الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
  1. الصورة الرمزية ورع

    ورع تقول:

    افتراضي يوم الزئبق ..... قصة قصيرة

    أخوتي ... نقلت لك هذه القصة القصيرة
    لتكون لنا نبراسا ومرجعا ... عن كيفية القصص التي نحلم
    لنقرأها هنا بالملتقى الأدبي
    ... لترقى بالذوق العام
    ليكون للقصص الأدبية نكهه أخرى عن كل القصص التي يغص بها عالم الانترنت


    سأتركمم معهاعسى ان تحظى باعجابكم




    --------------------------------------------------------------------------------




    يوم الزئبق


    مازلت أتذكر كيف كنت أقرأ درس الفيزياء أكثر من مرة كي أتأكد من خلو تجاربه من الزئبق .
    أكرهه !
    عندما يقتحم الزئبق درسنا , كنت أجلس في آخر الفصل , أذكر كيف كانت أستاذتنا تسكبه في الأنبوبة , لا أحتمل رؤيته , ثقييييل لونه القلق , وحده الزئبق من يتقن فن المراوغة ؛ لم يكن كالماء سائلاً , ولم يكن صلباً , كان يتأرجح بينهما , وكنت أكره التأرجح !


    ******


    رمادي كان صباحي
    بيدين مرتعشتين أرتدي عباءتي بعد مكالمة هذا الصباح, لم آخذ معي سوى صحيفة ومذياعٍ وهاتفي المحمول هذا كل ما أحتاجه لمواصلة العيش ؛ إذ ثمة طعام هناك , لطالما انتظرت , أفكر كيف لي أن أتخلص منه هكذا , وكأن الأمر عادي , وهل يرحب قلبي بهذا الضيف الجديد ! ماذا لو لم .............!
    ( مركز الأمير سلطان لجراحة القلب ) كانت العبارة الترحيبية المعلقة على واجهة المركز , أذكر جارتنا- رحمها الله - حدث وأن زرتها في هذا المستشفى في يوم مضى , وكيف تنقلتْ بين أدواره الثلاث بألوانه الوردي والأخضر والأزرق لتخرج منه إلى قبرها .
    يا رب ألهمني قوة في طرد الرمادي من رأسي .


    *****


    في الدور الوردي كان مكاني , ترغمني الممرضة على ارتداء لباس المستشفى ..
    ماذا لو كانت المرة الأخيرة التي أخلع فيها لباسي ؟ أخضع لأوامرها كطفل صغير بين يدي معلمه في يومه الدراسي الأول , أرتدي لباس المستشفى لم يكن أبيضاً هذه المرة كان وردياً ,لعلها مراوغة أخرى من الموت ..
    أطالع الجريدة , خوفٌ يتربص بي ؛ لماذا ؟ لماذا في هذا اليوم فقط تنفرد الجريدة بنقد قصيدة أمل دنقل ؟
    (في غرفة العمليات
    كان نقاب الأطباء أبيض ..
    لون المعاطف أبيض ..
    لون الأسرة , أربطة الشاش والقطن ...
    كل هذا يشيع بقلبي الوهن
    كل هذا البياض يذكرني بالكفن )
    التفاصيل الصغيرة تشير إلى شيء ما , زئبق يلوح لي , كان يبتسم متهكماً , هذه المرة لم يكن في أنبوبة كان في سطل كبير , أحس بقربه الشديد مني , يصعد للأعلى ببطء ثم ينسكب بالبطء نفسه .
    تدخل الممرضة لتخبرني بضرورة انتقالي من الدور الوردي إلى الدور الأخضر ..
    يا إلهي لقد اقترب وداعه!


    ***


    في الأخضر كنت
    و ممرضات هذا القسم كبيرات في السن حاذقات , وأطباؤه متواجدون بشكل دائم , يكررون الدخول عليّ, بشكل يوحي إليّ خطورة مكاني .
    أطفح قلقاً .. ساعات وأتخلى عنه ! ويستبدلون صمام قلبي بصمام معدني .. سيقحمون معدناً جامداً في قلب نابض بالإيمان ..بالعطاء ..بالحب !
    هل سأغدو بعدها كائناً بشرياً تماماً ؟؟!!
    كان الزئبق هذه المرة قد اتخذ من البحر شكلاً له
    كبيـــــــراً كان
    مخيـــــــفاً كان
    أمواجه المتلاطمة تقترب مني ,توشك أن تغرقني .
    والزئبق سائل يسبب التآكل , هذا ما تقوله معلمة الفيزياء , كدت لحظتها أموت رعباً
    لم يحدث أن قرأت عن فوبيا الزئبق ! ماذا لو كان الزئبق أكذوبة ولا يتشكّل إلاّ لي؟ !
    يقطع حبل هواجسي الزئبقية رنين هاتفي المحمول , لرنة خصصتها للرسائل , ترى أي قلب يتذكرني هذه اللحظة ؟
    بارتباك أتلقف هاتفي ...
    ( عليك الحضور لمقر الجمعية لدفع المبلغ المطلوب لتجديد كفالتك لليتيم – جمعية إنسان )
    بدأت أمواج الزئبق تهدأ قليلاً!!


