حماس في الذكرى السابعة عشرة لانطلاقتها... رأس الحربة في مواجهة المشروع الصهيوني

" ملف خاص بمناسبة الذكرى 17 للانطلاقة

خاص

يقول تعالى: (( إنا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ))

هكذا تمر الذكرى.. وهكذا يطوى التاريخ.. بالأمس القريب بدأت المسيرة.. حملها قادة عظام وشهداء كرام.. لم تشهد الدنيا خيرا منهم تربوا على يد خير البشرية جمعاء محمد صلى الله عليه وسلم.. فكان منهم الصديق والفاروق.. وكان منهم خالد والقعقاع.. وسار التاريخ بخطواته.. وإذا بصلاح الدين وقطز.. وإذا ببيت المقدس يعود لحضن الإسلام بعد أكثر من تسعين عاما من تدنيس الصليبين له.. وتأتي بعد ذلك سنين عجافا يسلب فيها الأقصى والمسرى.. ويتململ المارد الإسلامي وتبدأ الدعوة من جديد وإذا بالبناء يبدأ بأيد ماهرة فتح الله على يديها لتصل الدعوة إلى كل مكان يحملها رهبان ليل وفرسان نهار.. يحملها البنا وعز الدين.. وسيد قطب والعزام.. والرنتيسي والياسين.. لتنمو شجرة الإخوان وتثمر فكرة القسام وتمتد أغصان حماس.. شوكها جارح لكل عابث محتل..

هكذا كانت البداية حجر وسكين.. بارود ومرتين.. صاروخ وقذائف الياسين.. لتبقى الفكرة عصية عن الخمود ماثلة للقاصي والداني حاملة رسالة تقول.. هذه هي الطريق وما سواها باطل.. هذه هي العزة وغيرها الذل.. رسالة تقول.. سيسقط الشهداء.. وسيسقط الجرحى ويعتقل المقاومون.. لكن لا بأس فهذا ثمن الجهاد وأنعم من ثمن.. نفس ومال.. مقابل جنة خلد ووصال.. وتلك هي حكاية المقاومة فسيروا على دربها.. فلغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها.. فالدعوة الدعوة والجهاد الجهاد.. فغير ذلك زائل.. "قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ".

الإهداء

إلى رهبان الليل وفرسان النهار..

إلى كل يد ضاغطة على الزناد..

إلى كتائب الشهيد عز الدين القسام.. وروح الشيخ الشهيد أحمد الياسين..

وإلى كل القادة العظماء الذين أناروا بدمائهم دروب العزة والفخار..

إلى شهدائنا الأبرار.. وجرحانا البواسل..

إلى الأسود الرابضة خلف قضبان القهر والظلم

إلى كل أبناء شعبنا الصامدين المرابطين

نهدي هذا العمل..

الحركة الإسلامية في فلسطين وتاريخ حافل بالجهاد.....

بدأ الإمام حسن البنا رحمه الله اهتمامه بفلسطين منذ 1935 يوم أن أرسل أخاه عبد الرحمن البنا للاتقاء بعز الدين القسام رحمه الله وقد وجه شباب الدعوة لجمع الأموال لفلسطين، وقد كتب عنهم الرافعي في وحي القلم مقال ( الأيدي المتوضئة ) عن برنامج الإخوان ( قرش فلسطين ). ثم تقوت علاقته بالحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين الأكبر. ومن ثم أرسل المرشد الدعاة إلى فلسطين منهم سعيد رمضان وعبد الرحمن البنا ومصطفى مؤمن وعبد المعز عبد الستار، وبدأوا يجوبون مدن فلسطين ويحذرون من اليهود ويحرضون الأمة على الجهاد.

لقد أحس الأستاذ حسن البنا بخطورة القضية، ورأى أن الدول العربية لا تستطيع أن ترد لبريطانيا رأيا ولا طلبا وشعر بعظم المسؤولية ووجد أن الساحة فارغة ممن يتصدى لحمل الأمانة – أمانة حماية فلسطين والأراضي المباركة – من السرطان الصهيوني. فكانت حملات قوية للإخوان من أجل مقاطعة المؤسسات الأجنبية الداعمة للصهيونية وأقام الإخوان المظاهرات في مصر وسوريا ونظموا الكثير من المؤتمرات في وقت غفل فيه الكثيرون عن ذلك.

تشكيل هيئة وادي النيل لإنقاذ فلسطين سنة 1947 م:

وحين وجد البنا انه لا بد من خوض غمار الحرب ضد اليهود وحمل المسؤولية إذا تخلى الناس عنها، شكل مع عزام باشا – أمين الجامعة العربية – هيئة وادي النيل لإنقاذ فلسطين سنة 1947 برئاسة علوية باشا، وكان الحاج أمين احد أعضائها، ونظمت الهيئة ( أسبوع فلسطين ) لجمع التبرعات وسلمت للحاج أمين.

