السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
رسالتي خاصة اليك يا من تقرأ المقالة، وتظن نفسك مستورا، لقد حدثوني عنك، وأرجو ان يكون ما بلغني غير حق.
أخي الحبيب: لقد اخبروني بأنك سقطت في بنيات الطريق، وانك كنت تبحث بالأمس عما يطفئ الشهوة، ويهدئ لهيبها، واليوم أصبحت الشهوة جزءا من حياتك، وعادة يصعب عليك تركها.
أخي الحبيب: أصحيح انك ترى الخاشعين والباكين والراكعين والساجدين، وأهل الطواف وأهل الاعتكاف، ثم تنظر في قلبك وتتحسس في وجدانك، فلا تجده الا قاسيا غليظا كما عُهد؟!
اخي الحبيب: أيصح ما سمعته عنك، انك اليوم أصبحت صاحب أخبار، وأسفار ومغامرات ومغامرات؟! أما هجس في قلبك يوما ان تسقط الطائرة وأنت فيها؟! أو تنقلب السيارة وأنت داخلها؟ أو ان يؤذيك الصداع فيصارحك الطبيب انها بداية جلطة في المخ أو في القلب؟!
اخي الحبيب: حدثوني انك والغ في المعصية، حتى صارت الشهوة جزءا من حياتك وشخصيتك وتكوينك، وانه لو عرف الناس حقيقة أمرك لاجتنبوك وباعدوك، وهجروك وقلوك، وانك قد افلحت في تزيين ظاهرك بعض التزيين أما باطنك فتركته تلعب فيه المعاصي والاثام.
اخي الحبيب: اصحيح ما بلغني عنك، ان المعصية تخايلك حتى وانت واقف بين يدي الله تعالى في صلاتك؟ فذهنك شريد، وعقلك بعيد، كلما بحثت عن ذهنك وجدته على شفير زلة، أو على مشارف هاوية.
أخي الحبيب: اصحيح ان المرأة اصبحت صورة دائمة بين ناظريك، وصوتا هامسا يرن في اذنيك، ورسما مطبوعا في خيالك لا يفارقك؟ واذا صدق الوشاة الذين حدثوني، فأنت تعد ساعات النهار عدا، ليقبل عليك الليل وتعمل ما يمليه عليك الهوى، إذا: لقد اصبحت الشهوة ادمانا يجري في دمك، ويتخلل في عروقك، ويأكل معك ويشرب، وينام على فراشك ويستيقظ.
أخي الحبيب: أو حقا لا تدع امرأة تمر بك إلا حدقت فيها بنظرك، وأمعنت فيها ببصرك، حتى يتوارى عنك سوادها ويغرب عنك خيالها، ثم تتبع ذلك بالحسرات والزفرات؟
اخي الحبيب: انني اذكر اننا التقينا يوما من الأيام، فحدثتني انت بنفسك، عما تعانيه من الكرب، والهم والغم والألم، ولو صدقتك لقلت لك: هذه ثمرات الذنوب، أفلا تتوب؟! ولقد نصحتك بالرجوع الى كتب أهل العلم، وقراءة ذلك الكتاب النفيس الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي للإمام الفذ ابن قيم الجوزية، فاعتذرت مني بكثرة الشواغل والصوارف والعوائق، وأنا أرى ان هذه المشاغل ما صرفتك عن لذاتك وشهواتك، ولا منعتك من أسفارك وأعمالك، ولا حالت بينك وبين من تحبُ وتعشق، ولكنك اثاقلت الى الأرض، ورضيت بالحياة الدنيا عن الآخرة، وما متاع الحياة الدنيا في الآخرة الا قليل.
اخي الحبيب: ولعلي أكون مصيبا عندما أكذب خبر الذين حدثوني انك تعاقر الخمر، وتتعاطى الدخان، وربما تهم بالمخدرات، وقد تركها العقلاء حتى في الجاهلية، وابتعدوا عنها، اذ كيف يشرب الانسان ما يزيل عقله ويذهب بلبه، ويجعله في جملة المجانين؟!
اخي الحبيب: الا ترى ان علاقتك بزوجتك ساءت وبدرجة لا تسر، فهي ليست لك كما تحب، وليست لك كما كانت بعد الزواج، حينما كنت صالحا مستقيما، وكنت تقوم معها بعض الليل، وتقرأ معها بعض القرآن، وتشترك معها في قراءة الورد صباحا ومساءً، أما اليوم فالله المستعان! فما الناس بالناس الذين عرفتهم وما البيت بالبيت الذي كنت أعرف، حتى ان أمرتك زوجتك بالقيام لصلاة الفجر، أو المسارعة الى الصلاة، وجدت في ذلك ثقلا، وغضبت عليها، وأرغيت وأزبدت، فأين أنت بالأمس؟!
اين ذلك الشاب الذي كان يبحث عن فتاة أول شروطها ان تكون متدينة؟! انها الوحشة بينك وبين الناس من أثر المعصية، ولقد قال بعض السلف: اني لأعصي الله تعالى فأرى ذلك في خلق امرأتي ودابتي.
اخي الحبيب: فها انت ترى ان كثيرا من أمورك تعسرت، فأنت لا تطرق بابا الا وجدته موصدا في وجهك، ولا أريد ان اضع النقاط على الحروف، ولكن الخبر وتفصيله عندك، كيف وجدت نفسك يوم ان كنت تدرس، وقد اوصدت في وجهك الأبواب، ثم في الوظيفة، ثم في التجارة، ثم في المعاملات الكثيرة التي كنت تديرها مع الناس؟
أخي الحبيب: هذا ما عندي لك، وقد محضتك النصيحة، واني - والله - ادعو الله تعالى في سجودي ان يرحمك برحمته، ويخرجك من هذه الورطات والهلكات، التي لا مخلص منها الا بحول الله تعالى وتوفيقه، فأعن اخوانك على نفسك بكثرة السجود، والتوبة النصوح، واعلم انه مهما بلغت ذنوبك فان رحمة الله أوسع من كل ذنب، واسأل الله تعالى ان يتولاني واياك.
اخوتي القراء.. لعلكم تتساءلون: ما الذي يدعوني الى ان اخاطب هذا الاخ بهذا الاسلوب؟
أقول: انني لا اعرفه ولكنني اعرف ان من بين القراء من يكون كذلك، فليتحسس كل واحد منكم نفسه، فلعله هو المخاطب، فان لم يكن فلينظر بين ثوبيه فلربما كان المخاطب هو أنت.. أو أنتِ!!