    ***


    الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل
    ببرود تضع الممرضة رداء العمليات الأخضر على الطاولة مع رقائق الذرة , بصوت يتجرد من الآدمية تأمرني أن أتناول الطعام كاملا فورائي صوم طويل لأجل العملية ثم علي أن ألحقه بحبة منومة , أسألها حول إمكانية الاحتفاظ بصمامي محنطاً , ترفع حاجبيها بسخرية هامسة ( you are crazy! ) , وبالبرود ذاته عند إلقائها للأخضر على الطاولة خرجت ..
    هل سيرمى خارجاً ! هل سيكون صمام قلبي طعاماً للقطط ؟؟
    لحظتها أوشك الزئبق أن يذيبني , كان يرتفـع .. يرتفــع.. يكاد يملأ المكان , وكنت أجاهد للهرب منه , بآلية أدير مؤشر المذياع ,كان المقريء يتلو سورة يوسف بصوت ندي طري , الآيات تسري في دمي , أحس بها , سحابة طمأنينة تملأ غرفتي الخضراء ..
    أتوضأ وأهرع للصلاة ..
    أخذت هواجسي تأخذ شكلاً جديداً ..
    والزئبق يتبخر شيئاً فشيئاً ..
    نور أحسه لا أدري إن كان مبعثه روحي أم ضوء النهار !


    ****


    بعينين نصف مغمضتين
    أجواء غريبة ذكرتني بالمنامات التي تأخذ طابعاً غير عادي , أجدني في غرفة تتنازع فيها الأردية الخضراء , وقد سلمتهم قلبي !
    غمغمة أسمعها لا أتبين لها فهماً , جسدي مكبل بحزم أسلاك ملونة , أجهزة تحاصر المكان , أحاول جاهدة الكلام.
    ثمة أنبوبة تنفس كبيرة في فمي !
    هذه المرة لم تكن أنبوبة زئبق
    فالزئبق الثقيل المراوغ المخيف اختفى
    لا وجود له إلا في معمل الفيزياء ...
     
  2. الصورة الرمزية الحلم

    الحلم تقول:

    افتراضي رد : يوم الزئبق ..... قصة قصيرة

    جميل جدا

    وهذا نموذج للقصة القصيره

    وأتمنى أختي ورع

    ان تردفي هنا بقصة قصيره اخرى

    واخرى

    باشكال متنوعه في لغاتها واسلوبها
    فبعض القراء عندما يقرا مثل هذه يظن ان الكتابة لابد ان تشتمل على هذه الرموز
    التي لايدركها اي قارئ

    لذلك ارى رعاك الله
    التنويع بكم قصه حتى من الاساليب السهله جدا

    ليبدا القارئ في التفكير فعلا في تحويل فكره او موقف حصل له او لغيره

    ليخط منه صة قصيره


    ورع لك كل التقدير
     
  3. الصورة الرمزية ورع

    ورع تقول:

    افتراضي رد : يوم الزئبق ..... قصة قصيرة

    أخي الحلم

    اقتراح قيم يخدم الفكرة من الاستفادة

    من قراءة القصص الأدبية الراقية

    لرنتقي باسلوب كتاباتنا أدبيا

    فلك ما أردت أخي الكريم سأقوم باضافة

    المزيد من القصص الأدبية القيمة

    في مضمونها الفني

    فانتظروني
     
  4. الصورة الرمزية ورع

    ورع تقول:

    افتراضي رد : يوم الزئبق ..... قصة قصيرة

    قرأ هذه القصة القصيرة
    رغماعتراضي على هذاالنوع من القصص التي باتت
    تعكس الواقع الاليم لفتياتنا .. الا أني سأضعها للاستفادة منها
    كقصة أدبية رائعة الدمج بين الحوار والسرد ...
    وكقصة بهالكثير من الدروس والعبر



