السلام عليكم ورحمة الله وبركاااته
فتاوى العلماء الكبار
الشيخ ابن باز رحمه الله
ما حكم تتبع المساجد طلبا لحسن صوت الإمام لما ينتج عن ذلك من الخشوع وحضور القلب ؟
الأظهر والله أعلم أنه لا حرج في ذلك إذا كان المقصود أن يستعين بذلك على الخشوع في صلاته ، ويرتاح في صلاته ويطمئن قلبه ، لأنه ما كل صوت يريح .
فإذا كان قصده من الذهاب إلى صوت فلان أو فلان الرغبة في الخير وكمال الخشوع في صلاته فلا حرج في ذلك ، بل قد يشكر على هذا ويؤجر على حسب نيته .
والإنسان قد يخشع خلف إمام ولا يخشع خلف إمام بسبب الفرق بين القراءتين والصلاتين .
فإذا كان قصد بذهابه إلى المسجد البعيد أن يستمع لقراءته لحسن صوته وليستفيد من ذلك وليخشع في صلاته لا لمجرد الهوى والتجول بل لقصد الفائدة والعلم وقصد الخشوع في الصلاة ، فلا حرج في ذلك وقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : " أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى " .
فإذا كان قصده أيضا زيادة الخطوات فهذا أيضا مقصد صالح .
ما حكم التنقل بين المساجد فكل ليلة في مسجد طلبا لحسن الصوت ؟
لا أعلم في هذا بأسا ، وإن كنت أميل إلى أنه يلزم المسجد الذي يطمئن قلبه فيه ويخشع فيه ، لأنه قد يذهب إلى مسجد آخر لا يحصل له فيه ما حصل في الأول من الخشوع والطمأنينة ، فأنا أرجح حسب القواعد الشرعية أنه إذا وجد إماما يطمئن إليه ويخشع في صلاته وقراءته يلزم ذلك أو يكثر من ذلك معه ، والأمر في ذلك واضح لا حرج فيه بحمد الله فلو انتقل إلى إمام آخر لا نعلم فيه بأسا إذا كان قصده الخير وليس قصده شيئا آخر من رياء أو غيره ، لكن الأقرب من حيث القواعد الشرعية أنه يلزم المسجد الذي فيه الخشوع والطمأنينة وحسن القراءة أو فيه تكثير المصلين بأسبابه إذا صلى فيه كثر المصلون بأسبابه يتأسون به ، أو لأنه يفيدهم وليس عندهم من يفيدهم ويذكرهم بعض الأحيان ، أو يلقي عليهم درسا ، بمعنى أن يحصل لهم بوجوده فائدة ، فإذا كان هكذا فكونه في هذا المسجد الذي فيه الفائدة منه أو من غيره ، أو كونه أقرب إلى خشوع قلبه والطمأنينة وتلذذه بالصلاة فيه فكل هذا مطلوب .
من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته المنشورة في رسالة : ( الجواب الصحيح من أحكام صلاة الليل والتراويح )
السؤال:
يوجد في مدينتنا قارئ جيد يخشع في صلاته ويأتي إليه الناس من مدن بعيدة ، فما الحكم في مجيء هؤلاء وهل صحيح أنهم وقعوا في النهي الوارد في الحديث : ( لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجد الحرام ومسجد الأقصى ومسجدي ) البخاري في فضل الصلاة (1197) . نرجو الإفادة والتوجيه.
الجواب:
الحمد لله
لا نعلم حرجاً في ذلك ، بل ذلك داخل في الرحلة لطلب العلم والتفقه في القرآن الكريم واستماعه من حسن الصوت به ، وليس السفر لذلك من شد الرحال المنهي عنه وقد ارتحل موسى عليه الصلاة والسلام رحلة عظيمة إلى الخضر عليه السلام في مجمع البحرين لطلب العلم ، ولم يزل أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم يرتحلون من إقليم إلى إقليم ومن بلاد إلى بلاد لطلب العلم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة ) مسلم في الذكر والدعاء (2699)
الشيخ ابن باز في مجلة البحوث عند رقم 42 ص 137
الشيخ ابن جبرين حفظه الله
بعض الناس مّمن يُحبُّ الخير والتقرُّب إلى الله يذهب بعيداً أو قريباً للصلاة في ليالي شهر رمضان المبارك خلف إمام معين، بحجة خشوع هذا الإمام وقراءته الجيدة، فهل هذا الفعل مشروع؟
الجواب:-
من المشاهد أن القلب يخشع ويخضع عند سماع القرآن من القارئ الذي يتقن القراءة، ويتغنّى بالقرآن، ويجيد التلاوة، ويكون حسن الصوت، يظهر من قراءته أنه يخاف الله -تعالى- فإذا وجد الإنسان الخشوع، وحضور القلب خلف الإمام الذي يكون كذلك، فله أن يُصلي خلفه، وله أن يأتي إليه من مكان بعيد أو قريب، ليحصل له الاستفادة والإِخبات في صلاته، وليتأثر بهذه القراءة التي رغب سماعها، وأحضرها لبّهُ، وخشع لها، فينصرف وقد ازداد إيماناً، واطمأنَّ إلى كلام الله -تعالى- وأحبّه، فيحمله ذلك على أن يألف القراءة ويكثر منها، ويتدبّر كتاب الله، ويقرؤه للاستفادة، ويحرص على تطبيقه والعمل به، ويتلوه حق تلاوته، ويحاول تحسين صوته بالقرآن.
وقد روى البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس منّا من لم يتغنَّ بالقرآن" وفي الصحيحين عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أذن الله لشيء كما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به".
وعن البراء -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "حسِّنوا القرآن بأصواتكم، فإنَّ الصوت الحسن يزيد القرآن حُسْناً". فمن هذه الأدلة يباح اختيار الإمام الذي يجيد القرآن، ويكون حسن الصوت به والترتيل، وإذا كان بعيداً فالذهاب إليه أكثر أجراً، لما يكتب من الخطوات والذهاب والمجيء، والله الموفق.