معسكرات التدريب:

وطالبت هيئة وادي النيل لإنقاذ فلسطين الدول بفتح معسكرات، فقدمت مصر ( معسكر الهاكستب وقدمت سوريا معسكر قطنة وأوعز البنا إلى الإخوان أن يتسابقوا في هذا الميدان، وبدا تسلل أول فوج بعد تدريبه إلى صحراء النقب وقد كان هذا الفوج بقيادة كامل شريف، وكان المربي والموجه فيه مندوب مكتب الإرشاد الأستاذ محمد فرغلي – الرجل الثاني في الإخوان.

الفوج الأول من الإخوان يرجع من عمان:

وكان هناك مجموعات من الإخوان سبق لهم وان دربوا، فركبوا طائرة ركاب وتوجهوا إلى عمان حتى يدخلوا فلسطين من هناك, وعندما هبطت الطائرة في مطار عمان جائهم الأمر بالعودة مباشرة إلى القاهرة دون أن يسمح لواحد منهم أن يطأ ارض عمان، وعندما عادوا إلى القاهرة حاولت مصر أن تمنعهم من الحركة ولكنهم مشوا على أقدامهم عبر صحراء سينا حتى وصلوا النقب وبدأوا عملياتهم.

تشديد حكومة فاروق في مصر:

في تلك الفترة بدأت مخابرات الملك فاروق في مصر تطارد كل شاب يفتح فمه بالجهاد، وأخذت محطات البوليس تحاول انتزاع جوازات السفر من الشباب وتحول دون رحلاتهم في القطار من مصر إلى القناة. ولذا كانت ( هيئة وادي النيل ) فتحا عظيما للإخوان، لأنها باسم الجامعة العربية التي لا تستطيع الدول العربية مقاومتها علنيا. وكم كانت روح الإخوان وثابة وهي تتسابق إلى التسجيل للجهاد في فلسطين، وقد أعلن عزام باشا أمين الجامعة العربية انه اتفق مع الدول العربية على إعداد معسكرات للتدريب على الأعمال الفدائية وحرب العصابات، وان الجامعة العربية ستتكفل بالمتطوعين للجهاد طعاما ولباسا وسفرا وذخيرة، وقد اختير لتدريب الكتيبة الأولى الهاكاستب خيرة ضباط مصر وتكونت الكتيبة بعد التدريب، وكانت صفوة أبناء الدعوة الاخوانية وعصارة مصر.

الكتيبة الأولى مكونة من ثلاثمائة شخص:

وهي تضم أربع سرايا، واختير لقيادتها عبد العزيز ( بكباشي أركان حرب ) ضابط وطني فيه طيب، ويوزباشي عبد المنعم عبد الرؤوف ( من الإخوان) وهو الذي اجبر الملك فاروق على التنازل عن العرش وسفره خارج مصر، وكان عبد المنعم قائدا للعمليات يساعده معروف الحضري في العمليات وهو من خيرة الإخوان، وكان معم كمال الدين حسين من المحسوبين على الإخوان واختاروا من الدعوة مجموعة من الضباط برتبة ( ملازم ثاني )، وسارت الكتيبة على بركة الله وكانت حقا خيرة أبناء العالم الإسلامي أدت دورا كبيرا في مواجه اليهود.

المعركة الأولى:

قام الإخوان بنسف منازل في حارة اليهود ردا على مجزرة دير ياسين، وفي تموز سنة (1948) نسف الإخوان محلات شيكوريل وأور يكو، وفي أوائل آب نسفوا بنزايون وجاتينيو وفي 22 أيلول جرى تدمير جزء من حارات اليهود، وفي 21 تشرين الأول دمرت شركة الإعلان الشرقية، وكل هذه المؤسسات يملكها يهود.

استغاثة اليهود:

ولقد ألهب اليهود عواطف الغرب خاصة أمريكا ووقف دايان في أمريكا يقول: نحن لا نطلب السلاح لمواجهة الجيوش العربية فأمرها سهل علينا، نحن نطلب السلاح لمواجهة عصابات الإخوان المسلمين المتوحشة. وبدأت الصحف الغربية تنبه إلى خطر الحركة الإسلامية الداهم وتستدر عطف الغرب وتستجيش مشاعرهم تجاه اليهود. ليبدأ مشوار جديد من الخيانة.

