الأسير حسام بدران
بقلم فؤاد الخفش/ باحث مختص في شؤون الأسرى الفلسطينيين
17 / 4 / 2010
صاحب نفس محلّقة تعشق المعالي ، وصاحب همة عالية لا تعرف الراحة والاستكانة ، وفارس لحكاية لها بداية ولا نهاية لها من حكايات البطولة والفداء ، وسيد في قومه يشور عليهم فيستأنسون برأيه صاحب رأي وحكمة .
الأسير حسام بدران فارس من فرسان السجون وعلم من أعلام الحركة الأسيرة الفلسطينية ونجم من نجوم المقاومة وقائد بكل ما تحمل الكلمة من معنى ، لم يكن ممن يعشقون الأضواء ومن طبعه أنه لا يحب الظهور ، يعشق العمل بصمت ، في عينيه كبرياء المقاتل وفيهما أيضا نظرات الأب الحنون والصديق الوفي والأخ الكبير.
اصطفاه الله بصفات قلّما تجتمع بإنسان فما بين غزارة علمه الشرعي وفهمه العميق وتحليله الدقيق للأمور السياسية وحنكته في الإدارة والتخطيط وقدرته الفائقة على تجميع الصفوف وترتيب البناء يملك حسام فكراً غزيراً ظهر وبان من خلال قلمه السيّال الذي جاد وفاض بدرر وكنوز أثْرَت الساحة النضالية وما نسميه أدب السجون.
كثيرة انتاجاته الأدبية ومن أبرزها مواعظ في القيد حيث أبدع أبو عماد في كتابة هذه المواعظ فمن خلالها سعى لتربية جيل وإنشاء نشء وتكوين الشخصية السوية التي تعرف الحقوق وتعي الواجبات ، كما أبدع الأسير حسام بدران حينما كتب كتابه كتيبة الشمال وتحدث عن بطولات رجالات القسام وعن فعالهم وعن جهادهم ونضالاتهم وقصص البطولة والفداء فقد أرّخ لأناس قد مضوا إلى الله شهداء ولجيل سيأتي ومن قصص هؤلاء سيستقي العبر وسيمضي على ذات الدرب.
الأسير حسام بدران أبو عماد من فرسان مدينة نابلس ومن سكان مخيم عسكر للاجئين إلى بلدة اللد تعود جذوره وإليها عيناه تنظران على الدوام فعلى قصص صمود وجهاد أهلها رباه والداه ، كبُر وكبر معه حب الوطن وعلم أن حب الوطن لا يمكن أن يكون أقوالاً وشعراً يكتب فكان من رجالات الانتفاضة الأولى وفرسان الانتفاضة الثانية اعتقل في سجون الاحتلال ست مرات وأمضى حتى الآن ما يزيد عن ألاثني عشر عاماً في سجون الاحتلال .
لحسام بدران زوجة صابرة محتسبة تحملت بعد الزوج وغياب الشريك وكابدت صلف الحياة وصعوبات العيش فكانت نعمة الزوجة التي تقف خلف زوجها تسانده وتصبره رزقهما الله ب (جمان) التي تنتظر عودة أبيها لتداعب لحيته وترتمي بين أحضانه علّها تعوض ما فاتها من حنان واشتياق ، و(عماد) الذي يحمل صفات أبيه وشكل أبيه وتلك النظرات التي يملكها أبوه علامات الرجولة ظاهرة بتصرفاته وحركاته وسكناته .
اعتقل الأسير حسام بدران الاعتقال الأخير بعد مطاردة حامية الوطيس كان الهدف منها اغتيال حسام ، ففي إحدى بيارات بلدة الفارعة انهالت نيران الطائرات على رأس حسام ومن معه فاستشهد اثنان من أصحاب البيارة وأصيب مرافقه علي قطناني إصابة بالغة وأصيب أيضاً عادل أبو خيط الذي كان يرافق حسام وسلم الله حسام ليعتقل ومن معه ويخوض أقسى جولات التحقيق ، عذبوه ضربوه حرموه من النوم وفي كل مرة كان يزيد حبه وعشقه لفلسطين كيف لا وهو رجل المبدأ والعقيدة.
مؤبد هو الحكم الذي صدر ضد حسام أمضى منها ثمانية أعوام واليوم هي ذكرى اعتقاله الثامنة ، فما فترت همته وما لان جبينه وما ضعفت روحه وبقي حسام كما هو كالحسام صاحب القامة السامقة والنفس المتالقة والهمة التي لا تعرف الانكسار.
فلحسام بدران ولجيل عشق قصص البطولة والفداء ولجيل نسعى لأن يتربى على سير الرجال الذين نستلهم من صبرهم صبراً ومن روحهم روحاً ومن ابتسامتهم إصراراً على مواصلة الطريق كتبنا هذه الكلمات لعلها توفي من له حق علينا جزءاً من حقه وفي الختام لكم منا تحية وقبلة وسلام .