<div align="center">بســــــــــــم الله الرحمـــن الرحــيم
سبب كتابتي لهذا الموضوع :
رسالة إلى طلاب العلم الشرعي عن الكتاب وأهميته عبر محاورة وهمية طريفة مع حقيبتي العزيزة التي تحملت النصيب الأكبر من المشكلة لأنها هي التي كانت تحمل المجلدات الكبيرة ، وكوني أحد طلاب العلم الشرعي فقد واجهتني هذه المشكلة وسببت لي إحراجا مع زملائي الذين كانوا يستثقلون حمل المتون الكبيرة المقررة علينا خوف المشقة ويكتفون بما خفّ وزنه من المتون الصغيرة مع الكراريس وأدوات الكتابة وحين الحاجة إلى الكتاب للمتابعة مع الشيخ يلتفون حول صاحب الكتاب للمتابعة وهذا يعني نهاية الدرس بالنسبة لي فلا أستطيع كتابة الفوائد على الكتاب ولا المتابعة ولا الفهم هذا عدا ما يحصل من التعليق على كلام الشيخ بلا حاجة ، وبعد أن تسبب هذا الأمر بضياع فهم كذا درس قررت حل المشكلة بالانفراد حال الكتابة كرد عملي رافض لمسلكهم ومن ثم فكرت بكتابة موضوع حول هذا وقبل الدخول للموضوع لابد من بيان الكتب المقررة طوال الأسبوع وهي كالتالي :
1. القرآن الكريم .
2. منار السبيل في شرح الدليل ( كتاب الحج والصوم ) مجلد كبير.
3. صحيح البخاري ( كتاب الأدب ) مجلد كبير.
4. تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي رحمه الله ، مجلد كبير( المقرر تفسير جزء عم مع أحد المشايخ ، وتفسير الجزء الأول من سورة البقرة مع آخر ، تفسير جزء عم فقط نحتاج الجزء الخاص لتفسير جزء عم وليس كل الكتاب ــ تفسير سورة البقرة نحتاج كل كتاب التفسير لأنه في أحيان كثيرة يتطلب الأمر فتح مواضع الآيات المتشابهة لمقارنة التفسير بينها ).
5. متن مصطلح الحديث للشيخ ابن عثيمين رحمه الله وهو كتاب صغير.
6. متن الأصول من علم الأصول للشيخ ابن عثيمين رحمه الله وهو أصغر من الذي قبله .
7. متن كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد وهو أصغر المتون جميعا .
والمحاورة شكوى من حقيبتي من ثقل الكتب المقررة ، مع أني كنت استخدم أكياس ورقية أو بلاستيكية كمحاولة في تخفيف العبء عنها ، وفي نهاية الموضوع تجدون أن حقيبتي العزيزة وضعت الحل الذي يريحها ويريح طلاب العلم الكسالى الذين لا يحبون حمل المتون الكبيرة.
أسال الله القبول وأن ينفع بهذا الموضوع طلبة العلم ومن لا يحبون القراءة .
بداية الموضوع
بســـــــــــــم الله الرحمـــــــــــــــــــــــــن الرحـــــــــــــــــــــيم
حقــــــــــــــــــــــــــيبتي العزيزة
حقيبــــــــــــــتي بجانـــبي تئـــن وتتوجع .. <_<
لم آبه بها فأنا جدّ مشغولة ..
وحركاتها هذه لا تخيل عليّ ...
إلا أنها ختـــمت آهــــــــاتها بصرخة ..
وتوالت الكلـــــــمات كاللــــــــــــكمات ...
"أنتِ ، يا من تدعين أنك طالبة علم ، ألا ترفعين عني ظلمك وتزيلين عني بأسك "
تهمة شنيعة لا يمكن السكوت عنها ـ هذا ما قلته لنفسي ـ أجبتها باستنكار: " أنا ظلمتك ! أنا آذيتك ! عزيزتي ، ورفيقة دربي ، ألم أنبهك دوما أن تكوني دقيقة في اختيار ألفاظك" ngry: .
قالت وهي تنظر إليّ شذرا: " تأمليــــني وستـــــــــــــــــدركين الســـــــــــــــــــــــبب! " .
