احتلت أمريكا العراق بدعوى البحث عن أسلحة دمار شامل ؛
وكل ما فعلته فيه أنها نشرت الدمار الشامل في شوارعه ومؤسساته ؛
وأردفت فيما يخص المنطقة أنها تريد نشر الديمقراطية بدءاً بالعراق ..ومن سمات الديمقراطية الأولى إتاحة الحريات وفتح مجالات تداول الرأي ، لكنها وعبر ما ورد في افتتاحية صحيفة الواشنطن بوست ليوم الاثنين الأول من ديسمبر الجاري لم تُطق ما مارسته قناة العربية الفضائية كما هو واضح في النص من نشر للمعلومات حول ما يحدث داخل العراق وأن الناس الذين يضيقون <marquee direction=right>بتجاهل واشنطن لما تمارسه إسرائيل من تدمير واجتثاث للبنية الفلسطينية</marquee> يجدون في متابعة أخبار القناة العربية نوافذ رأي لا يوفرها الإعلام الأمريكي داخل العراق، والذي وصفته الصحيفة الأمريكية بالفاشل.. حيث اعترفت الصحيفة بخسارة الحرب الإعلامية وهي خسارة أتت طبعاً بفعل خسائر كل مبررات الاحتلال القائمة داخل العراق أو داخل فلسطين، وما يجمع بين فئتي الاحتلال الأمريكي والإسرائيلي من توحد بمشاعر الكراهية لدى كل المتضررين ..
وفيما يلي نص افتتاحية الواشنطن بوست:
"معركة الإعلام هي إحدى المعارك التي تخسرها بثبات سلطة الاحتلال في العراق. فمنذ سقوط صدام حسين ظهر سيل من المصادر الاخبارية في البلد، وحالياً تصدر في العراق اكثر من 200صحيفة، وهناك عشرات آلاف العراقيين الذين يتهافتون للحصول على الأطباق اللاقطة للبث الفضائي التي توفر لهم فرصة مشاهدة محطات إخبارية عربية ودولية. وفي الوقت عينه فإن محاولات التحالف لبث الأخبار والمعلومات كانت قاصرة إلى حد كبير. وعلى رغم أن سلطة التحالف تسيطر على محطة البث العراقية الرئيسية، ومحطتي الإذاعة المحليتين وجريدة رئيسية، فإن السلطة والمتعاقدين الأميركيين فشلوا في جذب المشاهد العراقي، فالبرامج الإخبارية التي تبثها القنوات الخاضعة للتحالف ليست سوى محاولة لتغطية (الواقع القذر). وتتفاقم المشكلة بسبب عامل مهم هو أن الفضائيات العربية تقدم إنتاجاً إعلامياً أفضل، وتتمتع بمصداقية أكبر بين العراقيين وهي منحازة ضد المهمة الأميركية. في الأسبوع الماضي، وبموافقة إدارة بوش، جاء رد فعل مجلس الحكم العراقي بإغلاق مكاتب العربية وهي إحدى أهم فضائيتين. و بالإضافة الى ان هذا يشكل سابقة سيئة للحريات الصحفية في العراق، فإنه يجعل المشكلة الأساسية أسوأ.
العربية، كمنافستها الجزيرة، تغطي العراق والشرق الأوسط بلهجة تثير حفيظة الغربيين، لكنها لهجة معتادة في النظرة الأعم بين المثقفين العرب. وهي تلفت الأنظار إلى العنف في الأراضي التي تحتلها إسرائيل، والمقاومة للقوات الأميركية في العراق. فكلا المحطتين تعاطفتا مع مقاومة صدام حسين للغزو الأميركي، و"العربية" بثت مؤخراً خطاباً وصل إلى مقرها في دبي نسب الى الدكتاتور السابق. وهذا العمل الأخير كان التبرير لإغلاق مكتبها في بغداد. لكن المحطة لم تقم بأكثر أو أقل مما تنقله الشبكات الأميركية التي تنقل البيانات المهربة من صدام حسين أو أسامة بن لادن، ليس لأنها تؤيدهما بل لأنها أخبار. وبعد الإشارة الى هذا العنصر، اتهم وزير الدفاع دونالد رامسفيلد "العربية" بأنها تعمل بالتعاون مع المقاومة العراقية التي يدعي أنها تدعو المحطة لتغطية عملياتها. لكنه لم يقدم أي دليل لدعم هذه الاتهامات الدرامية. فالمحطة، كغيرها من وسائل الإعلام، تغطي ما بعد العمليات والذين يتابعونها يقولون إنها لم تبث العمليات وهي تحصل.
وإذا ماكانت "العربية" فعلاً مجرد وسيلة بيد المقاومة العراقية، فإن هذا يجعل التحدي الأميركي في العراق أسهل مما هو عليه. وفي الحقيقة فإن المحطة تعكس، وأيضاً تقود الرأي العام العربي والعراقي بشأن الولايات المتحدة والاحتلال، وهو رأي عام لا يثق بالأميركيين و يحمل معلومات خاطئة وهو في أحيان كثيرة عدائي. والرقابة ليست إلا عاملاً لتقوية هذا الانحياز وزيادة مشاهدي "العربية". اما الطريقة الوحيدة لمواجهة هذه المشكلة فهي تقديم بديل، أو بدائل، توفر للعراقيين والعرب السبيل لبرامج نوعية ومعلومات ذات مصداقية، يقدمها صحفيون مهنيون مستقلون عن السلطات الحاكمة. وهذا أمر يفترض أن السلطة الأميركية تفهمه جيداً. أما عدم قيامها بذلك حتى الآن، بعد سبعة أشهر من إدارتها العراق فهو فشل غير مبرر".
نقلاً من جريدة الرياض - الخميس - 10شوال 1424هـ العدد 12946
4 ديسمبر 2003م