الأمر بالانسحاب:

وانسحبت الجيوش العربية من الجبهات الشمالية والوسطى والجنوبية، فانسحب أديب الشيشكلي من الشمال، وبدا الجيش المصري في الجنوب بالانسحاب، وانسحب فوزي القاوقجي بجيش الإنقاذ، ونشأ ما يسمى ( بمثلث الفالوجة ) إذ حوصر ثلث الجيش المصري ( 4 ) آلاف فيها من بينهم جمال عبد الناصر، ويئست الجيوش العربية أن تنقذهم، وعند ذلك لجأ القائد المصري "عبد الجواد طبالة " إلى الإخوان قائلا: لم يبق إلا انتم فقالوا: نحن لها وان عظمت واخذوا على عاتقهم الإنقاذ المقترن بالموت: وادخلوا من خلال الطوق المضروب سبعة عشر قافلة محملة بالسلاح والدواء والغذاء كان آخرها قافلة نجيب جويفل ( عبد العزيز سالم ) وأسر القائد معروف الحضري.

اجتماع فايد:

في 6 ديسمبر سنة (1948) اجتمع السفراء الثلاثة ( البريطاني والفرنسي والقائم بأعمال السفارة الأمريكية ) وقرروا حل جماعة الإخوان، وألقوا بالقرار بين يدي النقراشي – رئيس وزراء مصر – لتنفيذه، وقرر النقراشي حل الجماعة في (8) ديسمبر عام 1948 وصادر ممتلكاتها، وزج بأبطالها في غياهب السجون، وترك البنا خارج السجن ليقتل خارج السجن، وفي نفس الشهر قتل النقراشي في مصعد داخل وزارة الداخلية من قبل احد أبناء الحركة الإسلامية.

رسالة البنا إلى المجاهدين في فلسطين:

أيها الإخوان لا يهمنكم الأحداث التي تجري فوق أرض مصر، إن مهمتكم تحرير فلسطين من اليهود ولا تنتهي مهمتك ما دام في فلسطين يهودي واحد....وبعد ذلك جاء قادة الجيش المصري إلى الإخوان في الجبهات يعتذرون ومنهم القائد العام المصري فؤاد صادق!!!!!

استشهاد البنا:

وفي يوم عيد ميلاد فاروق 21 فبراير سنة 1949م أرسل فاروق مدير مخابرات القصر الملكي ( محمود عبد المجيد ) وأطلق الناري على الإمام حسن البنا باب دار الشبان المسلمين، وجرح البنا وكانت جراحه طفيفة، فأوفد الملك ضابطا اسمه محمد وصفي ليجهز على البنا في غرفة العمليات، وقطعت الكهرباء عن المنيل حيث يسكن البنا، وصلت عليه أربع نساء ونقلت جنازته بين صفوف الدبابات ودفن وحرس قبره.

معاهدة رودس:

بدأت مصر في اليوم الثاني لمقتل البنا المفاوضات من اجل الهدنة، ووقعت معاهدة رودس لإقرار اليهود على حدود آمنة.

مجاهدون سجناء:

وألقى فاروق أوامره بتمزيق جمع الشباب المجاهد في فلسطين، وكان أخطرها كتيبة الإخوان التي يرأسها أحمد عبد العزيز التي تحاصر مستعمرات اليهود في القدس، وقد خشيت الدول أن يحتل أحمد عبد العزيز القدس ويطهر اليهود منها. فبعث الملك فاروق صلاح سالم وقتل احمد عبد العزيز، ولقد كان غيظهم من احمد قد استشاط عندما علموا أن احمد قد التقى بالبنا ورجع يائسا من كل الدول العربية نافضا يده من جيوشها.

وأما الكتائب الأخرى من الإخوان التي كانت تتمركز في غزه وبئر السبع والنقب. فأوزع فاروق إلى جيشه باعتقالها وقبلت الاعتقال لأنها ما أحبت أن تدخل في معركة مع الجيش المصري وعادوا بها رهن الأغلال والقيود إلى معتقل الطور – القاهرة.وأما الجيش العراقي فقد كان يردد ( ماكو أوامر: لا أوامر ).

محاكمة المجاهدين في فلسطين بعد خمسة أعوام في القاهرة:

وفي سنة 1954 شكل عبد الناصر محكمة الشعب ( الثورة ) برئاسة جمال سالم وعضوية السادات والشافعي، وكان السؤال يلقى على المتهمين من الإخوان: أشهدت حرب فلسطين ؟ فان كان الجواب نعم فالحكم جاهز الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة. ونفذ حكم الإعدام بمحمد فرغلي -ممثل مكتب الإرشاد في فلسطين- وعبد القادر عوده -وكيل الجماعة- ويوسف طلعت، هنداوي دوير، محمود عبد اللطيف، وإبراهيم الطيب وكانت الجريمة هي الجهاد في فلسطين والقتال!!.

[COLOR=Navy
]مع تحياتي
اخوكم
احمد
[/COLOR]