السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعتقلت هي وابنة أخيها روضة حبيب عند حاجز بيت حانون، واتهمتهما قوات الاحتلال بالتخطيط لتنفيذ عملية تفجيرية، وبعد تسعة أشهر من الاعتقال أنجبت طفلها يوسف، فمكث معها عامًا ونصف العام تقريبًا، كان بسمة الأمل والحياة لديها في ظل ما تتعرض له من ممارسات تعسفية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، تمنت على الله ألا يتم العامان إلا وهي معه خارج زنازين الاعتقال، فسمع الله الدعاء.إنها الأسيرة الفلسطينية المجاهدة فاطمة الزق، التي أفرجت عنها قوات الاحتلال، ضمن صفقة أجرتها دولة الاحتلال مع آسري الجندي الأسير جلعاد شاليط، وتقضي تفاصيلها بالإفراج عن عشرين أسيرة مقابل أن تعطيهم الجهات الآسرة شريط فيديو يؤكد أن تعطيهم شاليط ما زال على قيد الحياة.حاورنا الأسيرة المحررة فاطمة الزق «أم يوسف الوليد بالسجن»، لنطلع على رحلة الاعتقال والمعاناة التي تعرضت لها في ظل حملها بيوسف، ولنتعرف عن قرب على أوضاع الأسيرات وما يعانينه من آلام وويلات في المعتقلات الصهيونية.
• من حيث نهاية رحلة الأسر وعذابات الاعتقال، نبدأ حوارنا معك أم يوسف، كيف كان استقبال نبأ الإفراج عنك في عملية التبادل التي أقرتها مؤخرًا دولة الاحتلال مع آسري الجندي شاليط، وهل كان الأمر مفاجئًا؟
في الحقيقة لم يكن النبأ مفاجئًا، بل استشعرته بقلبي، وطالما أخبرت أخواتي الأسيرات أن الله كريم رحيم، ولن يطيل أسري وغيابي عن فلذات كبدي، ولن يحرمني من يوسف الذي كان سيفارقني عندما يبلغ العامين، جاءت الأخبار بأن الاحتلال سيفرج عن أسيرة وابنها من قطاع غزة ضمن عشرين أسيرة أخرى، ولم يكن في سجون الاحتلال أسيرة وابنها سواي ويوسف، فالحمد لله الذي أكرمني ومنَّ عليَّ بالحرية، وأتمنى أن يمنَّ على بقية الأسيرات حتى يتم تبييض السجون، بإذن الله.• كيف استقبلت الأسيرات نبأ الإفراج؟ وماذا عن لحظات الوداع لهنَّ بعد عامين ونصف من الاعتقال؟لحظات وداع
بين الدمعة والبسمة استقبلت الأسيرات نبأ الإفراج عنهن، فكلهنَّ كن سعيدات بخروجنا، وفي الوقت ذاته يتألمن لفراقنا، وكذلك كان الحال في قلوبنا، لقد خرجت بجسدي وتركت روحي معلقة تحفهنَّ، فما زال في الأسر ثلاثون أسيرة يتعرضْن لأقسى العذابات والويلات، وتزداد أعدادهنّ في ظل الاعتقالات المتكررة.
تركت أخواتي الأسيرات منهنَّ من تبكي للفراق، ومنهنَّ من تبتسم وتخفي دمعاتها، فقط من أجل أن تشاركني فرحتي بالإفراج. وقت التبليغ بخبر الإفراج عني لم أستطع أن أرى وجوههن وعيونهن الدامعة، دخلت إلى زنزانتي، فيحق لي كأم أن أمكث داخل الزنزانة من السابعة صباحًا حتى السادسة مساءً، لم أستطع أن أرى العيون والوجوه في لحظات الوداع قبل انبلاج شمس الصباح، لم أتحمل دموع أختي قاهرة السعدي، لقد حرقت قلبي، ودموع أختيَّ لينا وأحلام التميمي، وكل الأخوات أصحاب المحكوميات العالية، فحاجتهنّ لتنسم الحرية كحاجتي تمامًا،
وكلي أمل أن يتم الإفراج عنهنّ قريبًا حينما يستكمل رجال المقاومة تفاصيل الصفقة الكبرى، فعهدنا بالمقاومة والمجاهدين لن يتغير، وكل الأسرى والأسيرات يوقنون بأنهم لن يتخلوا عن أي من شروطهم، وسيجبرون الاحتلال على الخضوع لطلباتهم من أجل الجندي شاليط، الذي لولا أسره ما أبصرنا نور الحرية في عملية التبادل.
• عودة بالذاكرة إلى ما قبل الأسر، كيف تم الاعتقال؟
في العشرين من أيار (مايو) 2007م، خرجت برفقة ابنة شقيقي إلى الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية بهدف العلاج، وعند حاجز بيت حانون إيريز فوجئنا بقوات الاحتلال تعتقلنا، كان لدينا تصريح إسرائيلي بدخول أراضي الضفة، ولكن ما إن وصلنا إلى حاجز بيت حانون حتى تم توقيفنا في مركز تحقيق هناك، بينما زعمت قوات الاحتلال أنها قامت بعملية الاعتقال بتهمة التخطيط لتنفيذ عملية استشهادية، ومن ثمَّ تم تحويلنا إلى معتقل «هشارون».
كان أمر الاعتقال ليس مفاجئًا وغير مستغرب من قوات الاحتلال التي تكيل الاتهامات كما يحلو لها، عندما خرجت مع ابنة شقيقي توقعت أسوأ الاحتمالات حتى لا أصدم، كنت على يقين أن الإنسان الذي يشق طريقه إلى الله يقابله الكثير من الأشواك، وعليه الصبر حتى يرى ثمرته ورودًا ورياحين تعبق أنفاسه بأريجها الطيب، والحمد لله صبرت على آلام الأسر وافتقاد الأحبة، وأكرمني الله على صبري بالإفراج والتنعم باحتضان الأهل في قطاع غزة من جديد.