حرق مسجد الضفة ومسابقة ملكة جمالها
| 25/12/1430 هـ
ما الذي يشغل بال رئيس السلطة الفلسطينية المنتهية ولايته، محمود رضا عباس هذه الأيام مع وفرة من الأخبار المفجعة الآتية من فلسطين جميعها تتحدث عن اعتداءات حالية وأخرى قادمة على مقدسات المسلمين دون أن تجد رد فعل يذكر من الطغمة الجاثمة على صدور أهلنا في الضفة الغربية؟!
الجمعة كانت قطعان المغتصبين تعيث فساداً في الضفة الغربية، وتحرق الدور الثاني من مسجد حسن خضر في قرية ياسوف جنوب مدينة نابلس، مواصلة حملة انتقام لقرار لم يصدره الفلسطينيون ويقضي بإيقاف مؤقت للاستيطان، وإنما أصدرته حكومتهم ذاتها، ومستندة (تلك الحملة) إلى فتاوى لحاخامات يهود دعت إلى قتل العرب وحرق محاصيلهم الزراعية وتخريب ممتلكاتهم، وكان رد فعل عباس ـ كعادته ـ باهتاً حين اعتبر هذا العدوان وحرق المصاحف "انتهاكاً لحرية العبادة والمعتقد ولحرمة المقدسات"، من دون أن تنعكس هذه العبارة على السياسة الدفاعية لقواته لحماية هذه المقدسات، ففي حين يزج المشايخ والدعاة والمناضلون في سجون عباس وزمرته تحمي سلطات الاحتلال قطعان المغتصبين الصهاينة المدفوعة بفتاوى الحاخامات وتساندها السلطة الفلسطينية وقواتها الأمنية المعنية بتأمين اليهود وميليشياتهم.
مشهد مؤسف لمن يدعون قادة فلسطينيين، وبالغ همهم حماية المعتدين، وتأمين عودة قطعان المغتصبين إلى مأمنهم فيما تنتفخ أوداج هؤلاء الطغام المتغطرسين حينما يتعلق الأمر بمصالحة مع أبناء وطنهم أو التحرك لاستنقاذ ما تبقى من فلسطين ومقدساتها، وكأن هؤلاء القادة الذين يتوافرون على الآلاف من الجنود المحنطين لا حيلة لهم إزاء العدوان على المقدسات سوى تلك العبارات الباهتة التي لا تصلح حتى للاستهلاك المحلي.
إليكم "سادة الضفة" هذه الأنباء لأحداث تقع داخل سلطتكم وفي حدود يفترض أن حركة حماس "الظلامية" لا تشاطركم حكمها، بل "نجحتم" في تفكيك الكثير من مجموعاتها القسامية المجاهدة في ثغور الضفة وعلى مقربة من الأقصى المبارك:
48 مرة: هو عدد المرات التي منع فيها الأذان في محافظة الخليل وفقاً لزيد الجعبري مدير الأوقاف بها، والذي يقول في بيان له: "إن سلطات الاحتلال تجبر القائمين على رعاية الحرم الإبراهيمي على عدم رفع الأذان بدعوى إزعاج المستوطنين اليهود لإقامة شعائرهم التلمودية".
50 متراً: هي المسافة ـ فقط ـ التي باتت تفصل الآن بين الحفر الصهيوني وقبة الصخرة في عمليات دؤوبة تستخدم فيها المواد الكيمياوية الخطرة بحسب خبراء في شأن الأقصى.
حظر الأذان: هو ما يطالب به المتشددون اليهود ويرفع لهم بذلك طلب في الكنيست أسوة بما حدث في سويسرا، بما في ذلك حظر الأذان في المسجد الأقصى المبارك بدعوى أنه "يزعج الملايين من اليهود" لاسيما في صلاة الفجر، ويتعدى الأمر إلى طلب إيقاف بناء المساجد فيما يُسمى بالمناطق العربية في "إسرائيل" طبقاً لمعاريف العبرية الخميس.
تدنيس الأقصى: بدخول عشرات المغتصبين إلى باحته الخميس وسط حماية من الجنود الصهاينة.
متحف الهيكل الثالث: سيتم افتتاحه قريباً بحسب مؤسَّسة الأقصى للوقف والتراث، وذلك في أقصى غرب ساحة البراق قبالة المسجد الأقصى المبارك من الجهة الغربية، وعلى بُعد عشرات الأمتار من المسجد الأقصى.
بيد أن "سادة الضفة" في سكرة الاستعداد لمسابقة "ملكة جمال فلسطين" غير آبهين بما تقدم، ولا مكتفين بجهدهم التغريبي الهائل الذي فاق في حجمه ما أقدمت عليه "إسرائيل" ذاتها في تغيير ثقافة سكان الضفة إبان احتلالها غير المقنع لها قبل سنوات. إنها الجريمة ـ بحق ـ يرتكبها هؤلاء بحق مقدساتنا الإسلامية، حيث لم يعودوا أمناء عليها لا على المستوى الفلسطيني المحلي، ولا على مستوى تمثيلهم للعرب والمسلمين، وبالتالي ففوق افتقارهم إلى شرعية دستورية وقانونية وسياسية، أيضاً يتبدى انعدام أمانتهم على تلك المقدسات وعدم أهليتهم للاضطلاع بتلك المسؤولية العظيمة، وهي قيادة أهل الضفة نحو التحرير أو الحفاظ على مكتسبات الانتفاضات الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني على مدى عقود طويلة.
موقع المسلم
الشيخ : ناصر العمر