كتبهاإمارة القوقاز ، في 14 يوليو 2010 الساعة: 14:29 م
-
نشر في 2006/08/28 (قبل إعلان إمارة القوقاز)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين! والصلاة والسلام على رسول الله محمد، وآله، وصحبه. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. يقول سبحانه في القرآن:
(كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا -21- وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا -22- وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ۚ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّىٰ لَهُ الذِّكْرَىٰ -23- يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي -24-) سورة الفجر
بعد نشر مقالي "مسلمون حتى النهاية"، وصلتني رسالة من الإخوة، الذين يعيشون في روسيا. في رسالتهم وجهوا لي أهم الأسئلة، التي سأحاول أن أجيب عليها بعون الله في هذه المقالة. المواضيع، التي سوف تتناولها، ذات صلة باليوم. لقد درستها، بإسنخدام إمكاناتنا المتواضعة، وبالرغم من أنني لست شيخا، سوف أنقل لكم آراء اللعماء الموثوقين في هذا الشأن، والله تعالى أعلم.
وما سأل حوله الإخوة، متصل مباشرة بمسائل الكفر والتكفير. لذلك، أولا سأحاول إختصاره وتسهيله على المسلمين، الذين ليس عندهم معرفة عميقة، سأسلط الضوء على هذا الموضوع.
لقبول الإسلام، يكفي لأي شخص أن يلفظ الشهادة. بعدها يصبح واحدا منا، وروحه، وعرضه، وماله يصبح محرما على المسلمين.
"لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة" (رواه البخاري ومسلم)
من أجل أن تعلن ذلك المسلم بعينه مرتدا فلابد من محكمة. إضافة إلى هذا، يجب أن يكون المسلم مكلفا (عند سن البلوغ، وليس مجنونا). وهذه المحكمة تدرس ظروف القيام بالكفر. وبتقوم بتحديد، موانع التكفير، التي تمنع من إعلان تكفير هذا الشخص، الذي إرتكبب الكفر. وهذه الموانع:
1 . الجهل: إذا كان المرء قد دخل الإسلام حديثا.
2 . الإكراه: إذا كان المرء تحت التعذيب، ومهددا بالموت أو خسارة عضو.
3 . الشبهة: إذا لم يتعبر المرء أن هذا الفعل كفر، معتمدا في هذه الحالة على تأويل خاطئ للقرآن والسنة، أو الإستناد إلى حديث موضوع.
زيادة على ذلك، يشرح له أهل العلم بلغة سهلة جوهر فعله (إقامة الحجة) ويفندون رأيه الخاطئ (إزالة الشبهة) وبعدها يعطى ثلاثة أيام من أجل أن يتوب. في هذه الحالة إذا تراجع عن خطأه، فعندها يخلى سبيله. ولكن إذا أصر، فيحاكم ويعدم. وبذلك، إرتكاب الكفر وإعلان التكفير – ليسا شيئا واحدا.
إن الله الرحمن الرحيم يحب، من يقبل الإسلام، لذلك سهل هذا الأمر. ويكره، من يغادر الإسلام، لذلك ترك مجال للتوبة والرجوع.
إذا المسلم الذي إرتكب الكفر، رفض أن يفسر فعله فالمحكمة، عندها يجب أن تجبره على ذلك.
إذا كان مجموعة من المسلمين يرتكبون الكفر، ولديهم شوكة، ويرفضون المحكمة الشرعية، فعندها تكفر المجموعة كلها (تكفير الطائفة)، بدون إعلان تكفير كل من أفرادها بأعيانهم (تكفير العين). بعدها يجب مقاتلة هذه المجموعة. بعد النصر عليها، تجرى محاكمة لكل فرد من هذه المجموعة. إن تطبيق الحكم على الجماعة يختلف عن تطبيق الحكم على الفرد بعينه، فليس من الضروري إقامة الحجة عليهم.
مثال على ذلك من التاريخ، أولئك الذين رفضوا أن يدفعوا الزكاة، في خلافة أبي بكر، رضي الله عنه. فأعلنت أن هذه الطائفة مرتدة، وقاتلوها. وعندما إنتصر المسلمون عليهم، الذين تابوا أطلق سبيلهم إلى ديارهم. وبعدها، لم يولى منهم أمير، ولم يسمح لهم لفترة أن يركبوا الخيل ويحملوا السلاح.
مثال آخر – غلاة الشيعة (الرافضة)، الذين هم طائفة ضالة، والذين أعلن أنهم طائفة كفر، ولكن كل رافضي بعينه لا يمكن أن يعتبر كافرا بشخصه، بدون أن يفسر حاله في محكمة شرعية. ويستثنى منهم فقط العلماء الذين يناقشون علانية ويعرض عليهم المعرفة اللازمة (تقام عليهم الحجة) بحيث لا يمكن أن يجادلوا بشيء. أعلن أهل السنة تكفير هؤلاء العلماء.
وإذا وقف مسلم ضد المسلمين، إلى جانب الكفار، فعندها الموقف منه هو نفس الموقف من الكفار. فدمه لا يظل محرما ومن الممكن قتله. ولكن، لا يمكن تكفيره بشخصه بدون أن تعلن ذلك محكمة.