    *****************



    وأسدل الستار


    مشاعر الخوف والوجل التي اعترتها وهي تعدِّل من وضعية جلوسها أمام الكاميرا تبدّدت عندما نطقت شفاهه تلك الكلمات التي كان لها وقع سحري عليها: "لاده أنتي عسل، انتي فاكرة إني ممكن أسيبك تروحي من إيدي؟ تبقي غلطانة، أنا ما صدّقت لقيتك"، إحساسها بالزهو لم يطغ على شعورها بالذنب فسارعت يدها لإطفاء الكاميرا، فَعَلا صوت أحمد معاتباً: "ليه عملتِ كده؟"
    رانيا: "اتفقنا أن تراني لبضع دقائق فقط، أليس كذلك؟"
    أحمد: "زي ما تحبي، مش رح أرغمك ... ممكن أطلب منك طلب رورو؟"
    رانيا: "طبعاً أحمد، تفضّل".
    أحمد: "أنا عايز تستينني لحد ما أتخرج: هِيّا سنة واحدة بس، وبعدها هاجي لبنان أطلب إيديك من أهلك، قُلتي ايه؟ ها؟ ... مش هاسيبك لحد ما تقولي أيوا..."
     تلك الليلة أخذتْ رانيا تتقلّب على سريرها يَمنةً ويَساراً، كيف تنام وأمامها هذا الكمّ من الأحلام الوردية التي عليها أن تجري خلفها: "سأعيش في بلدٍ آخر، نمط حياة جديدة، وأشخاص مختلفين؛ لا يهم فوطني حيث يكون أحمد، ولكن يا ترى هل سيُوافق أهلي؟ وما هو موقفهم عندما يعلمون أني تعرّفت عليه من خلال الشات؟ أسئلة وأسئلة لم تنتهِ إلاّ عندما استسلمتْ عيناها لسلطان النوم، فغفتْ على وقع موسيقى كلماته: "هاجي أطلب إيديك ... قلتي إيه؟ ... قلتي إيه ...
     صباح اليوم التالي هرولت رانيا إلى مدرستها وقدميها تسابقان الريح، وصلت على الوقت تماماً، ولكنها لم تستطع البوح لسميّة بآخر التطورات بل اكتفت بوشوشتها وهما تصعدان السلالم: "خبر سعيد سأُعلمكِ به في وقت الفرصة".
    دخول المعلمة الصف قطع على الطالبات أحاديثهن: "السلام عليكن عزيزاتي، هل حضّرتن للإمتحان جيداً؟"
    عضّت رانيا شفتها السُفلى حتى كادت أنْ تُدميها: يا إااالهي امتحان الكيمياء ... لقد نسيته كلياً ... شُغلتُ عنه بالحديث مع أحمد.
    استرقت سمية النظر إلى صديقتها ... آلمها تبدّل حالها، فهي لم تكن تتصوّر أنّ صديقتها في يوم من الأيام ممكن أن تنسى التحضير للإمتحان شعور بتأنيب الضمير راودها فحاولت جاهدةّ أن تكتم الصوت الذي أخذ يعلو داخلها: " أنا السبب؛ فأنا من عرّف رانيا الفتاة الخلوقة المجتهدة على الشات" .
    حدّقت في ورقة الامتحان فبدتْ صفحتها البيضاء كشاشة عرض تروي تفاصيل حكايتها مع الشات، وعادتْ بذاكرتها إلى الوراء إلى بداية استخدامها له: "كم كنتُ بريئة وقتها!! كنتُ أصدِّق كل كلمة تُقال، ولكني اليوم أصبحت متمرِّسة فلم أعد أُخدع بسهولة بتلك الكلمات المعسولة ... ما ذنبي إن كانت رانيا ساذجة إلى هذا الحد؟!
     أثناء فترة الاستراحة، تجمّعت الصبايا كما هي عادتهن يومياً في باحة الملعب، وأخذن يروين تجاربهن وقصصهن مع الجنس الآخر.
    - سارة: أعطتنْي صديقتي إيميل شاب يدرس في الجامعة الأمريكية، لن تصدقن كم هو وسيم، لقد حادثني هاتفياً عِدة مرات وقريباً سنتقف على موعد.
    - ابتسام: أما أنا فقد تعرّفت من خلال الشات على شاب من الجزائر لا تتصورن كم هو خفيف الظل ومَرِح.
