الواجب الإيجابي الأول: تحريك القضية
لا يجب أن تموت قضية فلسطين أبداً أو تنسى..
وسبحان الله فقد حركها الله سبحانه وتعالى لنا؛ تذكرون أن قضيه فلسطين قد خمدت فتره من الزمان - حوالي سبع سنوات كاملة - بعد معاهدة أوسلو؛ لكن الله حركها بزيارة شارون للمسجد الأقصى في 28 سبتمبر سنه 2000, وهو حدث - مع عظمه - أهون من أحداث سابقة كثيرة. هناك أحداث كثيرة جدا سبقت زيارة شارون للمسجد الأقصى لم يتحرك لها المسلمون هذا التحرك. حدث قتل للمسلمين.. حدث تدمير وتشريد.. حدثت مذابح مثل مذبحة صبرا وشاتيلا، ولكن تحركوا لزيارة شارون وهي أهون من قتل المسلمين. إذن هذه الحركة للقضية فعلها سبحانه وتعالى, والآن تأتي أحداث غزة الجريحة لتحرك القضية ولكن علينا أن لا ننسى أن القضية هي ليست فقط قضية غزة ولكن قضية فلسطين كل فلسطين ولابد أن نشكر هذه النعمة - نعمة تحريك القضية - وشكر النعمة يكون باستمرار تحريك القضية.
أحذر أن يمر عليك يوم أو يومان دون أن تذكر فلسطين وتُذكَّر بها..
احمل هم القضية وتحرك..
في كل الدوائر تحرك..
في كل الأماكن تحرك..
في كل الأوقات تحرك..
تحت كل الظروف تحرك
تحدث عن فلسطين في دائرة بيتك.. مع أبيك وأمك.. مع إخوانك وأخواتك.. مع أولادك وأحفادك..
تحدَّث عن فلسطين في دائرة الأقارب.. القريبة والبعيدة.. كل من تعرف من أهلك.. تحدث معهم..
تحدث عن فلسطين في دائرة أصدقائك.. وفي دائرة العمل.. فلنترك جانبًا في هذه الأيام العصيبة الحديث عن المباريات والدوري والكأس والمسلسلات والأفلام.. والقيل والقال.. وفلان وعلان.. فلنتحدث عن فلسطين..
حتى في الدوائر السطحية التي تلتقي بها قدرًا ودون ترتيب تحدث عن فلسطين.. سواءًا أكنت منتظرًا في عيادة طبيب.. راكبًا في وسيلة مواصلات... تحدث عن فلسطين..
ثم فكر أن توسع دوائر التحريك:
مقال في جريدة أو خطاب إلى بريد إحدى الصحف..
مقال في مجلة حائط في مدرسة أو جامعة..
كلمة بسيطة سريعة في مسجد أو في فصل أو في مدرج.. دقيقتين أو ثلاثة.. خبر عن عملية استشهادية أو سؤال الدعاء لأهل فلسطين.
خطبة جمعة - لو تستطيع - أو تنصح الخطيب بذلك..
اعمل صالون ثقافي في بيتك وادع أصدقائك وناقشوا القضية.. ولا مانع إن تدعو إلى اللقاء متحدثًا يدرك أبعاد القضية, يحاورهم ويشرح لهم..
ابعث رسائل على الإنترنت لكل من تعرف من الأفراد والهيئات في كل بقاع العالم.. ابعث للمسلمين ولغير المسلمين.. اشرح القضية.. وضح فضائح اليهود.. اعمل رأي عام عالمي مضاد للإعلام اليهودي.. تحرك.. ليس هناك وقت..
حتى المظاهرات السلمية تعتبر تحريكا للقضية.. لكن مع الأخذ في الاعتبار أن المظاهرة تكون بالضوابط الشرعية.. ليس فيها تكسير أو إفساد حتى للمحلات الأمريكية وغيرها.. فهي في عهدنا والمسلمون لا ينقضون العهود.. وليس فيها سباب.. فليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا بالفاحش ولا بالبذيء.. وليس فيها اختلاط مخل بالآداب الإسلامية.. وليس فيها شعارات ضالة تؤخر القضية بدلاً من تقديمها..
هذا التحرك –يا أخي- لا بد أن يكون بسرعة..
فعلاً ليس هناك وقت..
مرور الوقت –دون عمل- ليس في مصلحة القضية..
- مع مرور الوقت يزداد عدد الشهداء, وتفقد الأمة أفرادها الواحد تلو الآخر..
- مع مرور الوقت تهدم المنازل, وتجرف الأراضي, ويُشتت الناس, ويتزايد عدد من لا مأوى لهم، وكل هذا يُكثِّر من أوراق الضغط اليهودي.
- مع مرور الوقت تزداد المستوطنات, وتزداد الهجرة اليهودية للأراضي الفلسطينيين, ويزداد الإحلال اليهودي للشعب الفلسطيني..
- مع مرور الوقت يتناقص الغذاء والكساء والدواء, وذلك لغلق كل الحدود والمعابر..