دعونا نتذكر مثالا من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما قاتل في بدر جزء من المسلمين الذين لم يهاجروا من مكة، وكانوا إلى جانب الكفار. وكان من بينهم عم النبي العباس رضي الله عنه.
ويروى أن العباس بن عبد المطلب (عم النبي) قال للنبي صلى الله عليه وسلم، عندما أخذ أسيرا في غزوة بدر:
"يا رسول الله أنى كنت مكرها".
فأجابه: "أما ظاهرك فكان علينا وأما سريرتك فالى الله". (إنظر إبن تيمية، مجموع الفتاوى، الجزء 28، 537)
إذا كان المرء عضوا في جماعة كافرة فهذا لا يعني أنه كافر بعينه. فالإعتراف بأن شخصا بعينه كافرا يعني أنه يجب أن ينقل، وماله حلال، ويجب أن ترق زوجته عنه مباشرة، وأن أبناءه لا يرثونه وهو لا يرث والديه، ويحرم لحم ذبيحته، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يصلى عليه، إلخ.
الآن، بعد أن وضحنا بإختصار موضوع الكفر والتكفير، دعوني أحاول أن أجيب الأسئلة التي وجهها الإخوة.
السؤال 1: هل من الممكن أن نعتبر من المسلمين رجلا يدعي أنه كذلك، ولكنه في إسلوب حياته، لا يتوافق تماما مع الإسلام؟ أو أن نعتبر من المسلمين، ذلك الذي يعتبرونه تقليديا مسلما نظرا لكونه عضوا في إثنية نعينة؟
الإجابة: أي شخص، يدعي نفسه مسلما، بغض النظر عن عرقه هو منا، حت تحكم المحكمة بعكس ذلك. المسلم، الذي يعيش حياة لا تتفق مع الإسلام، يعتبر فاسقا.
السؤال 2: "فيما يتعلق بالمفتين، جاء في ميثاق "ДУМов" أنهم يعملون وفقا لقانون الإتحاد الروسي، وكذلك يدعون للخضوع للرئيس الكافر، وللصداقة والإتحاد بين الإسلام المسيحية واليهودية؟ هل لا يزالون مسلمين أو أصبحوا مرتدين؟
الإجابة: إن المسلمين الذين يساعدون الكفار بالكلمة أو الفعل ضد المسلمين، سواء كانوا مسؤولين، أو جنود، أو شرطة، رموز دينيين، إلخ – يحادون الله، وذلك يجب المرء أن يقاتلهم كالكفار. وجميع من يدخل في جماعة الكفار يمكن أن يقاتل ويقتل، ومن بينهم المسلمين، والله يبعثهم على نياتهم.
السؤال 3: "إستمرار للسؤال 2: فيما يتعلق بأتباع المفتين في مناصب – "الأئمة"، و"الحضرة"، و"المحتسب"، الذين يدعمون المفتين، إنهم يذهبون ويقرون "يباركون" إفتتاح الأكاديميات العسكرية (للعدو)، وإفتتاح مختلف مراكز المحرمات، مثلا محلات السوبرماركت (التي تبيع الفودكا، ولحم الخنازير، إلخ)، وهم يشاركون في إحياء المناسبات البدعية، ويصمتون عن الذهاب إلى الإنتخابات (الرئاسية، والدوما، وهيئات الحكم الذاتي المحلي، إلخ) الذي تناقض مع التوحيد. هل هم كفار أم مسلمين؟"
الإجابة: إن الأشخاص، الذين تسأل عنهم، يتشاركون في حال التنظيم، الذي دخلوا فيه. وكل واحد منهم على حدة لا يعلن كافرا (على الرغم أنه أمام الله يمكن أن يكون كافرا) ولكنهم أعضاء في جماعة الكفار. وكما قلت سابقا، إذا كان هؤلاء يقاتلون ضد المسلمين بالكلمة والفعل، فلابد أن يقاتلوا في سبيل الله، ودماؤهم هدر. وإذا كانوا أشرارا ينشرون الشر، بدون أن يقاتلوا ضدنا، ناقشوهم، فإذا لم يستمعوا، فعندها إبتعدوا عنهم.
السؤال 4: "يطرح سؤال مرتبط بتطبيق الأحكام القضائية، مثلا نكاح المرأة، التي ليس عندها ولي، أو الطلاق بمبادرة من المرأة (عنما ينتهك الزوج حقوقها)، إلخ. في حالة عدم وجود القاضي؟
الإجابة: ولي المرأة يمكن أن يكون مسئول في الدولة الإسلامية (مثلا – الشيشان، التي بالرغم من كوها محتلة، حافظت على هياكل السلطة)، أو أمير مجموعة قتالية، أو عالم موثوق به. إنهم يمكنهم أن يقوموا بدور القاضي. بالنسبة للمسلمين الضعفاء والمرضى، الذين لا يستطيعون المشاركة في الجهاد، وليسوا في مجموعات قتالية ولا يستطيعون الوصول إلى الأمير، فيجوز لهم أن يتوجهوا إلى محكمة المسلم العادي أو حتى الفاسق، الذي لديه علم إسلامي، ولكنه لا يجاهد لسبب غير وجيه.