    لاحظت سميّة نظرة الحزن التي تطل من عيني رانيا بالإضافة إلى عدم مشاركتها بالحديث معهن، فواستها قائلة: "الامتحان المقبل، ستتمكنين من التعويض، لا تقلقي، والآن أخبريني ماذا جرى بينك وبين أحمد؟".
    ما أن لفظت سميّة اسم أحمد حتى عاد اللون إلى وجه رانيا والبريق إلى عينيها بينما تنهيدة عميقة خرجت من أعماقها اختزلت الكثير ممّا تود قوله: "القصّة طويلة، مفادها أنّه عرض عليّ الزواج...".
    سميه: "ماذاااااا؟ كيف وهو لم يركِ ولم يسمع صوتك؟"
    سكوت رانيا زاد من مخاوف سمية: "لاتقوليييييييي....".
    قاطعتها رانيا قائلةً بعد أن فضحتها حمرة الخجل التي اكتستْ وجنتيها: "والله العظيم مرة واحدة ولثواني معدودة فقط...
    سمية: "ألم أقل لكِ لا تأخذي الأمور بجدية، الشات للتسلية فقط!".
    رانيا: "ولكن أحمد مختلف عن كل الشباب الذين تعرفينهم أنتِ؟ فلماذا هذا الاستنكار والاستهجان؟".
    سمية: "لأنّه يضحك عليكِ عزتزتي ويتسلى بكِ، اسأليني أنا، أتظنينه بريء مثلك؟ لو تسنّت لكِ الفرصة لرؤية الماسينجر الخاص به ستجدينه مليء بإيميلات بنات غيرك اللا ...
    قاطعتها رانيا مستهزئة: "تقصدين مثل الماسينجر الخاص بكِ الذي كاد أن يصيح طالباً النجدة من كثرة إيميلات الشباب؟ أنا لست مثلك أتلاعب بمشاعرهم وعواطفهم، بل أنا صادقة وأظن أحمد كذلك؛ فكفي عن الغَيرة".
    تعليقها هذا جرح سميّة في الصميم، فهي ما توقعت أن يكون جزاء النصيحة الإساءة فوجدت نفسها تقول لها من غير تفكير: "عمّا قريب ستنضمين إليّ إذا رفضتِ سَماع كلامي والأخذ بنصحتي".
    وتحوّل الحمل الوديع إلى ذئب مفترس حينما ردّت رانيا بحدّة وعصبية: "لو توجهي هذه النصائح لنفسك، على الأقل لا يوجد على قائمتي سوى ٍإيميل أحمد، أمّا أنتِ فحدّثني ولا حرج" ثمّ انسحبت من الجلسة وسط اندهاش الطالبات اللاتي صوبن نظراتهن وألسنتهن الحداد تُجاه سمية: لماذا تحرّمين على غيركِ ما تُحلِّينه لنفسك؟ دعيها فهي حرّة فيما تفعل".
    دافعت سمية عن نفسها قائلة لهن: "ما نقوم به من ثرثرات وأكاذيب وضرب مواعيد على الشات وغيره هي أمور لا تُرضي رب العالمين، عن نفسي لست راضية، فهل أنتنّ راضيات عمّا تفعلنه؟"
    وكما توقعت ألجم الصمت شفاهن جميعاً فأردفت قائلة وعيناها تشعان إصراراً وتصميماً: "هذه المرّة سأحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه".
    صادف مرور المعلمتين سناء وابتهال فسمعتا مقتطفات من أحاديثهن:
    - المعلمة ابتهال: "لا اصدِّق أنّ كل هذا يجري في مدرستنا، مع أنّه لا يوجد فيها اختلاط بين الجنسين!!!".
    - عقّبت المعلمة سناء على ملاحظتها بالقول: "بناتنا اليوم أصبح بإمكانهن الحصول على صديق بمجرد كبسة زر على لوحة مفاتيح الكمبيوتر، سواء في منازلهن أو في مقاهي الإنترنت المنتشرة بكثرة في كل حيًّ تقريباً!!
    - المعلمة ابتهال: "والأمرّ من هذا كله أنّ الأهل حالهم كما يقول المثل الشائع: "مثل الأطرش بالزفة، برأي يجب أنْ يكون لمدرستنا موقف حازم تُجاه ما يحصل مع الطالبات".
    - المعلمة سناء: أوافقك الرأي، وأقترح أنْ نعرض الأمر على الناظرة لنتعاون على وضع خطة وآلية عمل لمعالجة هذه المشكلة".
    
