كلام نفيس للعلامة السعدي في التحذير من المخذلين عن الجهاد
" كلام نفيس للعلامة السعدي في التحذير من المخذلين عن الجهاد "
قال الشيخ العلامة الرباني عبد الرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله - في رسالته النفيسة " واجب المسلمين " ( ص 13 - 15 ، ط الجزائر ) :
( ومما يجب على المؤمنين أن يحذروا غاية الحذر من المخذلين والمرجفين ، ومن المفسدين بينهم في السعي في الفتن ، والتفريق بينهم ؛ فإن هؤلاء أضر عليهم من العدو المحارب ، قال - تعالى - في وصف أمثال هؤلاء : ( لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم ) [ التوبة : 47 ] ؛ أي مستجيبون لهؤلاء المفسدين لا يفهمون مغزى مرادهم ، فيغترون بهم ، فتحصل الفرقة بين المؤمنين ، فعلى المؤمنين أن ينتبهوا لهؤلاء المفسدين .
وعلى المسلمين أيضا أن لا يجعلوا الاختلاف بينهم في الأقوال والمذاهب ، وفي الملك والسياسات والأغراض الشخصية حائلا يحول بينهم وبين تحقيق الأخوة الدينية والرابطة الإيمانية ، بل يجعلون الخلافات كلها والأغراض الجزئية تبعا لهذا الأصل الكبير ؛ لأن مصلحة ذلك كلية ، وما يطلبهم دينهم منهم من الوحدة والألفة ، وما يمنعهم منه من التفرق المفكك لوحدتهم وقوتهم يأتي على ذلك أجمع ، ويقدم على كل شيء ، فالمصالح الكلية تندرج فيها الأغراض الجزئية ، فمتى صار الغرض الوحيد : المصالح العامة ، تبعتها المصالح الخاصة .
وقال - تعالى - : ( لئن لم ينته المنافقون والذين في قولوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ) [ الأحزاب : 60 ] ، فهذه الآية وما أشبهها من الآيات بينت أن أمثال هؤلاء المرجفين ضررهم عظيم ، وشرهم مستطير ، وما أكثر وراثهم في هذه الأوقات التي اضطر المسلمون فيها إلى نصرة الأولياء ، حيث يوجد طائفة من الناس يثبطون عن الجهاد في سبيله ، ومقاومة الأعداء ، ويخدرون أعصابهم ، ويؤيسون المسلمين ، ويوهمونهم أن كل عمل يعملونه لا فائدة فيه ، فهؤلاء لا خير فيهم ؛ لا دين صحيح ولا مروءة ولا إنسانية ، ولا حمية قومية وطنية ، ومع ذلك فهم صاروا أضر على المسلمين من الأعداء ، فليعلم أمثال هؤلاء ومن يستجيب لهم أن الله لم يكلف المؤمنين إلا وسعهم وطاقتهم ، وأن لهم في رسول الله أسوة حسنة ) .
وقال - رحمه الله - أيضا ( ص 22 - 23 ) : ( وعلى أهل العلم من بيان فضل الجهاد ووجوهه ، وتبيين منافعه ومصالحه الضرورية ، وحض الناس على ذلك أعظم مما على غيرهم ، وعليهم أن يوضحوا للمسلمين أن جميع حركاتهم وسكناتهم ، وأقوالهم وأفعالهم ، ونفقاتهم المقوية للدين ، ودفع ضرر الأعداء كلها داخلة في هذا الواجب العظيم ، وأن يفهموهم أن الاختلاف في المذاهب ، والتباين في المشارب لا يمنع من اتفاقهم جميعا على هذا الأصل الذي يجمع قاصيهم لدانيهم ، وأن المصالح العامة الكلية مقدمة على الأغراض الجزئية ، والمنافع الشخصية ، وأن هذا العمل مصلح لدين المسلمين ودنايهم ، ثم على كل فرد أن يبدي مجهوده في نصرة الدين ، وتقوية المسلمين بما استطاع من نفقة أو قول ، وأن ينهض المسلمين ، ويقوي عزائمهم ويبعث هممهم ) .
الكاتب: ابن الخطاب الإماراتي