والله تعالى أعلم.
***
الإخوة يقولون أنه حصل لهم خلط ويطلبون أن أساعدهم بالمشورة حتى يجدوا بعون الله الصراط المستقيم ويذكروا الحق للناس. وهذا السؤال يمكن أن يصاغ تريبا هكذا:
ماذا يجب على المسلمين الذين يعيشون في روسيا أن يقوموا به ليجدوا الصراط المستقيم؟ كيف يبعدون عنهم غضب الله حتى يكون راضيا عنهم ويجازيهم بالجنة الأبدية؟
المسلمون الذين يعيشون في إقليم دولة الكفار، التي تقاتل المسلمين، هم في ظروف غير إعتيادية. إن التواجد في إقليم العدو، يتطلب أحكاما شرعية خاصة، تتوافق مع هذا الوضع.
أولا، يجب أن نتذكر أن حياة المسلم في إقليم العدو محرم بشدة. وهو جائز فقط بصورة إستثنائية للمجاهدين، الذين ينفذون العمليات الإستثنائية، وكذلك غير الملزمين الجهاد (الشيوخ الواهنين، الرمضى، والمقعدين، والنساء، والأطفال)، إذا لم يستطيعوا الهجرة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين". (رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي بسند صحيح)
إن الحياة بين الكفار، تجعل المسلم عرضة للفتنة في دينهم وإنهم في الحقيقة يساعدون الكفار في حربهم ضد المسلمين. إنهم يقدمون الدعم للكفار، في صورة الضرائب والرسوم الجمركية.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) 51 سورة المائدة
أي مساعدة للكفار ضد المسلمين وتخرج المرء من الإسلام. (إنظر عبدالقادر بن عبدالعزيز، "العمدة في إعداد العدة"، ص 476 – 480. وهذا الكتاب للشيخ السعودي المجاهد عبدالقادر بن عبدالعزيز* ممنوع في كل العالم. وفي هذا العمل يذكر الشيخ بالتفصيل ويفند أخطاء أدعياء السلفية وغيرهم من الطوائف في مسائل الجهاد).
العديد يبررون أنهم أمام طريق مسدود، وهم مكرهون على دفع الضرائب. والواقع ليس كذلك. المكره هو الذي يجبر بالقوة على المعصية. يجوز أن تقوم بعمل أو تقول كلمات، تخرج من الإسلام، فقط في حالة الضرورة، عندما يكون هناك خطر حقيقي (ويبقى الإيمان قويا في القلب) يهدد حياة الإنسان. والخوف من خسارة المال أو دخول السجن لا يصنف بأنه ضرورة.
للأسف، نحن نرى أن المسلمين اليوم في كل العالم مسخت عقيدتهم، لدرجة أنهم بدون تردد يقومون بالكفر، ويساعدون الكفار، ويرتكبون معصية كبيرة، بنبذهم الجهاد، وبالرغم من كل هذا إنهم يؤكدون بأنهم مشغولين بنشر وإحياء الإسلام.
يقول الله سبحانه: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) 10 سورة الحجرات
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم". (رواه البخاري ومسلم)
ويقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كذلك: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفس". (البخاري ومسلم).
وقال كذلك: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى شيئا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". (رواه البخاري المسلم)
المشكلة الأساسية للمسلمين اليوم بأن العديد منا لا يشعرون بأنهم جزء من الكل. ولا تطبقون مبدأ الولاء والبراء. (إنظر لمقالتي "الولاء والبراء" على موقع قفقاس سنتر) في كل الأرض الكفار يسفكون دماء إخواننا وأخواتنا، والمسلمون يظلون لا مبالين. وعندما تقرأ عليهم كلمات الله سبحانه وتعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ) 190 سورة البقرة، فإنهم يقولون: "ولكن لا أحد يقاتلنا! إنهم يسمحون لنا بالذهاب إلى المسجد، وبالكاد يضربوننا، لماذا تقتلهم؟!
أي أنهم لا يعتبرون باقي المسلمين إخوانهم، ويتبرؤون منهم علانية.
إن الجهاد في سبيل الله اليوم واجب على كل مسلم، يعيش على هذه الأرض. يقول الإمام القرطبي:
"إذا تعين الجهاد بغلبة العدو على قطر من الأقطار، أو بحلوله بالعقر، فإذا كان ذلك وجب على جميع أهل تلك الدار أن ينفروا ويخرجوا إليه خفافًا وثقالاً، شبابًا وشيوخًا، كل على قدر طاقته، من كان له أب بغير إذنه، ومن لا أب له، ولا يتخلف أحد يقدر على الخروج من مقاتل أو مكثر.