تأملتها مرة ، وتبعتها أخرى ، ولكني لم أجد جديدا، فهذه حقيبتي التي أعرفها بلونها الأسود الحالك وشكلها البديع الذي طالما اختالت به عليّ ..
ترجمت لها حيرتي قائلة : " ما فهــــــــــــمت مرادك ؟ بيّنـــــــــي لي ؟ جلي لي الأمر ؟ " ;) .
ردت وهي تنظر إليّ بتعالٍ ـ عرفت سببه لاحقا ـ :
" نعم هذا ما كنت أتوقعه منك ، فمنذ متى يعترف الجاني بجريرته، تأمليني جيدا، متعي ناظريك ،اشدي واطربي ،لقد صرت أنا والبرميل سواء ! بل البرميل أفضل حالا مني ، فهو على الأقل برمييييييل !! " .
عندها أدركت السبب ، إنها تشتكي من حمل أمتعتي ـ أقصد كتبي ودفاتري وأوراقي وأقلامي وتكاليفي الحسية والمعنوية ـ فكرت أن لا أرد عليها ، ولكن نظرة خاطفة مني لها جعلتني أتراجع عن هذه الفكرة ، فأخذت أحدثها بصوت يقطر حنانا ـ يقطر فقط ـ:" ألا تذكرين ما فعلت من أجلك.. أنسيت ، ألا تذكرين الأكياس التي ابتعتها بحرّ مالي ، في محاولة يائسة لرفع العبء عنك , فكنت كالأميرة تتبعها وصيفتها ـ الكيس ـ كظلها ، ولكن كل الأكياس قد تلفت ، ولم يبقى بجانبي سواك فلا تتخليّ عني من أجل أمر كهذا "
كنت أتوقع أن يكون هذا نهاية المطاف ..إلا أنها أدارت الدفة بكل براعــــة قائلة :
" ألم تلحظين عجبا ؟ ألم يلفت نظرك أمر ما في المعهد ؟ " .
أطلت نظرة تساءل بريئة من عينيّ دلالة عدم الفهم .. تابعت حديثها :
" هذا ما توقعته ، وإنما سألتك لتعرفي البون الشاسع بيني وبينك ..
ومع هذا سأجيبك .. ففي كل يوم نحضر فيه للمعهد وبعد أن تضعيني على الكرسي الخاص بي مشكورة ، فإنه يكون عندي وقت فراغ كبير فأتسلى فيه بالنظر إلى صديقاتي العزيزات من الأكياس والحقيبات ( ثم تغيرت نبرات صوتها ) ولكنها نظرة تعقبها ألف حسرة فهن رشيقات هيفاوات ولسن بالبرميييييلات ! " ;)
فهمت ما ترمي إليه :D ..
إنها تشير من طرف خفي بأن الواجب عليها حمل الدفاتر ، وما خف وزنه من الكتب فقط .. وأما ما زاد عن ذلك فليس من مسؤولياتها ، مادام غيرها يفعل هـذا ...
كما أن هناك مسألة أخرى هي مسألة مركزها الاجتماعي والسياسي والاستراتيجي بين صديقاتها الرشيقات وهذه القشة التي قصمت ظهر البعير! ..
حقيبتي لم تعد حقيبتي التي أعرفها .. :o ما خطبها ؟
إلا أن سؤالها مازال ينتظر إجابة توكلت على الله واستعنت به قائلة لها :
" حقيبتــــــــــــــــــــــــي العــــــــزيزة....
شـــراب الهـــوى حلــو ولكن يــــــورث الشــــرقَ
حب الســـــــــــــــــلامة يثني هم صاحبه عن المعالي ويغري المرء بالكســــــــــــل
إذا كان لدى المرء كتب كثيرة .. وأقلام وفيرة .. وأحلام عريضة ...
ثم يمني نفسه بإدراكها دون أن يتحرك أو يسعى ..
فإذا استيقظ من نومه مرة عاد إلى دفء الفراش أخرى سريعة ..
وترك الأعمال ينجزها الآخرون ، وسبق السائرون المجتهدون من ذوي الهمة والنشاط ..
وبقي الكسول يضرب أخماسا في أسداس حين رأى غيره وقد حصد الجوائز ، ونال المراتب ..
