[imgr]http://www3.0zz0.com/2010/05/16/17/239084265.jpg[/imgr]
بِمَوَانِعِ التَـكفِيرِ المعتبـــرة
محمد سالم ولد محمد الأمين المجلسي
كتبه بالسجن المدني - نواكشوط موريتانيا 1428 ﻫ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾[1].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾[2]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾[3].
إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة، أما بعد:
فإنه بسب انتشار الجهل والبعد عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم قلبت المفاهيم ولعب بالألفاظ وأخل بالموازين حتى صار مجرد الانتساب للإسلام توحيداً وإن أخل صاحبه بأصله وقطعه بعد وصله ممٌا أورث تخبطاً كبيراً في إجراء الحكم على مستحقه فالتبس الحق بالباطل واختلط الحابل بالنابل.
ووجد المرجئة ضالتهم وتستر المرتدون الممتنعون المحاربون لأهل الحق وراء كتاباتهم وأفكارهم التي ميعت الدعوة إلى توحيد رب العباد، وأقرت أهل الشرك على ما هم عليه من الفساد والبعد عن سبيل الرشاد.
فعُبدَ مع الله غيره وبُدلت شريعته وأكرم أعداؤه وأهين أولياؤه، وعذر بالجهل والتأويل واتباع الشبهات من رام ذلك وأقترفه، وعٌنف من تمسك بالحق وعرفه، وتمادى أهل الضلال في غيهم. لا يؤاخذون لجهلهم ودفاع المٌرجئة عنهم حتى صار الجاهل أوفر حظاً من العالم.
إن ثمة طائفة – ممن اهتموا بمسائل الكفر والإيمان – ادعت ما ليس لها ولبست غير ثوبها، وتصدت لدعاة التوحيد بقوة، فاتهمتهم بما يصد عن دعوتهم لتبقى الساحة مفتوحةً لجر ذيولها، مخلفة أثرها الاستسلامي وروحها الانهزامية بما تدعو له من ترفٍ فكري مميت للهمم، وما تتشبث به من أنفة معتلةٍ في عالم الخيال بعيدا عن الواقع.
إن مما يبين خطورة هذه الفتنة ويظهر مدى تأثيرها، أن طائفة ممن ترعرعوا في ظلال الدعوة الوارفة وَوَردوا مناهلها العِذاب، لم يسلموا من سهامها الطائشة، بل أصابتهم وخلفت جراحات لا تزال تنزف، فراموا أسلمة أهل الكفر، والتمسوا لهم العذر، رغم استنكارهم لأعمالهم الشركية، فوقعوا في تناقض كبير، واتبعوا منهجاً بالانتقاد جدير، ومع ذلك نٌكنٌ الاحترام ونَصل حبال المودة لمن منهم أخلص قصده، وبذل في طلب الحق جهدَه، لا لمن منهم بطلت دعواه وأبى إلاٌ اتباع هواه.
إن مما لا شك فيه أن فكر الإرجاء كان له الدور الكبير في إضعاف العزائم وإماتة الهمم وإطفاء جذوة الجهاد واستعادة الأمجاد في نفوس أبناء خير أمة.
لقد كان من دواعي كتابة هذه السطور ظهور صور كثيرة من الشرك في المجتمعات وتخبط كثير من المنتسبين للدعوة – دون بحث ولا دراسة – في تقويم ذلك تخبطاً يصيب دعوة التوحيد في مقاتلها، فأفرط بعضهم وفرط بعض وحاد الفريقان عن سبيل القصد.
نعم إن من الدعاة طائفة آثرت السكوت وعدم الخوض في هذه المسألة لأسباب وهؤلاء نذكر محاسنهم وسبقهم في مجال الدعوة إلى الخير، ولا يدفعنا سكوتهم وكونهم لم يبدوا مواقفهم من عين المسألة إلى إنكار فضلهم أو التقليل من شأنهم، فلهم مزايا عظيمة وأخلاق لا يزالون عليها كريمة.
وإنه ليؤرقني ويَحُز في وجداني وأنا أكتب هذه الورقات أن يظن أنها ردﱞ على العلماء الأخيار وطلبة العلم الأفاضل الذين عذروا بالجهل بشروط معلومة، وبينوا ضابط التمكن من العلم بياناً واضحاً، متبعين قواعد سليمة وأدلة معتبرة، لاسيما منهم من عرف بالدعوة للخير والسعي لإقامة الدين، فإني لست مؤهلاً للرد عليهم لا علماً ولا فضلاً ولا مزية، وأهل الدعوة إلى الخير في أمس الحاجة إلى الائتلاف والبعد عن الصراع والاختلاف.
إلا أن ثمة طوائف من تيارات مختلفة توسعت في قولهم واحتجت به في غير موضعه، فعذرت بالجهل من انتسب للإسلام ولو لم ينخلع عن عبادة الأصنام، فوجب البيان.
وقد بينت في هذه الرسالة أن إطلاق التوقف عن التكفير حتى تكتمل الشروط وتنتفي الموانع خطأ، لازمُه ألا يكفر الشخص إلا بالعنادِ وقصد الكفر، والرسالة في الجملة دعوة لتحقيق التوحيد بتعلمه.
واعلم أيها القارئ الكريم أن الكتابات في هذا الموضوع كانت في أكثر الأحيان انتصاراً لمواقف بعض العلماء ودفاعاً عنها، بدل البحث عما تؤيده نصوص الكتاب والسنة الحاكمة على أقوال الناس. وقد كنت حريصاً فيها على الاستدلال بالكتاب والسنة، بفهم السلف وعلماء الأمة الأعلام، متوخياً دقة النقل وصحة العزوى، مراعياً قرب العبارة وسهولة الأسلوب وسميتها:
" إتحاف البررة بموانع التكفير المعتبرة "
وإليكها أيها القارئ الكريم تصفحها برفق، ولا تعرف الحق بالرجال تنعم في ظلالها وتجن ثمارها.
وما كان فيها من حق فمن الله وبفضله وتوفيقه، وما كان فيها من خطإ فمن نفسي ومن الشيطان، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
محمد سالم المجلسي الشنقيطي 20 ربيع الثاني 1428 ﻫ
1. معنى لا إله إلا الله
2. شروط لا إله إلا الله
3. لا إسلام لمن لم يُحقق التوحيد
4. لا يجوز التقليد في التوحيد
5. الكفر بالطاغوت والإيمان بالله
[1]- آل عمران الآية 102.
[2]- النساء الآية 1.
[3]- الأحزاب الآية 70-71.
لتحميل الكتاب
http://tawhed.ws/dl?i=09051005