اهتم الإسلام كثيراً بموضوع المرأة، فجعل النساء شقائق الرجال، وأصبحت المرأة تمثل نصف المجتمع؛ ثم تلد لنا النصف الآخر، وأولى الإسلام المرأة اهتماماً كبيراً في كل مجال من مجالاتها، واستثناها في بعض الأحكام بحسب ما يناسب الزمان والمكان؛ بسبب طبيعة خلقها وتكوينها وخصائصها التي تختلف عن طبيعة وخصائص الرجال، ونذكر هنا بعض الفتاوى التي تخص المرأة في شهر رمضان والتي نقلناها عن علماء المسلمين:
سؤال: متى يجب الصيام على الفتاة؟
الجواب: يجب الصيام على الفتاة متى بلغت سن التكليف، ويحصل البلوغ بتمام خمس عشرة سنة، أو بإنبات الشعر الخشن حول الفرج، أو بإنزال المني المعروف، أو بالحيض، أو بالحمل.
فمتى حصل بعض هذه الأشياء لزمها الصيام ولو كانت بنت عشر سنين، فإن الكثير من الإناث قد تحيض في العاشرة أو الحادية عشرة من عمرها؛ فيتساهل أهلها، ويظنونها صغيرة، فلا يلزمونها بالصيام؛ وهذا خطأ، فإن الفتاة إذا حاضت فقد بلغت مبلغ النساء، وجرى عليها قلم التكليف، والله أعلم. ابن باز -رحمه الله -"1.
سؤال: تتعمد بعض النساء أخذ حبوب في رمضان لمنع الدورة الشهرية - الحيض - حتى لا تقضي فيما بعد، فهل هذا جائز؟ وهل في ذلك قيود حتى لا تعمل بها هؤلاء النساء؟
الجواب: الذي أراه في هذه المسألة ألا تفعله المرأة، وتبقى على ما قدَّره الله - عز وجل - وكتبه على بنات آدم، فإن هذه الدورة الشهرية لله - تعالى - حكمة في إيجادها، هذه الحكمة تناسب طبيعة المرأة، فإذا منعت هذه العادة فإنه لا شك يحدث منها رد فعل ضار على جسم المرأة، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا ضرر ولا ضرار))2، هذا بقطع النظر عما تسببه هذه الحبوب من أضرار على الرحم كما ذكر ذلك الأطباء.
فالذي أرى في هذه المسألة أن النساء لا يستعملن هذه الحبوب، والحمد لله على قدرته، وعلى حكمته.
وإذا أتاها الحيض تمسك عن الصوم والصلاة، وإذا طهرت تستأنف الصيام والصلاة، وإذا انتهى رمضان تقضي ما فاتها من الصوم" ابن عثيمين3.
سؤال: إذا طهرت المرأة في رمضان قبل أذان الفجر فهل يجب عليها الصوم؟
الجواب: إذا انقطع الدم عن المرأة في آخر الليل من رمضان يصح لها أن تتسحر وتنوي الصيام؛ وذلك لأنها في هذه الحال طاهرة ينعقد صومها، ولا تصح الصلاة حتى تغتسل، ولا يصح أيضاً وطؤها حتى تغتسل لقوله - تعالى -: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ}4" ابن جبرين5.
سؤال: إذا طهرت المرأة بعد الفجر مباشرة هل تمسك وتصوم هذا اليوم، ويعتبر يوماً لها، أم يجب عليها قضاء ذلك اليوم؟
الجواب: إذا انقطع الدم منها وقت طلوع الفجر أو قبله بقليل صح صومها، وأجزأ عن الفرض ولو لم تغتسل إلا بعد أن أصبح الصبح، أما إذا لم ينقطع إلا بعد أن تبين الصبح فإنها تمسك ذلك اليوم، ولا يجزئها، بل تقضيه بعد رمضان، والله أعلم" ابن جبرين6.
سؤال: إذا وضعت قبل رمضان بأسبوع مثلاً، وطهرت قبل أن أكمل الأربعين؛ فهل يجب عليّ الصيام؟
الجواب: نعم، متى طهرت النفساء، وظهر منها ما تعرفه علامة على الطهر وهي القصة البيضاء أو النقاء الكامل؛ فإنها تصوم وتصلي ولو بعد الولادة بيوم أو أسبوع، فإنه لا حدّ لأقل النفاس، فمن النساء من لا ترى الدم بعد الولادة أصلاً، وليس بلوغ الأربعين شرطاً، وإذا زاد الدم على الأربعين ولم يتغير فإنه يعتبر دم نفاس، تترك لأجله الصوم والصلاة، والله أعلم " ابن جبرين7.
"سؤال: ماذا عن الحامل أو المرضع إذا أفطرتا في رمضان؟
الجواب: لا يحل للحامل أو المرضع أن تفطر في نهار رمضان إلا للعذر، فإن أفطرتا للعذر وجب عليهما قضاء الصوم؛ لقوله - تعالى - في المريض: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}8، وهما بمعنى المريض، وإن كان عذرهما الخوف على المولود فعليهما مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم من البر أو الرز أو التمر أو غيرهما من قوت الآدميين، وقال بعض العلماء: ليس عليهما سوى القضاء على كل حال؛ لأنه ليس في إيجاب الإطعام دليل من الكتاب والسنة، والأصل براءة الذمة حتى يقوم الدليل على شغلها، وهذا مذهب أبي حنيفة، وهو قوي" ابن عثيمين9.
"سؤال: امرأة وضعت في رمضان ولم تقض بعد رمضان لخوفها على رضيعها، ثم حملت وأنجبت في رمضان القادم، هل يجوز لها أن توزع نقوداً بدل الصوم؟
الجواب: الواجب على هذه المرأة أن تصوم بدل الأيام التي أفطرتها ولو بعد رمضان الثاني؛ لأنها إنما تركت القضاء بين الأول والثاني للعذر، ولا أدري هل يشق عليها أن تقضي في زمن الشتاء يوماً بعد يوم وإن كانت ترضع، فإن الله يقويها ولا يؤثر ذلك عليها، ولا على لبنها، فلتحرص ما استطاعت على أن تقضي رمضان الذي مضى قبل أن يأتي رمضان الثاني، فإن لم يحصل لها فلا حرج عليها أن تؤخره إلى رمضان الثاني" ابن عثيمين10.
"سؤال: إذا طهرت الحائض في أثناء النهار من الحيض فهل تمسك بقية اليوم؟
الجواب: إذا طهرت المرأة في أثناء النهار من الحيض أو من النفاس تمسك بقية ذلك اليوم وتقضيه، فإمساكها لحرمة الزمان، وقضاؤها لأنها لم تكمل الصيام، وفرضها صيام الشهر كله؛ ولأن الذي يصوم نصف النهار لا يعد صائماً". ابن جبرين11.
وصلى الله على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين.
1 فتاوى إسلامية (2/228).
2رواه ابن ماجة برقم (2331)، وصححه الألباني في الصحيحة برقم (250).
3 فتاوى إسلامية (2/301).
4 البقرة (222).
5 فتاوى الصيام (1/72).
6 فتاوى الصيام (1/71).
7 فتاوى الصيام (1/71).
8 البقرة (18).
9 فتاوى إسلامية (2/307).
10 فتاوى إسلامية (2/310).
11 فتاوى الصيام (1/73).
منقول ---