أما هو فيعاتب الأقدار التي لم تقف في صفه ...
وناسي الكتب مضـــــــــــــــــيع لفرصته حتى إذا فـــــات أمرا عاتب القـــــــــــدرا
يا مسكين ألم تدر بأن السماء لا تمطر كتبا ..
وأن من نسي كتابه شطّ جوابه ..
رأى أحدهم الإمام أحمد بن حنبل ( رحمه الله ) في أواخر عمره وهو يحمل الأوراق والمحبرة فسُأل رحمه الله :
" إلى هذا العمر ، وأنت تحمل الأوراق والمحبرة " فأجاب الإمام ( عليه رحمة الله ) :
" مــع المحــــــــبرة إلى المقـــــــــــــــبرة "
إني رأيت وفي الأيــــــــــــــــــام تجربة للصــــبر عاقبة محمــودة الأثـــــــــــــــر
وقـل من جـد في أمر يطـــــــــــــــــالبه واستصحب الصبر إلا فاز بالظـــــــــــفر"
وبعد هذا هل تصدقون ؟ لقد ردت عليّ ـ مازال لديها نَفَس ـ
والأدهى ردت شعرا.. فقـــــــــالت :
" وإني لأدري أن في الصـبر راحــــة ولكن إنفاقي على الصبر من عمــــــري
يقولون لي صبر التحــمد غــــــــبة فقـلت لهم ليس التصـبر من أمـــــــــري "
عندها حمي الوطيس واشتعلت نار الحرب وتعالى صليل السيوف
فتسابقت الحروف في فمي ، كل حرف يريد أن يخرج قبل أوانه
فلما خرجت الحروف تراصت في شكل بديع ..
لتنسج ملحمة تحكي للأجيال عن أسطورة بطلها ...
......... كتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــاب ............
فقــــــــــــــــــلت :
" الكتـاب نعم الظهر والعــمدة
ونعم الكنز والعــدة
ونعم الذخر والعــقدة
ونعم النزهة والعشرة
وهو الجليس الذي لا يطريك
والصديق الذي لا يغريك
والرفيق الذي لا يملك
والجار الذي لا يستطيلك
لا يعتل بنوم ولا ضجر
ولا يعتريه كلال سهر..
أعـــــز مكان في الدنــــــا ســــــرج ســابح وخـــــير جلــيس في الزمــان كتــــــــــــاب "
نظرت إليها وأنا أمني النفس بانتــهاء المعركة ولكن ، يا للـــــــــــــــــــــــــــــــــــــهول ;) ...
إنها تستعد لإلقاء قنبلة جرثومية ..
أرسلت قذيفة دويّ صوتها يصم الآذان ..
بكلام يرده أولوا الفطنة والإفهام ..
خلطت فيه الصحيح بالأسقام ..
فقـــــــــــــــــــــــــــــــالت :
" الكتاب علم لا يعبر بك الوادي ..
ولا يعمر بك النادي ..
من تأدب من الكتاب صحف الكـــــــــــلام ..
ومن تطبب به قتل الأنـــــــــــام ..
ومن تنجم منه أخطأ في الأيــــــــــــــام ..
ومن تفقه منه غيّر الأحكـــــــام ..
عليك بالحفــــظ دون الجـــــــمع في كتب فإن للكـــــــتب آفـــــــــــات تفــــــــــــرقها
المــــــاء يغـــــرقها والنـــــــــار تحرقها واللص يســــــرقها والفــــــــــــار يخرقها "
توقف الحديث بيننا للحظة ..
التقط فيها كلينا أنفاسه واسترجع أوراقه ...
ولكن من بين هذه الأوراق استلفت نظري ورقة ..
مسطرٌ فيها سؤال حيرني ..
وأزعجني وأقلقني ...
حقيبتي العزيزة .. ما لها ؟
ماذا حصل لها ؟
أي رياح هبت عليها فغيرتها !
حقيبتي لقد تغيرتِ كثيرا كيف لم أنتبه لهذا ..
لقد زاد ذكائكِ وتميز خطابكِ ..
ولكن من أين هذا الغرور اكتسبتيه ..
ومن أي بائع ابتعتيه ..
سؤال في داخلي أنت السبب فيه ...
