السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتبه\أزهري أحمد محمود
الحمد لله تعالى الذي علم الإنسان. وهدى إلى الفرقان. والصلاة والسلام على النبي المرسل بالقرآن. وعلى آله وأصحابه سادة أهل الإيمان.أخي المسلم: إن عبادة الله تعالى هي غاية الخلق في الدنيا.. ولأجلها خُلقوا.. والسعيد منهم من اشتغل بوظائفها..ولا تكون العبادة صحيحة إلا إذا كانت على بصيرة وعلم؛ ولأجل ذلك بعث الله تعالى الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأنزل الكتب، كل ذلك لهداية الخلق إلى الصراط المستقيم.. فأتباع الرسل على بصيرة؛ هم أعرف الناس بعبادة ربهم تبارك وتعالى؛ إذ أنهم اقتبسوا من نور الوحي الإلهي، وأما من عمي عن هذا النور؛ فهو الذي تخبط ولم يعبد ربه تعالى على بصيرة..فهيا بنا أخي المسلم إلى محاسبة أخرى من هذه السلسلة: ( سلسلة المحاسبة ).( هل أنت حريص على تعلم دينك؟! )هو مشوار هذه المحاسبة، وهو سؤال لا بد لكل مسلم أن يسأله نفسه..ولتكن المحاسبة صادقة؛ ليكون الجواب صادقاً..أخي المسلم: حرصك على تعلم دينك، هو بداية فلاحك.. إذ أنك ستسلك طريقاً يوصلك إلى الجنة..قال الحسن البصري: ( إن الرجل يتعلم الباب من العلم فيعمل به خير من الدنيا وما فيها ! ).وقال سفيان الثوري: ( ما يراد الله بشيء أفضل من طلب العلم، وما طُلب العلم في زمان أفضل منه اليوم ).وما أحوجك أيها المسلم إلى العلم النافع الذي به تعرف ربك تعالى؛ فتفرده بالعبادة، وتعبده على بصيرة..وشرف العلم بشرف المعلوم، وإنما شرف العلم الشرعي لشرف الدين الذي يرتبط به.. وهو أغلى بضاعة !قال رسول الله : { الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه، أو عالماً أو متعلماً } [رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما:السلسلة الصحيحة:2797].ولزاماً عليك أيها المسلم أن تعلم أن حاجتك إلى تعلم دينك؛ أشد من حاجتك إلى الطعام والشراب !وكما أنك تحرص على كسب معاشك لتحيا؛ فلتحرص على تعلم دينك، إذ أنه الحياة الحقيقية، والتي أنت بدونها في عداد الأموات !قال الإمام أحمد بن حنبل: ( الناس محتاجون إلى العلم أكثر من حاجتهم إلى الطعام والشراب؛ لأن الطعام والشراب يحتاج إليه في اليوم مرة أو مرتين، والعلم يحتاج إليه بعدد الأنفاس ! ).وقال ابن القيم: ( العلماء بالله وأمره هم حياة الموجود وروحه، ولا يستغنى عنهم طرفة عين، فحاجة القلب إلى العلم ليست كالحاجة إلى التنفس في الهواء، بل أعظم ! وبالجملة فالعلم للقلب مثل الماء للسمك، إذا فقده مات، فنسبة العلم إلى القلب كنسبة ضوء العين إليها ! ).أخي المسلم: ومن أجل هذه الحوجة كان فرضاً على كل مسلم أن يتعلم من دينه ما يجعله يعبد الله على بصيرة..قال رسول الله : { طلب العلم فريضة على كل مسلم } [رواه ابن ماجه:صحيح ابن ماجه للألباني:184].سُئل الإمام مالك عن طلب العلم، أواجب؟ فقال: ( أما معرفة شرائعه وسننه وفقهه الظاهر فواجب، وغير ذلك منه، من ضعف عنه فلا شيء عليه ).وقال ابن عبد البر: ( قد أجمع العلماء على أن من العلم ما هو فرض متعين على كل امرئ في خاصة نفسه، ومنه ما هو فرض على الكفاية، إذا قام به القائم سقط فرضه عن أهل ذلك الموضع، واختلفوا في تخليص ذلك، والذي يلزم الجميع فرضه من ذلك ما لا يسع الإنسان جهله من جملة الفرائض المفترضة عليه... ).وذكر من ذلك: ( معرفة الله تعالى وتوحيده، والصلوات الخمس وما يلزمها من العمل فيها، وصوم رمضان، وما يصح به صومه، وما يفسد، والحج إذا كان ذا قدرة، والزكاة إذا كان ذا مال، وأشياء لا يعذر بجهلها، نحو: تحريم الزنا، والربا، وتحريم الخمر، وأكل لحم الخنزير، وأكل الميتة، والغصب، والرشوة، والشهادة بالزور، وأكل أموال الناس بالباطل، وتحريم الظلم، وغيرها من المحرمات ).أخي المسلم: الأمور السابقة مما ينبغي لكل مسلم أن لا يجهلها فلتحاسب نفسك: ما هو نصيبها من بضاعة العلم الشرعي؟!فإن الناس درجات في حرصهم على تعلم دينهم، وهي درجات متفاوتة، وفي كل درجة طائفة، وسأذكر لك هذه الدرجات من كلام العلماء الربانيين، فانظر نفسك في أي درجة أنت؟!قال علي رضي الله عنه: ( الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل النجاة، وسائل الناس همج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح ! ).وقال ابن مسعود رضي الله عنه: ( اغدُ عالماً أو ومتعلماً، ولا تغدُ بين ذلك ! ).وعن حميد عن الحسن أن أبا الدرداء قال: ( كن عالماً أو متعلماً، أو محباً، أو متعباً، ولا تكن الخامس فتهلك ! ).قال: قلت للحسن: وما الخامس؟قال: المبتدع !أخي المسلم: حاسب نفسك: في أي صنف أنت من تلك الأصناف؟ !وإياك أن تكون من أولئك الذين لا يبالي أحدهم بتعليم دينه والفقه فيه !فكم من مصلٍّ لا يعرف الصلاة الصحيحة كما صلاّها النبي !وكم من صائم يقع في الكثير من الأخطاء وهو لا يشعر !وكم من قاصد بيت الله الحرام لا يعرف كيف يؤدي نسكه !وكم من مبتدع واقع في الكثير من البدع، وهو يظن أن ذلك من السنة !وكم من تاجر واقع في كثير من المعاملات المحرمة، وهو يظن أنها حلال !وكم من آكل لأموال الناس بالباطل، لا يميز بين الحلال والحرام !