[frame="15 10"]
س : ما هو حق الداعية على الناس ؟
ج: ينبغي للناس أن يتعاملوا مع الداعية على أنه بشر فعندما يرسل لي واحد رسالة مثلاً يكتب فيها إذا لم ترد على سوف أنتحر ، أو يرسل أقسم عليك بالله الذي فطر السماوات والأرض أنك ترد على رسالتي الآن وإلا .. ثم تتصل عليه فإذا هو شاب عنده قضية عادية أو يسألك عن موضوع تافه فأقول للناس رفقا بالدعاة في الاتصال بهم ، وأحياناً يأتيك واحد يمسكك عند المسجد قرابة نصف ساعة لأجل قضية يمكن يختصرها في ثلاث دقائق .
س : الذي قال لك سأنتحر بماذا أجبته ؟
ج : يا أخي هذا أصلاً من ضعف الهمة ، وقلة الثقة في النفس عند الشباب والفتيات .. الشخص المسكين هو الذي استسلم لأخطائه وقنع بقدراته ، وقال : هذا طبعي الذي نشأت عليه ، وتعودت عليه ، ولا يمكن أن أغير طريقتي .. والناس تعودوا علي بهذا الطبع .. أما أن أكون مثل خالد في طريقة إلقائه .. أو أحمد في بشاشته .. أو زياد في محبة الناس له .. فهذا محال ..
أذكر أن رسالة جاءتني على هاتفي الجوال .. نصها : فضيلة الشيخ .. ما حكم الانتحار ؟ فاتصلت بالسائل فأجاب شاب في عمر الزهور .. قلت له : عفواً لم أفهم سؤالك .. أعد السؤال ! فأجاب بكل تضجر : السؤال واضح .. ما حكم الانتحار .. فأردت أن أفاجئه بجواب لا يتوقعه فضحكت وقلت : مستحب .. فصرخ : ماذا ؟! قلت : أقول لك : حكم الانتحار أنه مستحب .. لكن ما رأيك أن نتعاون في تحديد الطريقة التي تنتحر بها .. ؟ فسكت الشاب .. فقلت : طيب .. لماذا تريد أن تنتحر ؟ قال : لأني ما وجدت وظيفة .. والناس ما يحبونني .. وأصلاً أنا إنسان فاشل .. و ..
وانطلق يروي لي قصة مطولة تحكي فشله في تطوير ذاته .. وعدم قدرته على الاستفادة بما هو متاح بين يديه من قدرات ..
لماذا ينظر أحدنا إلى نفسه نظرة دونية ؟ لماذا يلحظ ببصره إلى الواقفين على قمة الجبل ويرى نفسه أقل من أن يصل إلى القمة كما وصلوا .. أو على الأقل أن يصعد الجبل كما صعدوا ..
ومن يتهيب صعود الجبال .. يعش أبد الدهر بين الحفر
جلست يوماً مع شيخ كبير بلغ من الكبر عتياً .. في مجلس عام ، كل من فيه عوام متواضعو القدرات ، وكان الشيخ يتجاذب أحاديث عامة مع من بجانبه .. ولم يكن يمثل بالنسبة لمن في المجلس إلا واحداً منهم له حق الاحترام لكبر سنه .. فقط ..
ألقيت كلمة يسيرة .. ذكرت خلالها فتوى للشيخ العلامة ابن باز ..
فلما انتهيت .. قال لي الشيخ مفتخراً : أنا والشيخ ابن باز كنا زملاء ندرس في المسجد عند الشيخ محمد بن إبراهيم .. وانبلجت أساريره لهذه المعلومة .. كان فرحاً جداً لأنه صاحب رجلاً ناجحاً يوماً من الدهر ..
بينما جعلت أردد في نفسي : ولماذا يا مسكين ما صرت ناجحاً مثل الشيخ ابن باز ؟ ما دام أنك عرفت الطريق لماذا لم تواصل ..؟ لماذا يموت ابن باز فتبكي عليه المنابر .. والمحاريب .. والمكتبات .. وتئن أقوام لفقده ..