عندها قررت أن أدير الحديث على منحى آخر
تكو ن فيه حقيبتي العزيزة في صفي
وعلى خطي ورسمي :D ...
فقــــــــــــــــــــــــــلت لها : " حقيبتي العزيزة ألم تسمعي قول الشاعر :
فتشبــهوا إن لم تكـــــونوا مثـــــــــلهم إن التشـــــــــــــــبه بالكـــــــــــــــرام فلاح
أنا أحب أن أكون من هؤلاء ، ولا أود أن أكون ممن قيل فيهم ..
ما المجد زخرف أقـوال لطـــــــــــالبه لا يدرك المجـــــــــد إلا كل فعــــــــــــــــــالِ
من كان يترك كتبــــه في بيتـــــــــــــه أنـى له الــــفوز في كــل مضــــــــــــــــــمارِ
كما أني لا أحب أن أؤذي أحدا .. "
تهللت قسمات وجهها وقالت : " اعــــــترفت أخيرا بأذيــــتك لي ! "
ثم تساءلت :" ولكن لماذا هذه المحاضرة الطويلة، كنت من بداية الأمر اعترفت وانتهى الأمر "
قــــــــلت لها: " يا عزيزتي أنا لم أقصدك وإنما أردت بقولي فلانة التي بجانبي ، طالبة العلم الشرعي ، التي تحضر كل كتبها معها فهي تدرك أن الأمر لا يخلو من متابعة مع الشيخ وتدوين فائدة وإصلاح خطأ وجلاء مشكل ، وهذا مع التعب والنصب إلا أنه يهون في سبيل تحقيق ما هو أسمى وأعلى .. فهل ترضين لي أن أترك كتابي في المنزل
يغط في نومه ، وذرا التراب فوقه ، فلا للبيــوت كان ولا هو للأركــان ،ثم بعد هذا وعندما يستدعي الأمر وجود الكتاب لمتابعة أو حل تكــليف ، زاحمتها في كتابها ،وأقلقتها في أحلامها ،فلا فهمت ولا تابعت ولا كتبت ولا واكبت ،والذنب ذنبي ، والأذى ليس من طبعي ... أيرضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــيك هذا ؟ ngry:
أجابت بصورة قاطعة :" لا.. لا ... لا يمكن أن أرضى لك بهذا ! . من تظنينني ؟ حمّليني ما شئت فستجدينني كما عهدتيني ـ حمّالة أسيّة ـ ولكن أنا عندي الحل الذي يرضيك ويرضيني ...
فمع الشيوخ ستتابعين ..
وتدونين ما تريدين ..
دون أن تـُـــــؤذين أو تـَــــأذين ..
والكتاب لن تحمـــــــــلين ..
وأنا سأرتاح فلن تثـقــلــــــــينِ ... "
قلت متعجبة : " وكيف ذلك يا حقيبتي العزيزة ؟ "
أجــــابت :
" من كل كتـــــــاب تصوريــــــن
الجــــــزء الذي فيه ستمتحنيـــــــن
فمن الصحيح الأدب تأخذيــــــــن
وأما المنار فالصوم والحج لا تتركيــــــــــن
وأما التفسير فبـ عم أمسكيــــــــــن
للشيخ الحل مبيـــــــــــن
ولسورة البقرة لا تحلميــــــــــن
فلن ينفع التصوير حيــــــــــن
فكل الكتاب ستصوريــــــــــن
ولا يضر يوم فيه تتعبيـــــــــــــن
وترجين الأجر من رب العالميــــــــــــــن
وإن أردت أن تصوري المصطلح فلا أخالك تفعليــــــــــــــن
وفي الأصول لو فكرت ستُضربيــــــــــــــــن
وأما التوحيد فالعلم عند رب العالميـــــــــــــــــن
العالم بما في الصدور وما يبيـــــــــــــــن
و.."
قاطعتها مذهولة :o ، وألقيت بالسؤال :
" حقيبـــــــــــــــــــــــتي من أين لك هذا الذكاء المفاجئ ؟؟ "
أجابت سريعا وكأنها كانت تنتظر هذا السؤال منذ البداية:
" من الكتب التي تتحفيني بها كل يوم ! "
تمت بحمد الله</div>