من قصص المغسلين ( د / علي جابر )بواسطة: أبو غانم
أرسلت في: 12-15-2005 @ 11:54 am
بسم الله الرحمن الرحيم
اليوم هو الثاني عشر من شهر ذي القعدة لعام 1426هـ
الساعة في تمام العاشرة مساء
جرس الجوال يعلن عن إستقباله رساله
ما الخبر
توفي الدكتور علي جابر وسيصلى عليه بعد صلاة العصر في مقابر الفيصليه
ماذا ؟؟؟؟؟؟
طامه
فاجعه
إمام الحرم
الذي كان يصدح بأعذب صوت في جنبات بيت الله العتيق لمدة تزيد عن السنوات التسع
إنا لله وإنا إليه راجعون
الحمد الله
اللهم أجرني في مصيبتي هذه وأخلفني خيراً منها
دعوت الله من كل قلبي أن يكرمني بتغسل الشيخ
ولكني
لا أعرفه و لا أعرف اين يرقد جسده الأن ولا أي معلومه
ومن خلال الإتصالات مع الاخوه
تبين ان الشيخ موجود في مستشفى خاص
وقد وافته المنيه في تمام الساعه التاسعه مساء
وهو الأن في ثلاجة المستشفى
وتم التنسيق مع ابنائه لنحضره للمغسلة
ولكنهم رفضوا بحجة ان كثير من الناس قد طلبوا هذا
وهم في حرج شديد
تأسفنا كثيراً
ودعونا للشيخ
ولكن إذا بفرج الله يأتي
وفي الساعة الثامنه صباحاً إذا بالبشارة
إبن الشيخ عبد الله يوافق على طلبنا
نسرع في إتجاه المستشفى
وإذا بالكادر الطبي كله قد تجمع بجانب الثلاجة ليشارك الجميع بنقل الشيخ
حملنا الشيخ
ونقلناه إلى المغسله
وبدأنا غسيله في التاسعه صباحاً
ابنه عبد الله
واحد المغسلين وانا
اسمعوا يا احبه
الشيخ مسجى على النعش
وقد تم إخراج كل من في الغرفة سوى ثلاثة
وكان رحمه الله عظيم الجسم
ووالله حملنه الثلاثه من النعش إلى طاولة الغسيل بكل سهولة
حتى أننا نظرنا إلى بعضنا متعجبين من هذه الخفه التي تناقض عظم جسده
ليست هنا العبره
ليست هنا العظه
عندما شرعنا في خلع ما عليه من ملابس
إذا بالجسد
وكأنه لم يدخل الثلاجة
جسده لم يكن بارداً ابداً
إنما بروده عاديه
بروده الميت الطبيعيه
ليست هنا العبره
ليست هنا العظه
عندما كشفنا الوجه إذا بالإبتسامه واضحه على وجه الشيخ
فقلت لولده عبد الله إنظر إلى الإبتسامه فدمعت عينيه تأثراً بما رأى
ليست هنا العبره
ليست هنا العظه
من خلال سنوات قضيتها في هذا العمل
ومن خلال الكثير والكثير من الحالات التي مرت علي
إذا مكث الجسد في الثلاجة لمدة تزيد عن ساعتين
فإنه يتصلب تماماً
بل أنك في بعض الأحيان قد ترى قطع ثلج على الجسد
حتى أنك إذا وضعت يدك على منطقة البطن يخيل إليك أنك قد وضعتها على لوح زجاج بارد
اليدين إلتصقت بالصدر
الرجلين تجمدت على حالها
ولا يمكن بأي حال من الأحوال تحريك أي طرف فيه
الشيخ مكث في الثلاجة
اثنى عشر ساعة
وعندما حركت يده
إذا بها تتحرك بكل سهولة وكأنه نائم
نظرت إلى مساعدي
فإذا به يشرع بتحريك اليد الثانيه
وهو ينظر إلي بتعجب
وإبنه عبد الله عند رأسه
سألته متى دخل الشيخ الثلاجة
قال يوم امس في التاسعه مساء
الله أكبر
قلتها بصوت عالي
قلت له إنها من أغرب الحالات التي مرت علينا
اثنى عشر ساعة في الثلاجة ولا أثر للبرودة على جسده
وأطرافه تتحرك بكل سهولة
دمعت عيني عبد الله مجدداً
ولكنه لم يكن لوحده هذه المره
لقد كانت دموعنا جميعاً قد خالطت وجناتنا
صلينا الظهر في الجامع
ثم حملنا الشيخ وتوجهنا صوب المكان الذي طالما تعلق قلبه به
المكان الذي طالما أما الناس فيه
المكان الذي عرفته الأمه أجمع من خلاله
إلى الحرم المكي الشريف
لن أخبركم عن تدافع الناس
لن أخبركم عن الجموع والمواكب التي تبعت سيارة الإسعاف
لن أخبركم كم استغرقنا في الطريق لشدة الزحام
لن أخبركم كم رأينا من دموع تسكب
وأكف ترفع
كلها تدعوا لفقيد الأمه
وفي مقبرة الشرائع كان قبره
المقبره أمتلئت برجال الأمن الذين ينظمون مرور السيارات ودخول الناس
رحمك الله يا دكتور علي بن عبد الله جابر
يا شيخ الحرم
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم
ان يسكن شيخنا في أعلى الجنان
مع الصحابة الكرام
في رفقة خير الأنام
آمين
منقول