السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهشبهات وردود حول الحجاب:الشبهة الأولى:
قول البعض: "الدين يسر" ولبس الحجاب في هذا الزمن بطريقته المشروعة أمر صعب وشاق، خصوصاً في مجتمعات الانفتاح حيث ساد السفور والتبرج.
والرد عليه من وجوه:
* ينبغي أن يعلم المسلمون كافة أن كل ما ثبت أنه تكليف من الله للعباد فهو داخل في مقدورهم وطاقتهم.
* تقرير مسألة التيسير للمشقة المرتبطة بالحكم ورفع الحرج لا يكون إلا بأدلة شرعية من القرآن أو السنة، فلا ينبغي للتخفيف في الحكم الشرعي أن يكون مخالفاً لكتاب ولا سنة ولا قياس صحيح ولا مصلحة راجحة. إذ لو أخذنا بهذه الشبهة لذهبنا إلى القول مثلاً بأن مشقة التحرز من الربا في هذا العصر تقتضي جواز التعامل به، أو يقال: إن الرجم يسقط عن الحاج لمشقة الزحام، ومعلوم أن ذلك كلام باطل لا يقول به أحد.
* العبادات لا تنفك عن المشقة غالباً، غير أنها مشقة محتملة تتلاءم مع طاقة الإنسان العادية. قال تعالى: )لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا(، قال ابن القيم: "إن كانت المشقة مشقة تعب، فمصالح الدنيا والآخرة منوطة بالتعب، ولا راحة لمن لا تعب له، بل على قدر التعب تكون الراحة".
ورب حكم شرعي مصلحته مرتبطة بما فيه من المشقة والجهد، كالقصاص والحدود، بل هناك عبادات عظيمة لا تنفك عنها المشقة عادة كمشقة الجهاد ومشقة الوضوء في البرد والصوم في شدة الحر وطول النهار ومشقة أعمال الحج.
* عموم البلوى بالأمر الذي ثبت تحريمه ليس مبرراً لإباحته، كما لا تبيحه عادات المجتمعات، ولا ينقلب مباحاً بتغير الزمان والمكان.
وقد فهم بعض السذج مدعي الثقافة أنه ما دامت أعراف الناس متطورة بتطور الأزمان فلا بد أن تكون الأحكام الشرعية تتطور بتطورها، وهذا بما يسمونه بـ "الدين العصري"، ومقتضى ذلك التحلل من الواجبات وإباحة بعض المحرمات، تماشياً مع التقدم الحضاري والتطور العصري، كما يقول قائلهم.
ولا ريب أن هذا كلام يتبين سقوطه وبطلانه لمن كان عنده أدنى فقه في الدين؛ إذ لو كان هذا الكلام مقبولاً لاقتضى أن يكون مصير شرعية الأحكام كلها رهينة لأعرُف الناس وعاداتهم التي لا يزال يطغي عليها الفساد والانحراف بمرور الزمان، إذ لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه كما أخبر بذلك المصطفى - صلى الله عليه وسلم -.
ولكن يقال: ما أُبرم حكمه وثبت الأمر به بدليل شرعي فإن حكمه يبقى ما بقيت الدنيا ولا يتبدل ولا يتطور، مثال ذلك: الطهارة وأحكام الصلاة والقصاص والحدود، وحجب المرأة زينتها عن الأجانب واشتراط الولي للمرأة، وما شابه ذلك
أما الأحكام التي لم يقض فيها بحكم مبرم شرعي، وإنما جعلت مرتبطة من أصلها بما قد يتبدل بتغير أعراف الناس ومصالحهم فهذا الذي يجوز أن يقال فيه "العادة المحكّمة" مثال ذلك: ما تفرضه سنة الخلق وطبيعة الإنسان مما لا دخل للإرادة والتكليف فيه، كاختلاف عادات الأقطار في سن البلوغ وفترة الحيض والنفاس ونحوها.
الشبهة الثانية:
أن يقال: أهم شيء سلامة النية، فتقول السافرة: أنا واثقة من نفسي فأنا لا أريد فتنة الرجال وقصدي بعيد عن كل ما يقال في التبرج وأهله.
الجواب
التعلل بسلامة النية مبرر يسمع دائماً ممن تشبع قلبه بالشهوات والأهواء، ووقع في المآثم، والرد عليها من وجوه:
* المرأة المسلمة متعبدة لله عز وجل بالستر والحجاب الذي جاء الأمر به محكماً في كتاب الله تعالى، فعليها أن تسمع وتطيع، بقطع النظر عن أي اعتبار آخر.
* أن النية السليمة لا تبرر العمل المحرم كما لا تقلبه مباحاً، فالعمل الخطأ يبقى خطأ يأثم فاعله، رغم سلامة نيته، فمشركي العرب كانت نيتهم في عبادتهم الأوثان نية حسنة كما أخبر الله عز وجل عن قولهم: )مَا نَعْبُدُهُمْ إلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى( فلم تنفعهم هذه النية في دفع وصف الشرك عنهم.
* أنها وإن أمنت الفتنة على نفسها – كما تدعي أنها واثقة من بنفسها – فهي لا تأمن الفتنة الحاصلة لمن نظر إليها – وهذا يغلب على الظن وقوعه – فتحمل وزر فتنته وغوايته من حيث لا تشعر، ومن هنا قال العلماء: "من تحققت من نظر أجنبي عنها يلزم ستر وجهها عنه، كانت معينة له على الحرام فتأثم".
ثم إنه يغتر ويتأثر بفعلها السفيهات وصغيرات السن، لا سيما إذا كانت في مقام القدوة كالأم والمعلمة.
وإن كانت النية الطيبة أمر مهم جداً في عمل الإنسان، ولكن لو اقتصر عليها لكان كمن يمشي على رجل واحدة أو يطير بجناح واحد.
الشبهة الثالثة :
أن تقول لك: أستحي من لبس الحجاب بصورته المطلوبة من إدناء العباءة من الرأس وستر الوجه والأطراف.
الجواب
يقال لهذه المرأة: أهل المعاصي يتبجحون بمعاصيهم وتبرجهم، وأهل الحق يستحيون مما هم عليه! والله إنها لمصيبة عظيمة تدل على غياب العزة بالدين وضعف الولاء لله تعالى، فهذه هزيمة من الداخل، تلجأ فيها المرأة إلى لبس ما يرغب فيه الناس ويحبونه، ولو خالفت تعلم أنه من واجبات دينها ومن حق ربها عليه. وهذا نوع رياء – كما وصفه بعض أهل العلم – رياء أهل الدنيا.
الشبهة الرابعة:
أن تقول السافرة: غطاء الوجه من أجل الحياء، وليس مطلوباً في الدين.
الجواب
وهنا يقال لها: أو تظنين الحياء ليس ديناً؟
والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: "والحياء شعبة من شعب الإيمان".
فالحياء خلق إيماني يمنع المؤمن من ارتكاب المعاصي خوفاً من الله تعالى، وهو رأس كل الفضائل، فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: "الحياء والإيمان معاً فإن رفع أحدهما رفع الآخر" وقال: "الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة".
فبين الذنوب وبين قلة الحياء تلازم من الطرفين، وكل منهما يستدعي الآخر ويطلبه حثيثاً؛ لذا على المسلمين أن يعودوا بناتهم الحياء، والتخلق بهذا الخلق الذي اختاره الله تعالى لدينه القويم؛ لأن عدم الحياء علامة على زوال الإيمان
منقوووول