فإن عجز أهل تلك البلدة عن القيام بعدوهم كان على من قاربهم وجاورهم أن يخرجوا على حيث ما لزم أهل تلك البلدة، حتى يعلموا أن فيهم طاقة على القيام بهم ومدافعتهم، وكذلك كل من علم بضعفهم عن عدوهم، وعلم أنه يدركهم ويمكنه غياثهم لزمه أيضًا الخروج إليهم، فالمسلمون كلهم يد على من سواهم." (تفسير القرطبي، الجزء 8، ص 151)
يقول العالم الحنفي إبن عابدين:
"وفرض عين إن هجم العدو على ثغر من ثغور الإسلام فيصير فرض عين على من قرب منه، فأما من وراءهم ببعد من العدو فهو فرض كفاية إذا لم يحتج إليهم.
فإن احتيج إليهم بأن عجز من كان بقرب العدو عن المقاومة مع العدو أو لم يعجزوا عنها ولكنهم تكاسلوا ولم يجاهدوا فإنه يفترض على من يليهم فرض عين كالصلاة والصوم لا يسعهم تركه، وثم وثم إلى أن يفترض على جميع أهل الإسلام شرقا وغربا على هذا التدريج". (حاشية إبن عابدين، الجزء 3، ص 238) وهذا ما عليه علماء المذاهب الأربعة.
يقول شيخ الإسلام إبن تيمية:
"أما قتال الدفع: فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين. فواجب إجماعاً، فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه. فلا يشترط له شرط. بل يدفع بحسب الإمكان." (الإختيارات الفقهية، ص 532)
وبناء على ما كتب أعلاه، يمكن أن نقول أنه يجب على إخواننا الذين يعيشون في روسيا، أن يهاجروا وينضموا إلى المجاهدين في القوقاز (أو أي مكان آخر). ويمكن لأمير المجاهدين أن يأمر واحدا من بين المسلمين أي يظل في موقعه، وينفذ الهمات القتالية.
"ولكن إلا لم يجد إتصال مع المجاهدين، فعندها بشكل مستقل عليه أن دراسة أساليب الحرب ويستعد للقتال. وإذا وجد أتباعا، عندها يجب أت تجتمعوا ويختاروا أحدهم أميرا عليهم، وخلافا لهذا التنافض." (إنظر عبدالقادر بن عبدالعزيز، العمدة في إعداد العدة"، ص 134 – 520).
بعض الجهلة يؤكدون، أن مثل ذلك الجهاد عبادة صعبة لتطبيقها يحتاج ظاهريا إلى علم عميق بالإسلام وإيمان كبير. وهذا كذب لا أساس له وذريعة للإبتعاد عن الجهاد.
عن البراء رضي الله عنه قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل مقنع بالحديد، فقال:
"يا رسول الله أقاتل أو أسلم؟"، قال: "أسلم، ثم قاتل"، فأسلم، ثم قاتل فقتل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "عمل قليلا وأُجر كثيرًا". (البخاري، 2808)
بالتأكيد، هناك العلم الضروري لكل عبادة (وكذلك لكل فعل أو كلمة).
أولا، من الضروري أن نعرف مشروعية هذه العبادة، يعني هل هذه العبادة شرعية في الشريعة وما هو حكمها (هل هي واجب، أو مستحسن، أو جائزة، أو محرمة).
مثلا قبل الدخول في معركة مع بعض الناس، من الضروري أن تبين، هل هذه الحرب مشروعة وما هي حكمها.
ثانيا، هو العلم بكيفية أداء هذه العبادة (إذا كانت جائزة)، مثلا عندما رجل إلى الحج، فعندها يجب عليه أن يدرس الأحكام الأساسية، التي تتعلق شعائر الحج.
نحن سبق أن ناقشنا مسألة مشروعية الجهاد، ولكن هناك ملحوظة إضافية مهمة بهذا الخصوص. إنها تتعلق بالراية، التي يقاتل تحتها المسلمون.
إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حرم القتال تحت الرايات غير الإسلامية أو الرايات قومية. (والحديث حول الراية يرويه مسلم) يقول الله سبحانه:
(الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) 76 سورة النساء
لذلك لا يمكن أن تقاتل تحت قيادة كافرة (حتى لو كان هناك بعض المنفعة للمسلمين). ولا يمكن القتال تحت راية "عمية"، أو راية غير واضحة كما حصل في القوقاز في بداية القرن العشرين، عندما قاتل المسلمون تحت شعار "عاشت الشريعة والنظام السوفيتي!"
نحن لا نعترف بالرايات المختلطة من نوع الراية "الإسلام الإشتراكي" أو "الإسلام الديمقراطي" وما شابهها، إن رايتنا يجب أن تكون إسلامية فقط ولا شيء آخر. وحتى لو كان بين صفوفنا أشخاص بعقائد جاهلية، فعندها قادتنا لا يسعون وراء أهداف أخرى، سوى إقامة كلمة الله.
إن العديد من الإخوة يخطئون، حين يعتبرون أن المسلم، الذي يعيش في أرض العدو، يجب أن يذهب إلى المسجد ويطلق اللحية، يدعو للإسلام بعلانية. في الواقع، إنهم يجب أن يعلموا بأنهم موجودون في إقليم العدو كمخربين أو مخبرين ولا يجوز لهم ان يكشفوا عن أنفسهم.