    أيام قليلة وفوجئت رانيا باتصال من سمية: "أحتاجك في مسألة مهمة جداً، هل تسمحين لي بزيارتك في منزلك عصر هذا اليوم؟"
    "أهلاً وسهلاً بك في أي وقت سميّة، أنا بانتظارك" رغم الترحيب الكبير الذي أبدته رانيا إلا أن الإحساس بالقلق والتوتر سيطرا عليها ودفعاها للتساؤل: "تُرى ما هو هذا الموضوع المهم والخطير الذي تريدني من أجله سمية؟".
    لم يطل انتظارها فها هو جرس الباب يُقرع، استقبلت رانيا صديقتها بالترحاب فهي لا تستطيع نُكران مشاعر الود والمحبة التي تُكنّهما لها، وبعد أن قامت بواجب الضيافة عاجلتها بالسؤال: "أخبريني ما هو الموضوع الخطير؟".
    ارتجف صوت سمية وتردّدت بتنفيذ خطتها، ولكن الاستقبال الحار شجعها على المُضي قدُماً: "بداية أريدك أن تعلمي أنّ ما ستشاهدينه الآن هو لمصلحتك الشخصية، والذي دفعني لفعل ذلك خوفي الشديد عليكِ، فأنا لا أريد أن يصبح حالك مثلي، آهٍ لو تعلمين حجم الفوضى النفسية التي أُعاني منها نتيجة الأكاذيب والثرثرات والأحاديث التافهة مع هذا وذاك على الشات، هذا غير التهاون بأداء العبادات وتضيع الحقوق والواجبات تُجاه أهلي ونفسي ودراستي وعبادتي...".
    بدأ قلب رانيا يدق بعنف، وازدادت ضرباته حينما طلبتْ منها سمية استخدام الإنترنت، أظلمتْ الدنيا بعيني رانيا حينما شاهدتْ إيميل أحمد (أون لاين) على ماسينجر سمية التي سارعتْ بالدفاع عن نفسها: أنتِ من أعطيتني إياه أتذكرين؟ لم تنبس رانيا ببنت شفة بل واصلت التحديق بشاشة الكمبيوتر كأنها تشاهد فصلاً لإحدى المسرحيات الدرامية، وأحسسّت أنها ستنهار عندما تابعت بصمتٍ مؤلم الحوار الذي دار بينهما والذي كان إسدالاً للستار على مسرحية: (أحمد ورانيا).
    - "هااااي .. إزيك سميّة؟؟ أخبارك إيه ؟ كويسة؟
    - سمية: "الحمد لله بخير".
    - "تعرفي انتي دقيقة بمواعيدك أنا جهزت الكاميرا بتاعتي وأتمنى أنْ تفي بوعدك لِيّا وتكوني جهزتي الكاميرا بتاعتك. أنا أعرف إن بنات لبنان زي العسل وعشان كِده مش هتفاجأ كثير لمّا أشوفك أنا متأكّد إنك حِلوة وزي القمر".
    الألم الذي اعتصر قلب سمية دفعها للصراخ: "أرجوكِ أغلقي الايميل لا تُعذبيني برؤية المزيد".
    "كما تريدين، ولكن أريدك أن تَتْطلعي على هذه المحادثات التي سَجْلتها على القرص المَرِن لتتعرّفي بنفسك على حقيقة من تحادثين".
    مدّت رانيا يدها المرتجفة المبتلة بالدموع، فقبضت عليها سمية بقوة وقالت: أقسم بالله العظيم أني فعلتُ ذلك لمصلحتك الشخصية، فأنا أحبك وأخاف عليكِِ ولا أريد أنْ تتشوه براءتك، أستحلفكِ بالله أنْ لا تحقدي عليّ.
    
