الإسلام اليوم / خاص
أخيراً جاء قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالبَدْء في انسحاب تدريجي من أفغانستان.. بعد احتلال دام عشر سنوات أسفر عن مقتل 2547 جنديًّا من قوات التحالف، منهم 1500 جندي أمريكي، وأزهق أرواح ما يتراوح بين 14 و34 ألف مدني أفغاني، إضافة إلى تشريد ملايين من اللاجئين، وإنفاق بلايين الدولارات، دون أن يحدث أي تقدم يذكر في تحقيق الاستقرار لأفغانستان، ذلك البلد الذي تفشل حكومته حتى الآن في فرض سيطرتها على أجزاء كبيرة منه، ليعلن عن بداية مرحلة جديدة في تاريخ أفغانستان، ذلك البلد الذي عانى كثيرًا من ويلات الحرب والاقتتال، دون أن يضع نهاية واضحة وصريحة للاحتلال.
ومنذ إعلان أوباما عن نية بلاده سحب 10 آلاف جندي هذا العام، و23 ألفًا بحلول نهاية الصيف القادم، وما تبعه من إعلان بعض دول التحالف عن خطط لتقليص عدد قواتها، كثرت التكهنات حول مستقبل أفغانستان، وما إذا كانت القوات الأفغانية تستطيع السيطرة على الأوضاع الأمنية المتدهورة التي تشهدها معظم الأقاليم الأفغانية، خاصة الجنوبية منها، والتي تنشط فيها حركة طالبان، حيث تحظى بتأييد شعبي واسع، كما شكك البعض أيضًا في الإعلان الأمريكي عن الانسحاب من أفغانستان، مؤكدين أن هذا لا يعدو أن يكون انسحابًا شكليًّا، وأن القوات الأمريكية ستبقى في أفغانستان كما بقيت في العراق.
وقد قوبلت خطة أوباما للانسحاب من أفغانستان بشيء من التحفظ من قبل القيادات العسكرية الأمريكية، حيث قال وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس: إنه لابد من عدم "التعجل في الخروج"، داعيًا إلى انتقال مدروس للسيطرة الأمنية في أفغانستان، فيما حذر قائد قوات الحلف الأطلسي في أفغانستان الجنرال الأمريكي ديفيد بترايوس من أن يتسبب انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان في تدهور الحالة الأمنية، خاصة مع عدم قدرة القوات الأفغانية على السيطرة على الأوضاع، مؤكدًا أنه كان ينبغي تأجيل قرار الانسحاب لبعض الوقت.تحفظ.. ولكن
فضلًا عن ذلك فإن بعض القادة العسكريين الأمريكيين يتوقعون أن تواجه القوات الأمريكية صيفًا صعبًا في مواجهة حركة طالبان، التي تنشط عملياتها في موسم الصيف، مشيرين إلى أنه مما يزيد الأمور تعقيدًا سحب قوات الاحتلال أعدادًا كبيرة من الجنود في ذروة موسم القتال بالصيف القادم، التزامًا بالموعد النهائي المحدد بسبتمبر 2012، إلا أن هناك من يرى أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما كان مضطرًا للإعلان عن هذا الانسحاب، خاصة في هذا التوقيت الذي تعاني فيه الولايات المتحدة من أزمة اقتصادية وشيكة، فضلًا عن اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية.
وفيما يتعلق بالأسباب الكامنة وراء التحرك الأمريكي نحو سحب جزء من القوات المشاركة ضمن قوات الاحتلال في أفغانستان، يرى المراقبون أن العامل الاقتصادي لعب الدور الأبرز في قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالانسحاب التدريجي من أفغانستان، وذلك نتيجة لارتفاع الدين الأمريكي الذي وصل إلى مستوى الحد الأقصى المسموح به وهو 14 تريليون دولار، إضافة إلى الركود الاقتصادي الذي تشهده البلاد، فضلًا عن الارتفاع في معدلات البطالة إلى أكثر من 9%، وارتفاع العجز في ميزانية الولايات المتحدة الأمريكية إلى 1.66 تريليون دولار هذا العام، وتضاعف حجم التضخم مرتين في السنوات السبع الأخيرة.صعوبات اقتصادية
وهو ما مثّل عامل ضغط على الرئيس الأمريكي الذي لم يجد أمامه سوى الانصياع للضغوطات التي تطالبه بسحب القوات من أفغانستان وإنهاء حرب تتجاوز تكلفتها السنوية 110 مليارات دولار، مما أثقل كاهل الولايات المتحدة بكثير من الأعباء، وأثر بالسلب على الاقتصاد الأمريكي، وعرض مكانة الولايات المتحدة في العالم لتحديات كبرى لم تشهدها منذ أن خرجت ظافرة كقوة عالمية بعد الحرب العالمية الثانية، على أن يتم تخصيص الميزانية التي رصدتها الولايات المتحدة لحربها على ما يسمى بـ"الإرهاب" لدعم وتنشيط الاقتصاد الأمريكي، ووضع برامج اقتصادية مستقبلية.