[FRAME="7 70"]
أيها الدعاة ... لا تفسدوا الأخوة
محمد العبدة
من أثمن ما يملكه المسلم في هذه الحياة الدنيا بعد الصلة بالله عقد الأخوة الإيمانية الذي عقده مع من يحبهم في الله ، وتعاهد معهم على العمل سوية في سبيل نصرة دين الله .
هذا العقد من أقوى الأسباب لمجابهة الصعاب والتحديات ، ولحل المشكلات التي تعترض الطريق ، وبه يشعر المسلم أنه ليس وحيداً ، فهناك من يشد أزره ويضع يده على يده ، غير أن هذه الأخوة قد تعكر صفوها هنات وهزات ، هي صغيرة ولكنها تكبر مع الأيام ويكبر أثرها ، فتنفر القلوب ، وتقع الوحشة وهذا مزلق خطير يجب على الأخ المسلم تجنبه فخسارة أخ لا يعوضها أي شيء .
إن كثرة العتاب وكثرة المماراة والجدل ، خاصة إذا شابها نية إظهار التميز وفضل العقل ، بل وكثرة المزاح ؛ من الأشياء التي تؤدي إلى الوحشة ، قال أصحاب طب القلوب : ( إذا قصَّر الأخ في حق أخيه فالواجب الاحتمال والعفو والصفح إلا إن كان بحيث يؤدي استمراره إلى القطيعة فالعتاب في السر خير من القطيعة ، والتعريض به خير من التصريح ، والمكاتبة خير من المشافهة ، والاحتمال خير من الكل ) .
إن الأخوة التي نحرص عليها كل الحرص ، ونعض عليها بالنواجذ خاصة في مثل هذه الأيام والظروف التي تمر بالمسلمين لها حقوق إذا قمنا بها فلعلها تستمر وتقوى ، ومن هذه الحقوق التفقد لأحواله والسؤال عن حاجاته ، قبل أن يضطر إلى طلب المساعدة والعون ، فهذا هو الأليق ، وهذا هو الذي يفرحه ويسره ، فإذا نسيت وسألك حاجته فبادر إلى قضائها ، وإذا لم تفعل هذا فكبّر على هذه الأخوة ، ومنها : الوفاء والثبات عليها ، فلا يذكره إلا بخير ، ويحفظ غيبته ، فلا يعرض به أمام الآخرين بأسلوب ظاهره الشفقة والنصح وباطنه الغيبة المحضة ، بل يجب عليه استحضار محاسن أخيه وحفظه في أسراره فلا يبثها للآخرين ، وبذلك لا يدع للشيطان مدخلاً : [ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَتِي هِيَ أَحْسَنُ ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ].
ومن حقوقها : ترك التكلف حتى لا يشعر الأخ أنه غريب عن أخيه ، ولا يلجئه إلى الاعتذار دائماً ، بسبب هفوة صغيرة ، وكلمة عابرة ، ويحاسبه على النقير والقطمير ، وليتذكر قول الشاعر : ولست بمستبق أخاً لا تلمه على شعث ، أي الرجال المهذب ؟ والأخوة الإيمانية أكبر من هذا ، فإذا أفسدتها ما نحن فيه من أنانية وضيق أفق ، وانشغال بصغائر الأمور أحياناً ، فيجب أن نعترف أنه ليس هاهنا أخوة ، بل كلمات خطابية جوفاء لا تسمن ولا تغني من جوع ، وما نحن فيه إنما هو مخالطة رسمية ، وصورة مشوهة عن أخلاق المسلمين الأوائل ، ومجاملات ليس لها أثر في العقل والدين .
المصدر
[/FRAME]