سليمان الرومي
نحن نعيش في عصور غاضبة، فالغضب ميل غريزي، لا يمكن استئصاله والتخلص منه، ولكن بالاستطاعة ضبطه والسيطرة عليه، أقصد السيطرة الداخلية التي يقوم بها الولد نفسه، لا السيطرة الخارجية كسيطرة الأب الذي يمنع ابنه من إظهار الغضب بالقوة.إن كتمان الغضب على هذه الطريقة يؤدي إلى اضطراب وغليان وثورة تختفي في نفس الولد، وتسبب له الأمراض العصبية، لذلك كانت معالجته بحاجة إلى انتباه ودقة، وخير وسيلة للنجاة من الغضب، هي تقوية إرادة الطفل حتى يستطيع ضبط نفسه.
ولابد أن نعلم أن للغضب فوائد منها المحافظة على النفس، والمحافظة على الدين، والمحافظة على العرض، والمحافظة على الوطن الإسلامي من كيد المعتدين ومؤامرات المستعمرين، ولولا ظاهرة الغضب التي أودعها الله في الإنسان، لما ثار المسلم وغضب إذا انتهكت محارم الله، أو امتهن دينه، أو أراد عدو أن يغتصب أرضه ويستولي على بلاده، وهذا بلا شك ، من الغضب المحمود الذي كان مصاحبًا لفعله عليه الصلاة والسلام في بعض الحالات، فقد ثبت في الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام قد جاءه من يشفع في حد من حدود الله فغضب، وظهرت على وجهه علامات الغضب، وقال قولته الخالدة «... إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» صحيح البخاري
ويأمر القرآن الكريم المؤمنين والمؤمنات بكظم الغيظ، قال تعالى {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتيهي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} (فصلت:34)، وقال تعالى {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا} (الفرقان:63)، وقال جل شأنه {وإذا ما غضبوا هم يغفرون} (الشورى:37).
وصدق من قال: «درهم وقاية خير من قنطار علاج .