وأنت ستموت يوماً من الدهر .. ولعله لا يبكي عليك أحد .. إلا مجاملة .. أو عادة ..!!
فأقول لكل شاب وفتاة : كن بطلاً واعزم من الآن أن تطبق ما تقتنع بنفعه من قدرات .. كن ناجحاً .. اقلب عبوسك ابتسامة .. وكآبتك بشاشة .. وبخلك كرماً .. وغضبك حلماً .. اجعل المصائب أفراحاً .. والإيمان سلاحاً .. استمتع بحياتك .. فالحياة قصيرة لا وقت فيها للغم ..
عفواً يبدو أني خرجت عن الموضوع ..
س : لا .. لا نزال فيه .. وننتقل لموضوع آخر ..
فضيلة الشيخ : هناك نساء يتصلن بالبرامج التلفزيونية وينشرن الأسرار والخلافات الزوجية هل هذا من الإصلاح ؟
ج : إذا كانت السؤال يستفيد منه السامعون كالتعامل بين الزوجين أو سؤال في الطهارة والصلاة فلا بأس ، أما ذكر قضية شخصية أو ذكر اسمها الصريح أو حتى أسمها الأول ويعرف صوتها كثير ممن يشاهدون تلك الحلقة فهذا في تصوري غير مناسب .
س: هل صوت المرأة يعتبر عورة ؟
ج : المرأة صوتها ليس منهياً عن سماعه إلا إذا كان فيه نوع تغنج وإثارة للغريزة أما إذا امرأة تسأل سؤالا جادًا فلا بأس .
س : حتى لو كان على الملأ وفي التلفاز ؟
ج : حتى لو كان على الملأ ، فالنبي صلى الله عليه وسلم خطب بالناس وسألهم سؤالاً معينًا فقامت امرأة من الناس وأجابت فقالت : " يا رسول الله أنهم ليفعلون وإنهن ليفلعن " فانظر كيف تكلمت أمام المجموعة كذلك أسماء بنت يزيد بن السكن عندما سألت النبي صلى الله عليه وسلم أمام الناس عن الجهاد فأجابها .
س: هل هناك برنامج يعوض الجانب هذا إذا قلقنا أنه مثلاً لأمور شخصية ؟
ج : ممكن عن طريق الفاكس أو عن طريق اتصال على الشيخ نفسه بعد ذلك هاتفياً أو تتصل على الإفتاء .
س : ماذا عن بعض البرامج التي يتم فيها مسابقات ما يسمى بالتوب تن "TOP 10" من الأغاني والمطربين ؟
ج : هذا الجواب فيه واضح نسأل الله العافية ، أنا مرة من المرات في إحدى الثانويات فيها قرابة الألف طالب تكلمت عن التدخين فقلت لهم : يا شباب علبة السجائر كم سجارة فيها ؟ قالوا : عشرين .. عشرين .. قلت : الكرز ( العلبة الكبيرة ) كم بكيت فيه ؟ قالوا : عشرة ، فقلت : يا شباب ما معنى "الله الصمد" ، ولا واحد رفع يده ، ما معنى "والعاديات ضبحا" ، ولا واحد رفع يده ، فقلت : ما هو الذكر الذي تقوله في الصباح وإذا مت قبل المساء دخلت الجنة وإذا قلته المساء ومت قبل الصباح دخلت الجنة ؟ ولا واحد أجاب ، انظر هذه مشكلة حقيقية أن يتوجه الإعلام إلى جعل الناس يتنافسون في معرفة أسماء المغنين أو يعطيه مقطعًا من أغنية ويقول أكمل الأغنية ، أعوذ بالله يا أخي أعطه مقطعًا من آية وقل له : الآية من أي سورة ؟ أعطه أسم صحابي وقل له : أعطنا موقفًا له مع النبي صلى الله عليه وسلم ..
