<div align="center">كم من الأمور تبدو وكأنها ليست في صالح الإنسان، ولكن تُظهر الأيام خلاف ذلك، لذا فإن اللبيب هو الذي يستثمر كل شيء ويستفيد من كل حدث أو موقف.
وقد أعطانا القرآن الكريم مثالاً عملياً في ذلك. وقال تعالى: " كُتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون " ( البقرة: الآية ).
ولعل من الأمور التي يكرهها كثيرمن الناس ويعتقدون أن فيها إساءة ومن ورائها ضرر، هو النقد والمعارضة والمخالفة. إن هذا الاعتقاد خاطىء، بل فيه خطورة على صاحبه، ولو فكر هذا الإنسان ملياً لتبين له خلاف ما اعتقده، ولربما تذكر المثل المشهور " رب ضارة نافعة ".
كما قال الشاعر:
فما كل ذِي نُصحٍ بمُؤتِيْكَ نُصْحَهُ
ولا كلُّ مُؤتٍ نُصْحَهُ بِلَبِيـــبِ
ولكنْ إذا ما استُجْمِعا عنـد واحدٍ
فحق له مِنْ طاعةٍ بِنصيـــبِ
لقد أُجريت العديد من الدراسات والتجارب لدراسة أهمية المعارضة والنقد، فكانت النتائج تؤكد الأثر الإيجابي للمعارضة.
كانت إحدى هذه التجارب في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث جيء بمجموعتين ثم طُلب من أحد الرجال أن يمارس دور المعارض والناقد، ثم ضُم هذا الرجل إلى المجموعة الأولى، وبعد عدة شهور دُرست القرارات التي اتخذتها المجموعات، فوجِد أن قرارات المجموعة الأولى- والتي تضم الرجل المعارض- هي أفضل بكثير من القرارات التي اتخذتها المجموعة الثانية. كُررت التجربة مرة أخرى ولكن بعد وضع العنصر المعارض في المجموعة الثانية، وبعد عدة شهور وجدوا أن القرارات التي اتخذتها المجموعة الثانية- والتي تضم الرجل المعارض- هي أفضل بكثير من القرارات التي اتخذتها المجموعة الأولى.
إن في المعارضة خيراً كثيراً، ففيها إثراء للنقاش، وتمحيص للأفكار، وتبيان لإيجابيات وسلبيات كل رأي، كما أنها تساعد على عدم الانسياق العاطفي وراء رأي واحد.
إن بعض الناس لا تتسع صدورهم للمعارضين، بل يوضع الفرد المعارض أو الناقد في القائمة السوداء، لذا تكثر المشكلات بين الرؤساء والمرؤوسين، في حين أن المطلوب من الرئيس أن يستفيد من كل رأي مخالف ويوظفه لصالحه ولصالح قيمه ومبادئه وقراراته.
إن المعارضة لا تعني إساءة الأدب واستخدام المصطلحات والألفاظ النابية، فحسن الخلق مطلوب من المعارض، ولكن مع هذا فلا يجوز للفرد أن يلتفت إلى أسلوب الطرح والمعارضة ويهمل جوهرها بحجة أن الأسلوب لم يكن مناسباً.
منقوووووووووول</div>