- مع مرور الوقت تتزايد الجرأة اليهودية على المسلمين فنسمع عن أشياء جديدة وبصورة متكررة:
نسمع عن عملية اغتيال لأشخاص بعينهم..
نسمع عن عمليات اختطاف لأفراد بعينهم من عقر دارهم..
نسمع عن قصف بالمروحيات والأباتشي..
نسمع عن اجتياح بالدبابات والجرافات..
نسمع عن مذابح جماعية.. ونشاهد سكوتا عالميًا مخزيًا!!..
- مع مرور الوقت يحدث شيء خطير أسميه إلف المأساة..
يتعود المسلمون على منظر الدماء..
يتعودون على منظر الجرحى بالمئات والآلاف..
يتعودون على منظر الأمهات الثكالى..
يتعودون على منظر الأطفال الباكية المشردة..
يتعودون على مناظر الهدم والتجريف والظلم والإبادة..
يتعودون على كل ذلك فلا تتحرك القلوب كما كانت تتحرك، ولا تُذرف الدموع كما كانت تُذرف ولا تتأثر المشاعر كما كانت تتأثر.. إلف المأساة..
ثم أتدري كم ستعيش في هذه الأرض؟!.. الموت يأتي بغتة.. ومن مات قامت قيامته.. ولا شك أننا سنسأل عن هؤلاء الذي يقتلون صباح مساء على بعد أميال منا.. لا داعي أن نأخذ الموضوع ببساطة..
لكي تشعر بالمشكلة ضع نفسك مكانهم.. وليس ببعيد أن يبدل الله الأدوار عما قريب.. تخيل أنك تسير في الشارع ومعك ابنك 8 سنوات أو 10 سنوات, فجاء يهودي وأطلق رصاصة استقرت في قلبه أو في رأسه فسقط بين يديك، وأنت لا تملك له علاجًا، حتى مات أمام عينيك, فترفع رأسك فإذا بأكثر من مليار مسلم يشاهدون ولا يتحركون!.. ماذا تفعل؟! ألا ترفع يدك إلى السماء وتدعو على من شاهد ولم يتحرك؟.. وتدعو على من سمع ولم يعقل؟
تخيل نفسك في هذا المقام!!
ألا تخشى من دعوة هؤلاء المظلومين على إخوان لهم في الدين, شاهدوا الأرواح تزهق، والأرض تُسرق, والشعب يُشتت, فتأسفوا قليلا, ثم سارت حياتُهم بصورة طبيعية كما كانت..
تحريك القضية وبسرعة واجب حتمي يحفظ القضية من الموت أو النسيان ولكن..
لابد أن يكون التحريك بالمفاهيم الصحيحة..
تحريك القضية بمفاهيم خاطئة قد يضر بها ويُعطل سيرها.. بل ويعجل بموتها..
لابد من تفريغ الوقت لفهم القضية فهما صحيحًا وتفهيمها لغيرنا..
أعداء الإسلام يدبرون مؤامرات لا حصر لها لهدم الإسلام وإبادة أهله.. لا يهدأون ولا يكلّون.. وعلى قدر هذا النشاط من أعداءنا يجب أن تكون حركتنا أو يزيد..
مؤامرات سياسية عن طريق المفاوضات والسفارات والهيئات والأحلاف.
مؤامرات عسكرية عن طريق الجيوش والصواريخ والطائرات والبوارج.
مؤامرات اقتصادية عن طريق الحصار والقيود الاقتصادية والديون والعولمة.
مؤامرات تفريقية للتفريق بين الشعوب الإسلامية وبين أفراد الشعب الواحد بل وبين أفراد الأسرة الواحدة.
مؤامرات أخلاقية عن طريق إفساد أخلاق المسلمين بالإعلام والدش والإنترنت والتليفزيون والصحف الصفراء و البيضاء.
ثم مؤامرات فكرية عن طريق تغيير أفكار المسلمين وتبديل المعايير الصحيحة وقلب الموازين العادلة.
وكل هذه المؤامرات خطير.. وكلها قاتل وفتاك..
لكن أشد هذه المؤامرة خطورة هي المؤامرة الفكرية..
المؤامرة الفكرية.. التي تقلب الحق باطلاً والباطل حقًا..
تخيل أن رجالاً عاشوا طويلاً, وكافحوا وتعبوا وسهروا وبذلوا, من أجل أفكار ضالة, وعقائد منحرفة, وأهداف تافهة.. كل ذلك وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا..
كارثة!.. المؤامرة الفكرية تقتلع الأمم من جذورها..
لا أمل في النجاة إن انحرفت أفكار الناس..
ومن انحرف ولو درجة, فلا يرجى له وصول..
كثيرٌ ممن يكافح من أجل فلسطين.. يكافح للدفاع عن أفكارٍ منحرفة, ومفاهيم خاطئة.. ولذا فهم يؤخرون أو يضيعون القضية..
تحريك القضية بالمفاهيم الصحيحة من أقوى الأسلحة في حرب التحرير..
وللحديث بقية....