على العكس من ذلك، إذا كان لأحدهم إمكانية الدخول إلى اجهزة السلطة، فعندها بأمر من أمير الجماعة يجب عليه أن يخترق الكفار. حتى يتمكن من دراسة نظام الكفار العسكري من الداخل، ويعلم مواطن ضعفهم.
إن رسول الله صلى، الله عليه وسلم، أرسل الجواسيس إلى معسكر الكفار، حيث كان عليهم ان يحصلوا على الكفار، مخفين دينهم (مثلا: في غزوة الأحزاب).
في حديث إبن عباس، رضي الله عنهما، ذكر فيه أبو ذر، رضي الله عنه، أنه قال: "… ودخلت معه على النبي فقلت له: اعرض علي الإسلام فعرضه فأسلمت مكاني فقال لي يا أبا ذر اكتم هذا الأمر وارجع إلى بلدك فإذا بلغك ظهورنا فأقبل فقلت والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم". (البخاري، 3522)
ويقول كعب بن مالك رضي الله عنه: "ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة". (البخاري، 4418)
إن الزعماء الدينيين للمسلمين: المفتين، والأئمة، والدعاة، الذين يدعون علانية للإسلام، ليس لهم الحق في إخفاء دينهم عن الناس. وإذا وجهت لهم مسألة حول الجهاد من شخص ما، فيجب أن يقول الحقيقة بأن الجهاد فرض عين على كل مسلم.
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) 159 سورة البقرة
اليوم العديد من العلماء والدعاة لا يخفون عن المسلمين أهم مسائل دينهم، ولكنهم يكذبون علينا صراحة. البعض يقول الحقيقة فقط للدائرة المحيطة به، وفي التصريحات العلنية والخطب يلومون المجاهدين.
إنهم يدعون الآخرين للجهاد في فلسطين، والعراق، وأفغانستان، حيث هو مناسب لهم، ولكن ليس في الشيشان، ولا في القوقاز، لأن الكفار في روسيا يحرمون هذا، ويصفون مجاهدي القوقاز بالعصابات.
نفس الشيء يجري كذلك في الدول العربية. المفتين، وعلماء الحكومة يحرمون مساعدة المجاهدين في الشيشان وحتى الدعاء لهم وبالنسبة لهم، يبررون ذلك بأنهم لا يريدون أن يفسدوا العلاقات مع روسيا (فتوى رسمية للمفتي الحالي للعربية السعودية).
هناك من يدعون للجهاد في الشيشان، ولكنه يسكت حول مسألة وجوب الإطاحة بالأنظمة الكافرة في الدول الإسلامية.
بالتأكيد، إذا كان الرجال لا يريدون أن يجاهدوا، وفقا لأهوائهم، أو تحت تأثير الشبهات، فهم سيبحثون بأنفسهم عن تبريرات. ولكن البعض لايتوقفون عند هذا ويبدؤون بإتهام أولئك الذين يجاهدون.
أشهر مثال – أدعياء السلفية (المدخلية). ولكن فتواهم ليست خطيرة جدا، إنها تظهر بوضوح الطبيعة الإنهزامية. ورأي هؤلاء الذين يحولون جهاد فرض العين إلى فرض كفاية هو أخطر بكثير.
على النقيض من الطوائف، إنهم لا تكلمون ضد الجهاد تحت الظروف المعاصرة، إنهم ببساطة لا يقومون بذلك، معتبرين أن هناك أشياء أكثر أهمية. الإختلاف الأساسي هو كيف يقعدون يتهربون من الجهاد بشكل أفضل: وفقا للفرد أو الجماعة. فهم أولا يرفضون أي شكل من أشكال التنظيم (بما في ذلك العسكري)، وثانيا هم يدعون لتشكيل الجماعة المسالمة في إقليم العدو.
في الأول علماؤهم، وفي الثاني – أمراؤهم يحرمون القتال. معتدمين على فتوى العلماء الموالين للحكومة، التي وافقت على تشكيل الجماعة الإسلامية المسالمة في الدول الغربية، فأصدروا حكما كذلك، فيما يتعلق بمسلمي روسيا.
هذا الرأي الغريب بما فيه الكفاية لا يتناقض مع الشريعة فقط، ولكن مع التفكير السليم. حيث مثلا، للشيشان (أو غيرهم من القوقاز) يعتبرون المشاركة في جهاد الدفع ضد روسيا واجبا، وبالنسبة للمسلمين الذين يعيشون في إقليم روسيا يكون إختياريا.
إضافة إلى هذا، إنهم يعتبرون أفضل خيار للمسلمين في روسيا هي – "إعادة تأهيل مصطلح الجامعة في عيون الدولة، بأن يشكلوا نموذجين أو ثلاثة للجماعة، التي تظهر الشكل الجديد للجماعة، تركز على الحوار بين الدولة والإدارات الروحية للمسلمين، وليس المواجهة معهم".
وليس واضحا ما الدين الذي هم عليه من بياناتهم، ولكن لا يمكن أن تكون هذه السخافات في الإسلام. نحن أمة واحدة – شعب واحد. هل من الممكن أن نعيش بسلام مع أولئك الذين يقتلون إخواننا وأخواتنا؟!!
