النصرة هي الغيرة الإيمانية التي تدفع المسلم لرفع الظلم عن أخيه المسلم
المستضعف ، أو لمد يد العون إليه ، وبقدر ما تمارس هذا الخلق في حياتك
اليومية تكون أقدر على الاستجابة لنداء داعي الجهاد لمنازلة البغاة أو الكافرين .
والنصرة ضريبة الأخوة الإيمانية ، والقائم بحق النصرة أو المتخاذل عنها
كل منهما يلقى ثمرة ذلك في الدنيا قبل الآخرة كما جاء في قوله صلى الله
عليه وسلم :
( ما من امرئ يخذل امرؤا مسلما عند موطن تُنتهك فيه حُرمته ، ويُنتقص فيه
من عرضه ، إلا خذله الله عز وجل في موطن يحب فيه نُصرته ، وما من امرئ
ينصر امرؤا مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه ، ويُنتهك فيه من حرمته
إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته )
وقال صلى الله عليه وسلم :
( انصر أخاك ظالما أو مظلوما ، فقال رجل :
يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما ، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره ؟
قال : تحجزه " أو تمنعه "من الظلم فإن ذلك نصره )
والقادر على النصرة لأخيه المسلم بكلمة أو شفاعة أو إشارة بخير ، إن لم يقدمها
مع قدرته على ذلك وهو يرى بعينه إذلال أخيه ، ألبسه الله لباس ذل أمام الخلق
يوم القيامة ، لتقصيره في نصرة أخيه ، ورفع الذل عنه ، وفي ذلك قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم :
( من أُذل عنده مؤمن فلم ينصره وهو قادر على أن ينصره أذله الله عز وجل
على رؤوس الخلائق يوم القيامة )
والنصرة هي حياة الدعوة لله لذلك لابد لكل دعوة من رجال متشبعين بخلق النصرة ،
وإلا فلن تكتب لها الحياة ، وأدناها النصرة بالمعونة ورفع المظالم ، وأعلاها النصرة
في الجهاد ، وحين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض دعوته في المواسم
بمنى كان يقول: ( من يؤويني ؟ من ينصرني )
وحين بويع بيعة العقبة اشترط النصرة ، فقال :
( وأسألكم لنفسي ولأصحابي أن تؤوونا ، وتنصرونا ، وتمنعونا مما منعتم منه
أنفسكم )
والله عز وجل قادر على أن ينصر رسوله صلى الله عليه وسلم ولكنه ترك للمؤمنين
حظا من النصرة يؤدونه ، ويُسألون عنه ويؤجرون عليه ، قال تعالى :
" هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين "
وقد اشترط رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجالسين على قارعة الطريق
أن يتحملوا ضريبة جلوسهم هذا ، وشهودهم لمواقف تقتضي منهم التدخل وأداء
الواجب ، فقال لهم :
( إن أبيتم إلا أن تجلسوا فاهدوا السبيل ، وردوا السلام ، وأعينوا المظلوم )
وأوجب صور النصرة ما يكون فيه دفع أذى من أمير أو ذي سلطان أو صاحب
سطوة ، لأن هؤلاء أذاهم شديد ، وناصحوهم قليل ، والمتملقون لهم كثير ،
فيضيع الحق في غمرة المجاملات والمداراة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم
يتبرأ ممن يعينهم على ظلمهم ، ولا ينصرهم على أنفسهم وأهوائهم بردعهم
عن الظلم ، وقد جاء هذا المعنى في قوله صلى الله عليه وسلم :
( إنه ستكون بعدي أُمراء ، من صدقهم بكذبهم ، وأعانهم على ظلمهم ، فليس مني
ولست منه ، وليس بوارد علي الحوض ، ومن لم يصدقهم بكذبهم ، ولم يعنهم
على ظلمهم فهو مني وأنا منه ، وهو وارد علي الحوض )
منقول