بسم الله الرحمن الرحيم .
حينما يعرض المرء على من يحاكمه ، يصاب بالإرتباك حتى لو لم يخطئ او يذنب
إنما هي رهبة الوقوف أمام القاضي ، وعلاوت المكان ، وعظم الموقف ورهبته
هي دوافع رئيسة لتلك الرهبة ، فهذا حال أي إنسان عابر في هذه الحياة ، ولا
سيما إذا لم يكن ذو منصب أو جاه او " واسطه " فحتماً يكون مختلف تماماً عن
تلكم الآصناف في الرهبة ، فأتوقع ان غيره ولو وقف أمام القاضي ، يقف بتبجح
وإستعلاء ، وإفتخاراً بما وصل إليه .. هذا حال الملوك الذي لا يخشون الله وأصحاب
المناصب الذي لم يراقبوه في ما وكلوا إليه ، ولم ينجزوا عملهم على أتم وجـــه .
" عجيب " حال تلك الملكة المسلمة ، التي لطالما وقفت بين يدي باريها بخضوع
وذل وإنكسار ، تناجي ربها ، وتحاول ان تحاكم نفسها قبل أن تحاكم ، وتحاسبها
قبل ان تحاسب ، تلك الملكة التي قد جعلت شغلها الشاغل ، الوقوف أمام محكمة
عدل لا تظلم فيها ، ورحمة تحسد عليها ، وتلذذ بالسعاة الكل يتمناها ولا سيما من
وصفهم الله في كتابه { فهي كالحجارة أو أشدُّ قسوة .. الآية } سعادة بإخراج تلك
الدموع بإستشعار عظمة الرب جل في علاه ، وبكاء القلب من كلامه تقدست أسماؤه .
كل يوم تقف وتندب حالها ، رغم ما تعمل من الصالحات ، وتحذر في الوقوع فيما يغض
الرب جل جلاله ، إنها ملكة حاكمت نفسها ، وعاتبت جوارحها ، وخسخست نفسها لـ /
تفريطها ولو لحظات بعيداً عن الله تعالى ، او تضييعاً فما وهبها الله من نعمة الوقت
والفراغ ، ملكة تحاكم ، تتهم رغم البراءة ، وتبكي رغم الفلاح ، علها تصل بذلك إلى
جنات عرضها الأرض والسموات ، بإذن رب البريات ، فلم يخب يوماً من لاذ في حماه .
منقول .........)