اليوم تشكيل الجماعة المسالمة في إقليم روسيا، ليس سوى خيانة. كما قال الشيخ عبدالعزيز بن عبدالقادر:
" أوجب الواجبات الشرعية في هذا الزمان هو الجهاد في سبيل الله تعالى نصرة لدين الله سبحانه وإنقاذا للأمة من المذلة والهوان … وأي جماعة لا تعمل في هذا السبيل هي مُخْطِئة ومُقَصِّرَة وإن قامت ببعض واجبات الدين الأخرى … ولذلك فنحن نرى وجوب الإجتماع على الجماعة الأقدم ذات المنهج الصواب … كما أننا نرى أن شَغْل المسلمين بأي أمر سوى الجهاد في سبيل الله ـ في هذا الزمان ـ كما تفعله كثير من الجماعات الإسلامية، هو خيانة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وخيانة لهذا الدين وتضييع له، قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) 27 سورة الأنفال (العمدة في إعداد العدة، ص 341)
إنهم يشيرون أنه من الضروري أن نعيش في جماعة ونطبق مبدأ وحدة المسلمين، ولكن ما هي هذه الوحدة، عندما جزء من المسلمين يقاتلون، والآخرين في نفس الوقت، يحاولون "الإتفاق على التعاون مع الإدارات الروحية للمسلمين والهيئات دولة الكفار"؟ على الأرجح، هذه الوحدة – ليست مع المسلمين، بل مع الكفار.
دعوا كل مسلم يعيش في روسيا اليوم، ويرغب في أن يوضح لنفسه هذه المسألة، ويطرحوا على أنفسهم هذا السؤال المحدد: هل أعتبر مشاركا في هذه الحرب، التي تجري بين المسلمين والكفار (في إقليم الشيشان المحتل وإقليم روسيا)، وهل هو فرض عين؟
إذا أقر بأن هذا فرض عين، فعندها هذا الواجب يجب أن يؤدى الآن ولا يمكن أن يوضع جانبا. المسلم لا يمكن أن يتهرب من الجهاد من أجل أن ينشغل "بالدعوة السلمية" في مؤخرة العدو. هذا ليس في كتاب الله ولا سنة رسوله، صلى الله عليه وسلم. أثناء الحرب لم يرسل رسول الله الدعاة في مؤخرة الكفار، ولكن الجواسيس.
الآن تجري حرب بين الكفار ضد المسلمين – وهذه حقيقة. والنصرة ضرورية للإخوة – هذا واضح. والإدعاء بأن هذا لا يهمكم – بهيمية. ولكن محاولة التعاون مع العدو، والمساعدة في تقوية دولته والدعوة لتطبيق قوانينه – هو خيانة لله والمسلمين.
بالنسبة للمسلمين، الذين يعيشون في روسيا وهم منضمون في جماعة عسكرية، هناك خياران فقط.
الأول: عندما لا يعلم الكفار بوجود الجماعة أو يعلمون، ولكنهم لا يمكنهم تحديد هوية الأمير أو مكانه. هذا الشخص يعيش بشكل شرعي بين الكفار، ولا يعرف حقيقة كونه الأمير سوى عدد قليل من الناس. وعموما، هذا أمير مجموعة صغيرة عميقة سرية.
الخيرا الثاني: عندما يكتشف الأمير في الحركة السرية ويحبث عنه الكفار. كما هو حال أمراء الجماعات الكبيرة، وأمراء الجبهات والقواطع.
في الحالة الأولى أمير المجموعة يمكنه أن يعمل في الشرطة أو هيئات حكومة الكفار، مستخدما هذا كغطاء. وهذا القائد يجب أن لا يدعو علانية للإسلام، حتى لا يجلب لنفسه الشبهة أو ينكشف.
في الحالة الثانية يجب على الأمير ليس أن يحارب فقط، ولكن كذلك أن يدعو للإسلام بشكل علني. يجب عليه أن يكتب الرسائل، ويسجل صوتيا ومرئيا في الدعوة للتوحيد والجهاد. يجب عليه أن يحاول أن يجذب إلى المجموعات المسلحة العلماء والطلبة حتى يعلموا المسلمين دينهم، وبمشاركتهم في الجهاد يعطون مثالا لباقي المسلمين.
سؤال إضافي مهم، كثيرا ما يسأله الإخوة:
ما هي الفئات التي يجب أن يقاتلها المسلمون؟
الإجابة: يجب على المسلمين أن يقاتلوا الفئات التالية من الناس:
1 . ضد الكفار الأصلين (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) 36 سورة التوبة.
(قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) 29 سورة التوبة
2 . ضد المرتدين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) 54 سورة المائدة
أولئك الذين يدخلون في هذه الفئة، من ينبذون الإسلام وينتقلون إلى دين آخر. يقول رسول الله: "من بدل دينه فإقتلوه" (حديث معروف يرويه إبن عباس). وكذلك مجموعة المسلمين، الذين يرفضون أداء أي من أركان الإسلام ويرفضون الطاعة.
