التبول اللاإرادي ... ذنب لم يقترفه الطفل
لبنى الجادري
التبول اللاإرادي : هو عملية عدم سيطرة عضلات المثانة على الأدرار الذي تحتويه وتفريغه في الوقت والمكان المناسبين .
ويحدث عندما تكون عضلات المثانة غير قادرة على القيام بعملها بصورة طبيعية ، وهي مشكلة يعاني منها عدد كبير من الأطفال في فترات معينة من
طفولتهم ، وقد تستمر الى ما بعد مرحلة المراهقة .
تكمن مشكلة التبول اللاإرادي في الناحية الأجتماعية .. عندما يسبب إحراجا للطفل وللأم وللعائلة بشكل عام ، وقد تخجل الأم من تصرف طفلها ، وقد
يشعر الطفل بغضب والدته ، إلا أنها تتحمل عبء غسل ملابسه وغسل فراشه دون أن تتحمل عبء معالجته ، خاصة بعدما نتعرف على أسباب هذه
المشكلة
أسباب المشكلة وهي :
(1) مشكلة فسيولوجية / يعاني بعض الأطفال من التبول اللاإرادي بسبب عيوب خلقية ، إذ تعاني عضلات المثانة من ضعف في أدائها الطبيعي ، يزداد
خطورة وصعوبة عندما يترك دون علاج ، تاركين علاجه للزمن والتقدم في العمر والنضج ، وهذا أعتقاد خاطيء، إذ أن معالجة ضعف عضلات
المثانة يتم في الصغر وعند أكتشاف الحالة ، حيث يتم تشخيص المرض ومعالجة المشكلة ، وهذا النوع من الأسباب ، سهل المعالجة بالنسبة
للأسباب الأخرى ( كالحالات النفسية ) .
(2) مشكلة أجتماعية / عندما يتعرض الأطفال الى مواقف حادة مؤلمة ، لا تستطيع عقولهم الصغيرة أستيعاب أغلب الأحداث فيها ، فأنهم يتركونها
الى عقلهم الباطن الذي يخزنها ويعيد أرسالها على شكل موجات دماغية تعرف ب ( الأحلام والكوابيس ) ، فأثناء النوم ينشط العقل الباطن ليترجم
هذه الأحداث التي لم يجد لها تفسيرا في عقله الظاهر وتصبح شبحا يثير فيه المخاوف والتساؤلات ، فيصاب بحالة من الفزع تدفعه الى التبول دون
سابق إنذار ، فالفزع الشديد ، والخلافات الحادة بين الوالدين ، والضغوط الأجتماعية العامة ، وضغط التعليم وضغط التقيد بالعادات والتقاليد وحبس
الطفل وتقييد حركته وعدم فسح المجال الكافي له للتنفيس وإشباع تساؤلاته اللامحدودة ، كلها أمور تجعل من عملية التبول اللاإرادي واردة في أية لحظة ممكنة .
(3) مشكلة نفسية / يعاني بعض الأطفال ، دون علمهم أو علم ذويهم من حالات نفسية يصابون بها جراء مواقف يمرون بها في تجارب حياتهم
الصغيرة ، فالطفل الذي يتخاصم مع زميله ويتشاجر معه ، تشكل له عملية رد فعل ، متمثلة بخوفه من ضرب هذا الطفل له ، وعدم قدرته على رد
الضربة وخوفه من التعرض للأذى، كل هذه التساؤلات تشكل له مخاوف تسهم في إبراز مشكلة التبول اللاإرادي ، كذلك الأطفال الخجولين ، يصابون
بهذا السلوك الغير طبيعي أكثر من أقرانهم ، إذ يمنعهم خجلهم من التعبير بصراحة عما يدور في نفوسهم ، ويحاولون تجنب كل ما يثير خجلهم ،
بالضغط على مشاعرهم وعلى عضلاتهم الصغيرة ، فيفقدون السيطرة فيما بعد ، ويستسلموا للتبول اللاإرادي .
إن سخرية الأسرة من الطفل الذي يتبول بشكل لاإرادي ، هي من الأمور التي تزيد من تفاقم هذه المشكلة ، إذ أن الطفل بريء من هذا الذنب ، ويتمنى
أن يتخلص من هذا الشبح الذي يطارده ، لذلك وجب على الأسرة تقديم كل العون والمساعدة للطفل ، وتؤطر ذلك بالمحبة والتفهم من خلال :
أ- على الأهل أن يتحلوا بالصبر وسعة الحلم في فهم حالة الطفل المرضية ( سواء كانت نفسية ، أو فسيولوجية ) ، ومحاولة التعرف على أسباب
المشكلة بأدق التفاصيل ، لمساعدة الطفل على تخطيها .
ب- التحدث الى الطفل حول حالته ومحاولة إفهامه أسباب مشكلته وتقليل شعوره بالذنب تجاه هذه المشكلة وطلب مساعدته في حلها والتخلص منها .
ج- إستشاره الطبيب المختص لتطويق حالة الطفل والقضاء على أسبابها العضوية مبكرا .
د- تدريب الطفل على الذهاب الى الحمام أكثر من أقرانه وخلال فترة النوم ليلا .
ه- محاولة التعرف على أسباب التبول اللاإرادي ، وهي عديدة ، ومنها :
** العنف / إن أستخدام القوة في تربية الأطفال ومعاقبتهم جسديا وبأستمرار ، يثير فيهم حالة من أرتخاء العضلات ليلا ، إذ أن هذه العضلات
متقلصة طوال فترة النهار كرد فعل طبيعي لحماية نفسه من العنف الموجه اليه .
** الخوف من العقاب / إن الخوف والفزع الذي يصيب الطفل أثناء قيامه بعمل سيء ، ويعرف أن والديه سيعاقبانه بقوة ، يدفعه شعوره هذا الى
التبول لاإراديا ، كتفسير عن حالة الخوف التي يمر بها .
** إلزامية الأوامر التي تعطى للأطفال وتقييد حرياتهم الشخصية في التعبير أو اللعب أو تناول الطعام ، كلها أمور قد يرفضها الطفل فيما بعد ، ويعبر عنها بتبوله اللاإرادي .
** الخجل الزائد / بعض الأطفال يعانون من الخجل المفرط ويحرجون حين يوجه اليهم الكلام أو الأوامر ، ويجدون أنفسهم في موقف محرج ، قد
يصابوا بنوع من التبول اللاإرادي ، وقد يكون ضمن الموقف الذي يتواجدون فيه .
إن هذه المشكلة هي من أخطر مشاكل الاضطرابات السلوكية لدى الأطفال ، لما تحتاجه من وقت وجهد كبيرين في سبيل القضاء عليها ، كما تحتاج
الى لمسات أسرية مفعمة بالمحبة الضرورية التي تزيد من ثقة الطفل المعاني لهذه المشكلة ، وتدفعه نحو طلب المساعدة والتجاوب مع النصيحة
الحوار المتمدن - العدد: 1913