قبل وصول الإسلام كانت منطقة داغستان تتبع الامبراطورية الساسانية ، وكان يتولى الحكم بها ملك اسمه (شهر براز ) ، ومقرة مدينة باب الأبواب ، أما ديانة السكان فكانت المجوسية والنصرانية وأقلية يهودية .
يرجع أول اتصال للمسلمين بهذه المنطقة إلى عهد الخليفة عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- ، حيث وجه إليهم حملة بقيادة عمرو بن سراقة ، وصلت الحملة باب الأبواب في سنة 20 هجرية ولم يقع قتال بالمدينة بل أسفر الامر على توقيع صلح فريد في نوعة ، فلقد قبل قائد الجيش المسلم ما ارتضاه ملك المدينة (شهر براز ) وهو القتال في صفوف المسلمين عوضاً عن الجزية ، فاتخد المسلمون من المدينة مركز انطلاق للحملات نحو أعدائهم ، وقد أجاز عمر بن الخطاب نصوص هذا الصلح ووافق عليه .
ومن مدينة باب الأبواب اتجهت الحملات الإسلامية إلى بلاد الخزر وباقي بلاد الران وأرمنيا ، فقاد بكير بن عبد الله حملة إلى موقان ، وقاد حبيب ابن مسلمة حملة إلى تبليس ، وقاد حذيفة بن أسيد حملة إلى جبال اللان ، وقاد سلمان بن ربيعة حملة إلى حدود أرمنيا ، وهكذا كانت مدينة باب الأبواب منطلقاً للعديد من الحملات الإسلامية .
وأمر الخليفة عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- ، عبد الرحمن بن ربيعة بغزو بلاد الخزر ، فوصلت الجيوش الإسلامية إلى مدينة (بلنجر ) وتقدمت شمالاً إاى مدينة البيضاء ، وهكذا أصبحت مدينة باب الأبواب ثغراً للدولة الإسلامية في الشمال الشرقي من إقليم الرحاب في مواجهة أعداء الدولة الإسلامية من الخزر والروس ، تفوق المهام الملقاة على أي ثغر آخر في الشمال .
واستمرت هذه الدفعة للدعوة في خلافة عثمان بن عفان ، واصيبت بالجمود في بداية العصر الاموي ، وخلال خلافة هشام بن مروان شهدت منطقة الرحاب تصعيداً للصراع بين الإسلام والقوي المعادية من الروس والخزر ، فجمعت قات إسلامية عظيمة بقيادة سعيد الحرشي وهزم الخزر والران وتعقبهم بعيداً خارج حدود إقليم الرحاب .
عهد الامويين
اتبع الامويين سياسة ارتكزت على إبعاد العناصر المشبوهة وتشجيع العناصر العربية على الاستيطان بالمنطقة ، وأسكن مسلمة بن عبد الملك 24,000 ألف من أهل الشام في مدينة باب الأبواب ، فأدت هذه السياسة إلى تغير التركيب البشري للمنطقة ، وأصبحت العناصر العربية العمود الفقري في الدفاع عنها ، وازدهرت الدعوة الإسلامية في منطقة داغستان .
عهد العباسيين
في عهد أبي جعفر المنصور تولي الحدود يزيد بن أسيد السلمي ، الذي مد رقعة الإسلام نحو الشمال في بلاد الران وطبق سياسة استيطان المسلمين بهذه المناطق ، وزادت نسبة معتنقي الإسلام . وسيطر الاتراك السلاجقة على منطقة الرحاب وماحولها وأتى الحكم الجديد بالمزيد من الجماعات الإسلامية التي تنتمي إلى أصول تركية ،ودمرت المنطقة علي يد المغول ، وتحول الامر إلى صالح الإسلام بعد أن اعتنق المغول الإسلام
العهد العثماني
سيطر العثمانيون على المنطقة في القرن الخامس عشر الميلادي ، وفي سنه 1298هـ، أعلنت روسيا حمايتها على بلاد الكرخ المجاورة لداغستان ، وقام الداغستانيون بمقاومة الروس ، وهزم الروس الداغستان ، واضطهدوا وهاجر الكثير منهم ، وفي العهد السوفياتي أعلن قيام جمهورية الداغستان في سنة في سنة 1340 هـ ، وأصبحت ذات حكم ذاتي تتبع روسيا . ويشكل المسلمون أغلبية سكان داغستان ، ويقدر عددهم بحوالي 1,500,000 نسمة ،
العصر الحالي
توجد في الداغستان الإدارة الدينية لمسلمي شمال القفقاس ومقرها بيوناسك في جنوب غربي العاصمة الداغستانية محج قلعة ، وتقلص عدد المساجد في عهد السوفيات فمن أكثر من 1000 مسجد لم يبقي غير 27 مسجداً . كما تلاشي التعليم الإسلامي ، وكانت اللغة الداغستانية تكتب بحروف عربية ، وصدرت بها عدة في مختلف العلوم ، وأضافوا لأحرف الهجاء العربية عدة حروف ، ودخلتها كلمات عربية كثيرة ، كما كان أهل داغستان يتحدثون العربية إلى جانب لغتهم لا سيما علماء الدين الإسلامي ، واسس الداغستانيون مطابع عديدة طبعت فيها الكتب العديدة، كما صدرت عدة مجلات باللغة العربية والداغستانية ، هذا قبل استبدالها باللغة الروسية . ومعظم المسلمين بداغستان ينتسبون للمذهب الشافعي .
وفي الوقت الحالي تدور في داغستان حركات مسلحة ضد القوات الروسية والقوات المحلية العميلة هدفها تحرير داغستان وباقي القوقاز الإسلامي الشمالي من سيطرة الروس وإقامة دولة إسلامية تحكم بالشريعة في أرض القوقاز وتقود هذه الحركات بعض الجماعات المسلحة التابعة لإمارة القوقاز الإسلامية التي أعلنها الأمير دوكو عمروف عام 2007. وكانت هذه الحركة قد بدأت تقريبا في الثمانينيات القرن الماضي. بقيادة الشيخ بهاء الدين محمد الداغستاني-حفظه الله- الذي بدأ بمحاربة البدع والدعوة إلى العقيدة الإسلامية الصحيحة-السلفية-. ثم تحولت هذه الدعوة المباركة إلى حركة مسلحة عام 1999 بعدما حاصر الروس بلدات كراماخي وتشبان ماخي-التي أعلنت الشريعة وطردت الشرطة-. ودارت هناك معارك بين الروس والمجاهدين. ثم دخل المجاهدون من الشيشان إلى داغستان لنجدة المسلمين هناك بقيادة القائد خطاب والقائد باساييف-رحمهما الله. وهكذا استمرت الحركات الإسلامية المسلحة وغير المسلحة-الدعوية- في داغستان إلى الآن...ولا زال الجهاد في داغستان مستمرا ولله الحمد.