هنا الجنة


ففيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون ..
لا يموتون ، لا يمرضون ، لا يهرمون ..
فيها دور وقصور ..
وأنهار وأشجار..
وجنات من نخيل وأعناب ..
حدَّث رسولنا صلى الله عليه وسلم أصحابه يوماً فقال :
) بينما أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امراة تتوضأ إلى جانب قصر ، قلت لمن هذا القصر ؟! قالوا : لعمر بن الخطاب ، فذكرت غيرتك يا عمر فوليت مدبراً ( .. فبكى عمر رضي الله عنه وقال : أعليك أغار يا رسول الله !! ..
وقال بأبي هو وأمي :
) إن للمؤمن في الجنة لخيمةً من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلاً ، له فيها أهلون ، يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضاً( ..
أما الأشجار..
فقد ذكر الله فيها : ﴿ فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ ، وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ ، وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ ، وَمَاء مَّسْكُوبٍ ، وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ ، لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ ﴾ ..
وروى الشيخان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
) إنَّ في الجنة لشجرة يسير الراكب الجوّاد المُضَمَّر السريع في ظلها مئة عام لا يقطعها ( ..
أما الثمار..
فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه يوماً وصف بعض ثمر الجنة فقال :
) إنه عرضت علي الجنة وما فيها من الزهرة والنضرة فتناولت قطفاً من عنب لآتيكم به فحيل بيني وبينه ولو أتيتكم به لأكل منه من بين السماء والأرض لا ينتقصونه (
لباسهم السندس والاستبرق والحرير..
مجالسهم في ﴿ سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ ، وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ ، وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ ، وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ ﴾ ..
قال الله جل في علاه : ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ، عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ ، تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ، يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَخْتُومٍ ، خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ ..
هذا جزاؤهم ..
وهذا ثوابهم ..
فلطالما تعبت أبدانهم من الجوع والسهر ..
لطالما حفظوا جوارهم عن اللهو والبطر..
لطالما تغنوا بالقرآن وقت السحر ..
ثم أتبعوا ذلك بالدموع والاستغفار والدعاء والذكر ..
فهم ﴿ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ ﴾ ..
ينظرون إلى ما أعطاهم الله من الكرامة ..
وينظرون إلى أعدائهم حين يعذبون ..
فيا حسنهم ..
والولدان بهم يحفون ، وبين أيديهم يقفون، وقد أمنوا مما كانوا يخافون ..
يقولون ﴿ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ، فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ، إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ، فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ ﴾ ..
جاء في الحديث القدسي أنَّ الله تبارك وتعالى يقول :
) وعزتي وجلالي لا أجمع على عبدي أمنين ولا خوفين ، من أمنني في الدنيا خوفته في الآخرة ، ومن خافني في الدنيا أمنته في الآخرة (
فـ ﴿ هُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾ ..


فيا أيها الغافل ..
ربح القوم ..وخسرت ..
وساروا إلى الحبيب مسرعين ..وما سرت..
وقاموا بالأوامر ..وضيعت ما به أُمرت..
هل جاءك من خبر العيون والأنهار التي تجري تحت تلك الدور والقصور ..
فإنها أنهار تجري من تحت غرفهم وقصورهم وبساتينهم ..
من يشرب من هذه الأنهار شربة لا يظمأ بعدها أبداً ..
وماؤها أشد بياضاً من اللبن ، وأحلى من العسل ، وأبرد من الثلج ، وأطيب ريحاً من المسك ، لا تنقص بكثرة الشراب ، ولا تتغير بطول المكث ..
شربها يزيد في نور الوجوه والأجسام ، وينور القلوب والأرواح والأبدان ..
الشارب منها يزداد معرفة وقرباً وشوقاً ويقيناً..
قال الله جل في علاه : ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ ﴾..
والذي بعث محمداً بالحق ..والذي بعث محمداً بالحق لو قيل لك : سنعطيك داراً بجانب النهر لطرت فرحاً وسروراً ..
والله لو قيل لك في الدنيا .. سنعطيك داراً بجانب النهر لطرت فرحاً وسروراً ..
فكيف أنت بقصور تجري من تحتها الأنهار !!!!..
أليس ذلك من أعظم البشارات ، وأعظم الأعطيات !!!..
ولن يحلو المقام في تلك الدور والقصور والجنات والأشجار التي تتفجر فيها العيون وتجري تحتها الأنهار إلا بمعانقة الحور ، وفضِّ الأبكار في الدور والقصور وتحت الأشجار وعلى ضفاف الأنهار


وصلى الله على نبينا محمد