادوا
فيابراهين الصدق
متى يلمع سنابرقك في قلبي ..فلاأحبس عن سير!!
منقول