س : عفواً يا شيخ أنا شاب مثلاً أسمع الأغاني وأنت تقول لي لا تسمع الأغاني ، نعم أنا أسمع كلامك ولكن هات لي عوضا عنها هات شيء يعوضني عن سماع الأغاني ؟
ج : ليس بلازم أن أعطيك بديلا لها ، وعموماً مسألة وجود البديل ليست قاعدة شرعية ، ليس كل متعة لازم لها بديل ، وليس كل شيء يكون محرماً يكون هناك بديل له ، الخمر مثلاً أعطني بديلا لها ، لا يوجد بديل ، المخدرات واحد يحشش قال : أعطوني بديلاً ، إيش رأيك ؟ نروح نجيب له حشيش إسلامي! لذلك فالأصل أن الإنسان عبد والعبد يطيع سيده .
س : لو أتينا بالأناشيد الإسلامية كبديل منطقي للأغاني ؟
ج : أنت كنت تريدني أن أقول هذا ، لكني لن أقوله لأنه قد يقول لك الأناشيد الإسلامية ما فيها ألحان ما فيها موسيقى ما فيها أنواع الأورق والعود .
س: انطباعك عن سماع الأناشيد الإسلامية ؟
ج : والله يا أخي الأناشيد كانت سابقاً جيدة وموفقة ينشدها شباب أصواتهم جشه ينتقون ألحانًا جادة وأبياتًا مناسبة وألفاظًا رائعة ، أما الفترة الأخيرة فقد بدأ أكثرها لا تعدو أن يكون مجرد إطراب للسامع ، أكثروا فيها من الآهات والترديدات وأنواع الصدى والخلفيات التي أشبه بالموسيقى ، لدرجة أنك في بعض الأناشيد لولا ثقتك بالمنشد ودينه وإلا لأقسمت أنها موسيقى ، فأقول : الأناشيد يجب أن تعود إلى رونقها وأن لا ننزل كثيراً مع الأناشيد .
س : وهل أنت مع من يقول في الوقت الراهن أن الأناشيد تثبيط للأمة ؟
ج : لا ليست إلى هذا الحد لأن بعض الأناشيد ما زال فيها رونق وجمال وجودة إلقاء ولا يزال بعض المنشدين متميزون .
س : وهل وصل فضيلتكم إلى ما كان يصبو إليه في مجال الدعوة ؟
ج : ههههه كيف ما كان يصبو إليه ؟
س : يعني شيء وددت أن تصل إليه في الدعوة ؟
ج : استغفر الله أنا إنسان مسكين ، يا أخي لكن يعني الأمر مثل ما قال الأول : إذا غامرت في شرف مروم
س : فلا تقنع ..
ج : فلا تقنع بما دون النجوم ، يعني الواحد يكون همته عالية دائماً والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " منهولان لا شبعن يعني جائعاً طالب علم وطالب دنيا فكذلك الداعية لا ينبغي أن يقول مثلا والله أنا اهتدى على يدي عشرة خمسة عشر عشرون خلاص الحمد لله أنا أجلس ببيتي لا إلا أعمل بالدعوة وأعمل بالخير ونصح الناس حتى يأتيك الموت وأنت تدعو إلى الله وتنصح وتذكر بذلك يعقوب عليه والسلام وهو يموت مثل ما قال الله: (أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي) (البقرة:133) لا حظ وهو يموت ينبه أولاده على مسألة العبادة والدعوة فكذلك ينبغي لمن كان يقتدي بالأنبياء أن يستمر بدعوته حتى نهاية حياته .
س: هناك بعض المشايخ لا يستطيعون مقابلة الجمهور دائماًَ يغلق بابه أمام أي سائل بحجة التفرغ للدعوة أو للمحاضرات أو للكتابة ؟
ج : هذه تختلف باختلاف الناس فبعض الناس أصلاً لا يحب مخالطة الآخرين ، ليس لأنه داعية أو طبيب أو مهندس إنما لأنه إنسان عادي هذه طبيعته ، لماذا تلزمه بخلاف طبعه ؟!
