تفسير المشبهات صحيح البخاري
باب تفسير المشبهات وقال حسان بن أبي سنان ما رأيت شيئا أهون من
الورع
/// دع ما يريبك إلى ما لا يريبك///
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قوله : ( يريبك )
بفتح أوله ويجوز الضم يقال رابه يريبه بالفتح وأرابه يريبه بالضم ريبة وهي الشك والتردد , والمعنى إذا شككت في شيء فدعه , وترك ما يشك فيه أصل عظيم في الورع . وقد روى الترمذي من حديث عطية السعدي مرفوعا " لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به البأس " وقد تقدمت الإشارة إليه في كتاب الإيمان , قال الخطابي كل ما شككت فيه فالورع اجتنابه . ثم هو على ثلاثة أقسام : واجب ومستحب ومكروه , فالواجب اجتناب ما يستلزمه ارتكاب المحرم , والمندوب اجتناب معاملة من أكثر ماله حرام , والمكروه اجتناب الرخص المشروعة على سبيل التنطع . الحديث الأول حديث عقبة بن الحارث في الرضاع , ووجه الدلالة منه قوله " كيف وقد قيل " ؟ فإنه يشعر بأن أمره بفراق امرأته إنما كان لأجل قول المرأة إنها أرضعتهما , فاحتمل أن يكون صحيحا فيرتكب الحرام , فأمره بفراقها احتياطا على قول الأكثر , وقيل بل قبل شهادة المرأة وحدها على ذلك , وستأتي مباحثه في كتاب الشهادات إن شاء الله تعالى . الحديث الثاني حديث عائشة في قصة ابن وليدة زمعة , وستأتي مباحثه في كتاب الفرائض , ووجه الدلالة منه قوله صلى الله عليه وسلم " احتجبي منه يا سودة " مع حكمه بأنه أخوها لأبيها , لكن لما رأى الشبه البين فيه من غير زمعة أمر سودة بالاحتجاب منه احتياطا في قول الأكثر , واعترض الداودي فقال : ليس هذا الحديث من هذا الباب في شيء , وأجاب ابن التين بأن وجهه أن المشبهات ما أشبهت الحلال من وجه والحرام من وجه , وبيانه من هذه القصة أن إلحاقه بزمعة يقتضي أن لا تحتجب منه سودة والشبه بعتبة يقتضي أن تحتجب . وقال ابن القصار : إنما حجب سودة منه لأن للزوج أن يمنع زوجته من أخيها وغيره من أقاربها . وقال غيره : بل وجب ذلك لغلظ أمر الحجاب في حق أزواج النبي صلى الله عليه وسلم , ولو اتفق مثل ذلك لغيره لم يجب الاحتجاب كما وقع في حق الأعرابي الذي قال له " لعله نزعه عرق " . الحديث الثالث حديث عدي بن حاتم في الصيد , ووجه الدلالة منه قوله " إنما سميت على كلبك ولم تسم على الآخر " فبين له وجه المنع وهو ترك التسمية , وأبعد من استدل به على سد الذرائع
__________________
لا اله الا الله محمد رسول الله