مثلا، أولئك الذين لا يحرمون إنتاج وإستخدام الخمر ويرفضون دفع الزكاة أو أداء الجهاد المتعين. روي عن أبو هريرة رضي الله عنه، انه قال:
"لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب، قال عمر بن الخطاب لأبي بكر: "كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله عز وجل؟"
فقال أبو بكر: "والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقاتلتهم على منعه". فقال عمر بن الخطاب: "فوالله ما هو إلا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال قال فعرفت أنه الحق". (البخاري 1399، 1400)
سئل شيخ الإسلام إبن تيمية عن أولئك الذين يرفضون قتال التتار المغول. فأجاب: "فإن الله يقول في القرآن: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ۚ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) 39 سورة الأنفال
والدين هو الطاعة، فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله، وجب القتال حتى يكون الدين كله لله ولهذا قال الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ -278- فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ -279-) سورة البقرة
وهذه الآية نزلت في أهل الطائف، لما دخلوا في الإسلام والتزموا الصلاة والصيام، لكن امتنعوا من ترك الربا فبين الله أنهم محاربون له ولرسوله إذا لم ينتهوا عن الربا، والربا هو آخر ما حرمه الله، وهو مال يؤخذ برضا صاحبه، فإذا كان في هؤلاء محاربين لله ورسوله يجب جهادهم، فكيف بمن يترك كثيرا من شرائع الإسلام أو أكثرها كالتتار. وقد اتفق علماء المسلمين على أن الطائفة الممتنعة إذا امتنعت عن بعض واجبات الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها.
إذا تكلموا بالشهادتين، وامتنعوا عن الصلاة، والزكاة، أو صيام شهر رمضان، أو حج البيت العتيق، أو عن الحكم بينهم بالكتاب والسنة، أو عن تحريم الفواحش، أو الخمر، أو نكاح ذوات المحارم، أو عن استحلال النفوس، والأموال بغير حق، أو الربا، أو الميسر، أو الجهاد للكفار، أو عن ضربهم الجزية على أهل الكتاب، ونحو ذلك من شرائع الإسلام، فإنهم يقاتلون عليها حتى يكون الدين كله لله". (إبن تيمية، الجهاد، الجزء 2، ص 152)
3 . ضد الإمام (الحاكم) الذي يرتكب الكفر البواح. يقول إبن كثير في تفسير قوله سبحانه:
(أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)
"ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله … فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله …" (إبن كثير، تفسير سورة المائدة، الآية 5)
إن العديد من العلماء المعاصرين في تعليقهم على كلام إبن كثير بينوا، بأن هذا هو حكم الحكام، الذين يحكمون المسلمين اليوم، بالقوانين الوضعية.
يقول الشيخ أحمد شاكر، رحمه الله: "أفيجوز مع هذا في شرع الله أن يحكم المسلمون في بلدهم بتشريع مقتبس عن تشريعات أوربة الوثنية الملحدة؟ بل بتشريع تدخله الأهواء والآراء الباطلة، يغيرونه ويبدلونه كما يشاءون. لا يبالي واضعه أوافق شرعة الإسلام أم خالفها؟ … إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس. هي كفر بواح، لا خفاء فيه ولا مداورة. ولا عذر لأحد ممن ينتسب للإسلام ــ كائنا من كان ــ في العمل بها أو الخضوع لها أو إقرارها". (أحمد شاكر، عمدة التفسير لختصر تفسير إبن كثير، الجزء 4، صفحة 173 – 174)
ويقول الشيخ محمد حامد الفقي، رحمه الله، في تعليقه على كلام إبن كثير: "من اتخذ من كلام الفرنجة قوانين يتحاكم إليها في الدماء، والفروج، والأموال، ويقدمها على ما علم وتبيَّن له من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهو بلا شك كافر مرتد، إذا أصرَّ عليها، ولم يرجع إلى الحكم بما أنزل الله، ولا ينفعه أي اسم تسمَّى به، ولا أي عمل من ظواهر أعمال الصلاة والصيام والحج ونحوها". (هوامش كتاب "فتح المجيد في شرح كتاب التوحيد"، طبعة أنصار السنة، ص 396)
الشيخ محمد بن إبراهيم، الذي كان مفتيا للعربية السعودية، رحمه الله، أن الحكم بغير ما أنزل الله هو كفر أكبر، الذي يخرج من الإسلام ستة حالات، والخامس "يتفق تماما مع حال الدول الإسلامية في زماننا".
ويضيف: "وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع، ومكابرة لأحكامه، ومشاقّة لله ورسوله، ومضاهاة بالمحاكم الشرعية … فكما أنّ للمحاكم الشرعية مراجعَ مستمدّات، مرجعها كلُّها إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلهذه المحاكم مراجعٌ، هي: القانون المُلفّق من شرائعَ شتى، وقوانين كثيرة، كالقانون الفرنسي، والقانون الأمريكي، والقانون البريطاني، وغيرها من القوانين … فأيُّ كُفر فوق هذا الكفر، وأيُّ مناقضة للشهادة بأنّ محمدًا رسولُ اللهِ بعد هذه المناقضة". (محمد بن إبراهيم، "تحكيم القوانين")
4 . ضد المسلمين الذين يقاتلون في صفوف الكفار، ويدعمونهم ماديا أو بالكلام. إن الشرطة، والجيش، و"الحرس المدني"، والمفتين، وإلخ، من المشاركين في الحرب الإعلامية والأيديولوجية إلى جانب الكفار. وكذلك الصحفيين، والعلماء، وممثلي المنظمات الشعبية. كل هؤلاء الأشخاص "حكمهم" العام، أنهم كفار.
