حينما وجدناها تطبخ فطورها على الفحم في رمضان !
في ليلة من الليالي الرمضانية أشعرني أحد الزملاء بأن أسرة في أحد الأحياء تعاني من الفقر وقلة الزاد والمئونة ، فاتجهت أنا وهو لذلك البيت الهش ، دخلنا البيت فإذا نحن نشاهد أسرة فراشها الإسمنت ولحافها سقف تذهب قيمته حينما يهطل المطر !
دخلنا إلى الغرف بعد استئذان ربة البيت بصحبة صغارها الأيتام وابنها الكبير ، فإذا نحن نجد بأن الشربة تفور على قطع من الفحم تأخذه العجوز من باقي الفحم في المنادي والمطاعم كل يوم في غرب المدينة بمسافة 10 كلم ..
تأثرنا كثيراً ، وتذكرنا بنعم الله علينا !
خرجنا من هذا البيت الذي يشكو من الفقر المؤلم "
وفي ليلة من الليالي قمت بعد صلاة العصر ، وأخبرت جيراني بحال هذا المنزل ! فتعجبوا ! ولعل أكثرهم لم يصدق !
لكن أحدهم طلبني أن يشاهد هذا البيت بأم عينيه !
قلت له لا بأس ..
فذهبنا .. وعندما دخلنا المنزل طلب مني أن نخرج لرائحة البيت وحاله المؤلم ..
قلت له لا ..
لا زم أن تتجول في غرف المنزل ..
قال لي : كفى كفى ..
وخرج وأعينه تفيض من الدمع ، ولسانه يلهج بالشكر والحمد على نعمة الله عليه ..
ثم قال لي : اسمع
قلت له : نعم
قال : أرجوا أن تنسى من حال هذه الأسرة ، سأؤثث بيتهم ومطبخهم ، وأجار المنزل علي حتى بعد مماتي ، وسأصرف عليهم كل شهر كما اصرف لعيالي ..
رجعت بعد شهر لهذا البيت فإذا بحالهم بفضل الله وجوده أفضل حال !
علمت بأن أسرة هذا الرجل يعودون هذه الأسرة الفقيرة باستمرار !
وبعد إحدى عشرة شهرا من رمضان جاءني خبر محزن ومؤلم ، وهو أن هذا الرجل أصيب بحادث مروري توفي فيه رحمه الله ..
هنيئا لهذا الرجل الذي بادر بكفالة هؤلاء الأيتام والإحسان إليهم وإعالتهم قبل وفاته ، وهنيئا له بذريته الطيبة التي طلبت بالمواصلة مع هذه الأسرة حتى يتحسن حالهم !
ومضة ..
ليتذكر الإنسان بقرب الأجل حتى لا يفتر عن بذل صالح العمل ..
دعاء ..
اللهم إنا نعوذ بك من سوء الختام ..
اللهم إنا نسألك حسن الختام يا عليم يا علام ..
يا رحيم .. يارؤوف .. يا مجيب .. نسألك أن تحشرنا في زمرة المتقين ..
بقلم : عبد الله بن سعيد
ياله من دين