    مرّ أسبوعان على هذه الحادثة ورانيا تتحاشى الالتقاء بسمية لدرجة أنّها انقطعت عن الاجتماع بصديقاتها الأخُريات في الملعب، أثناء حصة الرياضيات فوجئت الطالبات بدخول الناظرة إلى صفهن، ألقت عليهن التحية ثُم شرعتْ بتوزيع بطاقات دعوة عليهن، أخذت أعين الصبايا تلتهم نص البطاقة التهاماً: (تتشرف إدارة مدرسة مكارم الأخلاق بدعوة الأمهات والطالبات الكرام إلى حضور ندوة شيقة بعنوان: (البنات والشات واقع وحلول) تتضمن الندوة كلمة للأخت الداعية "..... " ومشاركة متخصصات بعلم النفس والاجتماع والتربية؛ أمّا مفاجأة الندوة فهي عرض تجارب مصوّرة لبنات تائبات).
    "لن أُفوِّت هذه المحاضرة مهما كلفني الأمر" حدّثت سمية نفسها، وتلاقت نظراتها مع نظرات رانيا التي أشاحت بوجهها بعيداً.
     في اليوم الموعود غصّت قاعة المدرسة بالحاضرات وفي مقدمتهن الطالبات اللاتي اعتدن الاجتماع أثناء وقت الفرصة. كانت الندوة بفقراتها المتنوعة مؤثرة جداً، فلقد كانت غنية بالمعلومات والإحصائيات، وتناولت الحديث عن سلبيات الشات وإيجابياته وطرق الاستفادة منه ونظرة الشرع للمحادثة بين الجنسين عبر الماسينجر، وتأثيره النفسي والاجتماعي ودور الأهل في توعية بناتهن.
    أكثر ما أثّر برانيا العرض المصوّر الذي تحدثت فيه بعض الفتيات عن تجاربهن مع الشات حيث تَمّ طمس وجوههن حتى لا تُعرف هوياتهن... قصص تشيب منها رؤوس الولدان.
    عبارة تناهت إلى سمع رانيا من إحدى الطالبات: "الحمد لله الذي عافانا ممّا ابتلى غيرنا به"، جعلتها تجهش بالبكاء، فأخذت تحمد الله تعالى أنها استعادت رشدها قبل فوات الأوان، وهذا بفضل الله تعالى أولاً ثم سمية.
    في اليوم التالي بينما كانت سمية تهم بدخول باحة ملعب المدرسة إذ بها تلتقي وجهاً لوجه برانيا التي عاجلتها بابتسامة عريضة، شعرت سمية أنّ شمس الصباح أشرقت مرتين هذا اليوم، وتردّدت: "أُلقي عليها التحية أم ماذا؟ هاهي تقدّم نحوي، فماذا أفعل؟" وتوقفت لغة الكلام لتبدأ لغة العناق حينما أحاطت رانيا عنق صديقتها بذراعيها وانهالت عليها ضماً وتقبيلاً: "أشكركِ من كل قلبي على ما فَعَلْتِه من أجلي، جزاكِ الله عني خيرَ الجزاء".
    ووجدتها سمية فرصة للإجابة عن سؤالها: طمئنيني هل هذا يعني أنك قطعت علاقتك به؟
    رانيا: طبعاً، حدث هذا فور خروجك من منزلي، لا تعلمين كم عانيت، وكم قاومت رغبتي الشديدة بالحديث معه، لقد أدمنت كلامه الجميل، ولكن ولله الحمد رغبتي هذه خفّت تدريجياً حينما شغلت نفسي بالدِّراسة وواظبت على حضور إحدى مجالس العلم بالإضافة إلى المشاركة في نشاطات أخرى، وكان للندوة التي نَظْمتها المدرسة دور في تثبيتي، أخبريني عنك؟
    سميه: "لم أدخل على الشات منذ آخر لقاء بيننا، لو تعلمين مِقدار الراحة النفسية التي أشعر بها الآن، وكأنني كنتُ أعيش بكوكبٍ آخر، أما الآن فقد زاد إقبالي على الله تعالى، وزاد تركيزي على الدرس، حتى علاقتي بأهلي تحسنت أتتصورين؟!! لا أخفي عليكِ أنني فور انتهاء الندوة البارحة صارحت المعلمة سناء بمشكلتي وطلبتُ منها متابعتي ومساعدتي على تخطي هذه الأزمة.
    دخلتا باحة الملعب وهما غير منتبهتان إلى أنّ جرس المدرسة قد قُرِع: أريد أن أخبرك أيضاً أن صديقاتنا ... وقطع حديثهما صوت الناظرة: ألم تشبعان من الثرثرة والكلام؟ أتركن بعض الحديث لوقت الفرصة
     
  5. الصورة الرمزية @@ بريق الألماس @@

    @@ بريق الألماس @@ تقول:

    افتراضي رد : يوم الزئبق ..... قصة قصيرة

    جزاك الله خير ..................
     
  6. الصورة الرمزية ورع

    ورع تقول:

    افتراضي رد : يوم الزئبق ..... قصة قصيرة

    بوركت أخي وبورك مرورك