بالرغم من أننا لا نتهم كل شخص في صفوفهم بعينه بالكفر. ولكن يمكننا أن نقتل أي منهم بدون إنذار. يقول شيخ الإسلام:
"ومن أخرجوه معهم مكرها، فإنه يبعث على نيته ونحن علينا أن نقاتل العسكر جميعه إذ لا يتميز المكره من غيره".
ويضيف الشيخ مثال حالة العباس الذي ذكر سابقا. (إبن تيمية، مجموع الفتاوى، الجزء 28، ص 535 – 537)
ويجمع كل العلماء أنه لو أن شخصا خوفا من الموت أجبر على قتل المسلم، فعندها لا يجوز له ذلك، وأن الإجبار ليس مبررا للقتل. هذا فيما يتعلق بالإكراه، ولكن ماذا نقول عن أولئك، الذين عن طيب خاطر يلاحقون المسلمين ويقتلونهم من أجل مساعدة الكفار؟
5 . ضد السراق والجماعات التي تخرج على الحاكم المسلم الشرعي.
(إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) 33 سورة المائدة
أولا على المسلمين أن يقاتلوا ضد المرتدين، الذين يقاتلون إلى جانب العدو أو يخدمون في حكومة الكفار وبعد هذا فقط، يأتي العدو الخارجي. الحرب ضد الخونة هي أولوية بالنسبة للمجاهدين.
"وهؤلاء مرتدون وكفر الردة أغلظ بالاجماع من الكفر الأصلى". (إبن تيمية، مجموع الفتاوى، الجزء 28، ص 478)
"والصديق وسائر الصحابة بدؤا بجهاد المرتدين قبل جهاد الكفار من أهل الكتاب، فإن جهاد هؤلاء حفظ لما فتح من بلاد المسلمين … وجهاد من لم يقاتلنا من المشركين، وأهل الكتاب من زيادة اظهار الدين وحفظ رأس المال مقدم على الربح". (إبن تيمية، مجموع الفتاوى، الجزء 35، ص 158 - 160)
كل الصحابة أجمعوا أن الجهاد يجب أن يبدأ بالمرتدين. وبالنسبة لبعث أسامة بن زيد في حملة ضد بيزنطة في بداية عهد أبي بكر، فهذا لا يتناقض مع ما سبق، حيث أن أبا بكر أرسل هذا الجيش بأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان في هذا مصلحة كبيرة، حيث أن هذه الحملة أرهبت أولئك، الذين أرادوا الردة عن الدين. (إنظر إبن كثير، البداية والنهاية، الجزء 6، ص 304 – 305)
وبناء على ما سبق وأقوال العلماء المذكورة، يجب أن يكون واضحا أن المشاركة في الجهاد اليوم – هو واجب على كل مسلم، أينما وجد. وعدم أداء هذا الواجب – كبيرة. وعدم الإعتراف بهذا الواجب – كفر.
الحقيقة بسيطة، وجلية، والكذب معقد ومتشابك. في القرآن هناك العديد من الآيات الواضحة حول الجهاد. وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم – كلها جهاد في سبيل الله.
ولكن، العديد من أولئك، الذين يرفضون الحقيقة، ويحاولون أن يحرفوا الدين وإبتداع الحجج الباطلة لتبرير ذلك، وبذلك يزيد من خطئه. عندما تذكر لهم الآيات الواضحة حول الجهاد، يقولون بأنها في جهاد الطلب، الذي هو فرض كفاية. (فرض الكفاية – هو واجب العام، حيث لا تكون فرضا على كل شخص، إذا قام به ما يكفي من الناس. ولكن إذا لم يقم به ما يكفي من الناس، عندها يصبح فرض عين على كل مسلم)
أولا: اليوم الجهاد – فرض عين ضد جميع الفئات من الأعداء التي ذكرت سابقا.
ثانيا: وحتى إذا كان فرض كفاية، فمع ذلك يبدو بشكل واضح أن الكفاية لم تتم.
ثالثا: الآيات التي نزلت في جهاد الطلب، وعدت المجاهدين بالأجر وحذرهم من التهرب منه – خصوصا إذا كان جهاد دفع، الذي هو أكثر أهمية.
وفي الختام أريد أن أقول للإخوة: إتبعوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وسوف تنجحون. بعد معرفة الحق، إقبلوه وتمسكوا به. وأسأل الله أن يثبتنا وإياكم على سبيل الحق.
(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) 13 سورة الأحقاف
قاطع كباردينو – بلكاريا
الأمير سيف الله