وكذلك بقية المهارات ليس مهماً أن يجمعها الشخص كلها .. لماذا يلزم الداعية أن يصبح خطيبا مفوهاً ويصبح إعلاميا ناجحا ويصبح مؤلفاً بارزاً لا تلزمه بكل المهارات .
كذلك من لا يحب يخالط الناس يستثقل جلوسهم الطويل عنده لا تلزمه أن يجلس معهم ، يقول : يا جماعة أنا داعية ممكن ألقي محاضرات ممكن أخطب الجمعة لكت تقول لي أجلس مع الناس وأصلح ذات بينهم وأفعل كذا وكذا ليس جميع الدعاة يستطيع أنه يطبق هذا ولا ينبغي ظلمهم في هذه الناحية ونحملهم ما لا يحتملون حتى لا يصل بعد ذلك مرحلة يترك حتى الأشياء التي يستفاد منه فيها .
س : وعن فكرة أقامه مركز استشاري يستقبل مشاكل الناس .
ج : تعني الأمور الاجتماعية ؟
س : نعم ..
ج : هذا جيد ، ويبدو أن بعض الهيئات الخيرية ومراكز الدعوة عندهم شيء من هذا ، هاتف يستقبل أسئلة الناس ، لكن لو وسع هذا المجال ليخفف الضغط على الدعاة .
س/ تقع في بعض الأحيان مواقف لا تنسى ..
نريد أولاً موقفاً وقع في الإعلام ..
ج/ أذكر أني دعيت في ليلة من ليالي شهر رمضان قبل سنتين إلى لقاء مباشر في إحدى القنوات الفضائية ..
كان اللقاء حول أحوال العبادة في رمضان .. وكان انعقاد اللقاء في مكة المكرمة في غرفة بأحد الفنادق مطلة على الحرم .. كنا نتحدث عن رمضان .. والمشاهدون يرون من خلال النافذة التي خلفنا المعتمرين والطائفين خلفنا على الهواء مباشرة ..
كان المنظر مهيباً .. والكلام مؤثراً .. حتى إن مقدم البرنامج رق قلبه وبكى أثناء الحلقة ..
كان الجو إيمانياً .. ما أفسده علينا إلا أحد المصورين !! كان يمسك كاميرا التصوير بيد .. واليد الثانية فيها سيجارة .. وكأنه يريد أن لا تضيع عليه لحظة من ليل رمضان إلا وقد أشبع رئتيه سيجاراً !!
أزعجني هذا كثيراً .. وخنقني وصاحبي الدخان .. لكن لم يكن بد من الصبر .. فاللقاء مباشر .. وما حيلة المضطر إلا ركوبها !!
مضت ساعة كاملة .. وانتهى اللقاء بسلام ..
أقبل إليّ المصور - والسيجارة في يده - شاكراً مثنياً .. فشددت على يده وقلت .. وأنت أيضاً أشكرك على مشاركتك في تصوير البرامج الدينية .. ولي إليك كلمة لعلك تقبلها .. قال : تفضل .. تفضل ..
قلت : الدخان والسجا .. فقاطعني : لا تنصحني .. والله ما فيه فائدة يا شيخ ..
قلت : طيب اسمع مني .. أنت تعلم أن السجاير حرام وأن الله يقول .. فقاطعني مرة أخرى : يا شيخ لا تضع وقتك .. أنا مضى لي أكثر من أربعين سنة وأنا أدخن .. الدخان يجري في عروقي .. ما فيه فااائدة .. كان غيرك أشطر !!
قلت : يعني ما فيه فائدة ؟!!
فأحرج مني وقال : ادع لي .. ادع لي ..
فأمسكت يده وقلت : تعال معي ..
قلت تعال ننظر إلى الكعبة ..
فوقفنا عند النافذة المطلة على الحرم .. فإذا كل شبر فيه مليء بالناس .. ما بين راكع وساجد .. ومعتمر وباك .. كان المنظر فعلاً مؤثراً ..
