كتبه الشيخ الداعيه الدكتور محمد العريفي
في بداية سلوكي في طريق الدعوة.. دعيت لإلقاء محاضرة في إحدى القرى..
استقبلني المسئول عن الدعوة هناك.. ركبت سيارته.. كانت قديمة متهالكة.. تحدثت معه.. أخبرني أنه حديث عهد بزواج..
ثم اشتكى إليَّ من غلاء المهور في قريتهم.. حتى إنه لم يستطع أن يشتري سيارة جديدة.. أو على الأقل أحسن من سيارته..
دعوت له بالتوفيق.. ثم دخلت وألقيت المحاضرة.. وفي آخرها.. قرئت عليَّ الأسئلة.. وكان من بينها سؤال عن غلاء المهور..
ففرحت به وقلت : جاءك يا مهنا ما تتمنا!!
وانطلقت أتكلم عن غلاء المهور وتأثيره على الشباب والفتيات..
ثم ذكرت إن رسول الله عليه السلام ما زوج بناته بأكثر من خمسمائة درهم.. ثم رفعت صوتي قائلاً : يعني بناتكم أحسن من بنات النبي عليه السلام ؟!!
فصرخ رجل مُسن من طرف الصف قائلاً : إيش فيهم بناتنا ؟ فثار آخر وقال : يتكلم على بناتنا!! ونهض الثالث جاثياً على ركبتيه وقال : أوووه تتكلم على بناتنا ؟!
كنت في حال لا أحسد عليه.. وكنت في أوائل طريق الدعوة.. وحديث التخرج من الجامعة..
بقيت ساكتاً لم أنبس ببنت شفة.. نظرت إلى الأول لما تكلم وتبسمت.. فلما تكلم الثاني.. نظرت إليه أيضاً وتبسمت.. وكذلك الثالث..
كان بعض الشباب في آخر المسجد يتضاحكون.. وبعضهم قاموا وقوفاً ينظرون.. وكأني بهم يقولون : وقف حمار الشيخ في العقبة!!
لما رأوا هدوئي.. هدؤوا.. ثم قام أحدهم وقال : يا جماعة.. خلوا الشيخ يوضح قصده..
فسكتوا.. فشكرت له عمله.. ثم اعتذرت وأثنيت عليهم – وعلى بناتهم - ووضحت مرادي..
عند تعاملك مع الناس.. أنت في الحقيقة تصنع شخصيتك.. وتبني في عقولهم تصورات عنك.. يبنون على أساسها أساليب تعاملهم معك..
واحترامهم لك.. تأكد أن الأشجار الثابتة لا تقتلعها الرياح.. مهما اشتدت.. وإنما النصر صبر ساعة..
كلما زاد عقلك.. قل جهلك.. وإذا زاد قدرك.. قل غضبك..
كالبحر لا يحركه أي شيء.. ويا جبل ما تهزك ريح..
بل إنك لو استثارك شخص ما.. في مجلس.. أو بيت.. أو قناة فضائية.. أو محاضرة عامة..
فإنك إذا بقيت هادئاً لم تغضب ولم تثر.. مال الناس معك ضده..
كان أبو سفيان بن حرب مقبلاً بقافلة تجارة من الشام.. فخرج إليهم المسلمون لقتالهم..
ففر أبو سفيان بالقافلة.. وأرسل إلى قريش فخرجت بجيش عرمرم..
ووقعت معركة بدر بين المسلمين وقريش.. وانتصر المسلمون..
قتل من كفار قريش سبعون.. وأُسِر منهم سبعون..
رجع من تبقى من جيش قريش.. وهم جرحى.. وجوعى..
ثم وصل أبو سفيان بقافلته إلى مكة..