قلت : هل ترى هؤلاء ؟
قال : نعم ..
قلت : جاؤوا من كل مكان .. بيض وسود .. عرب وأعاجم .. أغنياء وفقراء ..كلهم يدعون الله أن يتقبل منهم ويغفر لهم ..
قال : صحيح .. صحيح ..
قلت أفلا تتمنى أن يعطيك الله ما يعطيهم ؟ قال : بلى ..
قلت : ارفع يديك .. وسأدعو لك .. أمن على دعائي ..
رفعت يدي وقلت : اللهم اغفر له .. قال : آمين .. قلت : اللهم ارفع درجته واجمعه مع أحبابه في الجنة .. اللهم ..
ولا زلت أدعو حتى رق قلبه وبكى .. وأخذ يردد : آمين .. آمين ..
فلما أردت أن أختم الدعاء .. قلت : اللهم إن ترك التدخين فاستجب هذا الدعاء وإن لم يتركه فاحرمه منه ..
فانفجر الرجل باكياً .. وغطى وجهه بيديه وخرج من الغرفة ..
مضت عدة شهور .. فدعيت إلى مقر تلك القناة للقاء مباشر ..
فلما دخلت المبنى فإذا برجل بدين يقبل عليَّ ثم .. يسلم علي بحرارة .. ويقبل رأسي .. وينحني على يدي ليقبلها .. وهو متأثر جداً ..
فقلت له : شكر الله لطفك .. وأدبك .. وأقدر لك محبتك .. لكن اسمح لي فأنا لم أعرفك ..
فقال : هل تذكر المصور الذي نصحته قبل سنتين ليترك التدخين ؟!
قلت : نعم ..
قال : أنا هو .. والله يا شيخ إني لم أضع سيجارة في فمي منذ تلك اللحظة ..
س/ هذا رائع .. نريد موقفاً آخر في الدعوة عموماً ..
ج/ سأعطيك موقفاً وقع مع بعض الصغار ..
ألقيت يوماً محاضرة عن الصلاة لطلاب صغار في مدرسة ..
فسألتهم عن حديث حول أهمية الصلاة .. فأجاب أحدهم .. قال صلى الله عليه وسلم : بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة ..
أعجبني جوابه .. ومن شدة الحماس نزعت ساعة يدي وأعطيته إياها ..
وكانت – عموما – ساعة عادية كساعات الطبقة الكادحة ..!
كان هذا الموقف مشجعاً لذلك الغلام .. أحب العلم أكثر .. وتوجه لحفظ القرآن .. وشعر بقيمته ..
مضت الأيام .. بل السنين .. ثم في أحد المساجد تفاجأت أن الإمام هو ذلك الغلام .. وقد صار شاباً متخرجاً من كلية الشريعة .. ويعمل في سلك القضاء بأحد المحاكم .. لم أذكره وإنما تذكرني هو ..
وخرجت ليلة من إحدى الولائم .. فإذا شاب مشرق الوجه يسلم علي بحرارة بي ويذكرني بموقف لطيف وقع لي معه في محاضرة ألقيتها في مدرسته لما كان غلاماً صغيراً ..
س/ من الملاحظ أن كثيراً من الناس اليوم يتكلم في مسائل الدين ، من خلال المسموع أو المقروء .. ما رأي الدكتور العريفي في ذلك ؟
ج/ صدقت .. في الواقع أننا في زمن بدأ يتكلم في مسائل الدين بعض من لا يحسن سواء من خلال الجرأة على لإفتاء نفسه أو غيره ، أو من خلال الكتابة عن مسائل الدين في الجرائد والمجلات بناء على وجهات نظر شخصية غير مبنية على علم شرعي راسخ ..
أذكر لما كنت شاباً – وأظنني لا أزال كذلك – أعني لما كنت في أوائل الدراسة الثانوية .. أقبل علينا ضيف ثقيل .. لا أدري هل أكمل دراسته الابتدائية أم لا ؟ لكن الذي أجزم به أنه يقرأ ويكتب ..
وكنت مشغولاً وقت دخوله بمسألة شرعية لم أجد لها جواباً ..
وضعت له ما يوضع للضيف من قِرى .. ثم تناولت الهاتف وجعلت أكرر الاتصال بالشيخ ابن باز رحمه الله لسؤاله عنها .. لم أجد الشيخ ..
فلما رآني صاحبي منشغلاً إلى هذا الحد .. سألني : بمن تتصل ..
قلت : بالشيخ ابن باز .. عندي استفتاء مهم ..
فبدرني قائلاً بكل ثقة : سبحان الله .. ابن باز .. وأنا موجود ؟!!
س/ نظرة الشيخ العريفي للغناء ..
أسأل الله تعالى أن يفتح على قلوب جميع المغنين .. ووالله لو كان ما يسمع من حسن أصواتهم هو بقراءة القرآن .. لأفلحوا ..
بالله عليك .. هل سمعت مغنياً غنى يوماً في التحذير من الزنا ؟ أو الأمر بغض البصر ؟ أو حفظ أعراض المسلمين ؟!! أو الحث على صلاة الفجر في المسجد ؟ كلا.. ما تكاد تسمع فيها إلا الحبَّ والغرام.. إضافة إلى ما في كثير من ألفاظ الأغاني من الكلمات المحرمة ..
مثل قول أحدهم :: الله أمر .. لعيونك أسهر .. سبحان الله قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله مالا تعلمون ..وقول آخر : صبرت صبر أيوب .. وأيوب ما صبر صبري ..
وقول ثالث :ليه القسوة ؟ ليه الظلم ؟ ليه يا رب ليه ؟ يعني يتهم الله بالقسوة والظلم !!
وقول رابع : يا تعيش وإياي في الجنة .. يا أعيش وإياك في النار .. بطلت أصوم وأصلي .. بدّي أعبد سماك .. لجهنم ماني رايح إلا أنا وإياك ..
س/ ما شاء الله يا شيخ .. سامعها ..!!
ج/ لا والله .. لكن هذه الألفاظ نقلها إليَّ بعض الشباب ..
س/ ما نظرة الشيخ العريفي للحب ؟
ج/ أذكر أني ألقيت مرة محاضرة عن العشق .. فكتب إليَّ أحد العاشقين .. رسالة يلومني فيها على إثارة هذا الموضوع .. وسطر فيها أبياتاً بلهجته العامية ..
لو يتداوى كل يا شيخ من حبّ * وش لون ابلقى لي وليف نصوحي
لي صاحب بالحب شاطر مدرب * ما اظن من شافه يصد ويروحي
عن الهوى لا تنشد إلا مجرب * تلقى دوى العشاق كان انت توحي
وانت لو انك يالعريفي تكهرب * في حب مجمول شحوح مزوحي
كان اعترفت وقمت يا شيخ تقلب * عنوان درسك بالعنا والجروحي
وعموماً .. أسباب المحبة كثيرة .. فقد تحب أحداً لأنه حافظ للقرآن .. أو داعياً إلى الله .. فهذه المحبة لله .. والمتحابون في الله.. يوم القيامة يكونون على منابر من نور يغبطهم عليها الأنبياء والشهداء ..
وقد تحب شخصاً .. لجمال وجهه .. أو رقة كلامه .. أو تغنجه ودلاله .. دون أن تنظر إلى صلاحه وطاعته لله .. فهذه المحبة لغير الله .. ولا تزيد من الله إلا بعداً .. قال الله : { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدوٌ إلا المتقين } ..
فينبغي أن نجعل المحبة مضبوطة بضوابط الشريعة ، وأن يحذر الشاب من التلاعب بمشاعر الفتيات ، أو التعرض لهن بالحرام ، والفتاة ينبغي أن تكون عاقلة وتحافظ على عرضها ..
[/frame]