شهر رمضان الكريم على الأبواب، وأعمال هذا الشهر المنزلية تكون شاقة بالنسبة للنساء العاديات، فكيف هو الأمر بالنسبة للمرأة الحامل؟ خاصة وأن العديد من النساء الحوامل يرغبن في القيام بالصوم أثناء الشهر الفضيل، ولكن في بعض الأحيان تصادف الحامل المشاكل نتيجة للصوم طوال فترة النهار، وينتاب القلق بعض النساء من الصيام في رمضان اثناء شهور حملهن خوفاً من تأثير ذلك على صحة الجنين.
بينما نجد في المقابل، نساء يصررن على الصيام رغم تحذير الأطباء لهن من ذلك، وإذن كيف يجب أن تتصرف المرأة الحامل خلال شهر الصيام؟ نتعرف إلى الجواب في السطور التالية، مع الدكتورة سوسن شهاب، اختصاصية أمراض النساء والتوليد بمركز “الأمير الطبي التخصصي” في أبوظبي.

ما هو رأي الطب “في صيام المرأة الحامل؟
◆ “إن الاعتدال والأخذ بالأسباب هو الموقف الصحيح، وفي الواقع لا يوجد مانع من صيام المرأة الحامل إن اتبعت بعض الإرشادات المهمة، على أن تراجع الطبيب اذا ما تعرضت لأية مضاعفات، فاحتياجات المرأة الحامل تختلف عن غير الحامل من حيث العناصر الغذائية المختلفة التي تزيد بشكل لافت عنها في غير فترة الحمل، فهي تحتاج مثلاً إلى نسبة 30% من البروتينات أكثر من المرأة العادية، كما ترتفع حاجتها للسعرات الحرارية لتوليد الطاقة التي يحتاجها الجنين، ولهذا يجب أن تركز المرأة الحامل في شهر رمضان بالذات، على الأغذية التي تحتوي على البروتين مثل اللحوم، سواء البيضاء أو الحمراء، والبيض الى جانب تناول الخضراوات الطازجة والتقليل من النشويات. ومجموع السعرات الحرارية التي تحتاجها المرأة الحامل في اليوم الواحد هو 2750 سعرة تقريباً، كما أن كمية البروتين التي يحتاجها جسدها هو 76 جراماً تــقريباً كــل يوم”

.◆ هل هذه الاحتياجات والتغيرات ثابتة طوال فترة الحمل؟

◆ إن الحالة الجسمانية والصحية للمرأة الحامل ليست واحدة اثناء فترات الحمل المختلفة، فشكل فجسمها واحتياجاتها وحجم ونمو الجنين كل هذا يمر بعدة مراحل مختلفة ويمكن أن نقسم مراحل الحمل إلى ثلاث مراحل:


◆ المرحلة الأولى:

“وهي الثلاثة أشهر الأولى من الحمل وفي هذه المرحلة يبدأ الإخصاب ويبدأ الجنين في النمو داخل الرحم وتبدأ المشيمة فى التكون، ونتيجة لهذا التكون يطرأ ارتفاع بإفراز هورمون الحمل حتى الأسبوع الثالث عشر وفي هذه الفترة تكون الحامل معرضة لعدة مشاكل منها: “الغثيان، القيء والقلق والإحساس بالتعب” وهذا نتيجة لتفاعل جسمها مع هورمون الحمل الذي يستمر إفرازه بمعدلات متزايدة خلال الفترة الاولى للحمل، ويبدأ بعد ذلك إفرازه بمعدل ثابت، وأقل نسبياً من معدلات إفرازه فى فترة الحمل الاولى، وقد يؤدي هذا التقيؤ في بعض الحالات الى الإصابة بالجفاف، وقسم من النساء يحتجن للرقود بالمستشفيات لعدة أيام للحصول على سوائل عن طريق الوريد، والمرأة الحامل معرضة للجفاف أكثر من المرأة في الوضع الطبيعي، فهذا من الممكن أن يؤدي إلى هبوط في ضغط الدم ويؤدي إلى هبوط في نسبة السكر بالدم، فلذلك في هذه الفترة نحن ننصح المرأة الحامل والتي تعاني من مشكلة القيء بألا تصوم وان تشرب كميات كبيرة من السوائل لأن الجفاف لدى المرأة الحامل يسبب ارتفاعاً في مادة (الأستون) في البول وهذا يؤثر في صحة الجنين”.

◆ المرحلة الثانية من الحمل:

“تبدأ من الشهر الرابع حتى الشهر السادس، وفي هذه الفترة يطرأ تحسن في صحة المرأة الحامل، وهذه الفترة تعتبر أفضل مرحلة إذا رغبت الحامل بأن تصوم ولكن في هذه المرحلة من الممكن أن تواجه قسم من النساء ارتفاعاً في ضغط الدم وهبوط نسبة السكر بالدم”.

◆ المرحلة الثالثة: “

تستمر من الشهر السادس حتى الشهر التاسع، وهذه المرحلة تعتبر من أصعب مراحل الحمل فحجم الجنين يبدأ بالزيادة، مما يزيد العبء على المرأة الحامل،, وكمية الماء تبدأ بالزيادة، ويطرأ ارتفاع في ضغط الدم وهناك بعض النساء اللواتي يصبن بتسمم الحمل نتيجة ارتفاع ضغط الدم.فالمرأة الحامل في هذه الفترة إذا أهملت تناول السوائل والحديد والغذاء الكافي تضر بصحتها و بصحة الجنين، فممكن أن يسبب نقصان الماء في جسم الحامل الى تركيز للبول والذي يعتبر مجمعاً لتكاثر الجراثيم ويؤدي ذلك إلى التهابات بولية والتي بدورها يمكن أن تؤدي الى تقلصات في الرحم وإلى ولادة مبكرة أو قد تؤدي إلى خسارة الجنين”.

**أعراض مهمة في صيام الحامل:

يجب على المرأة الحامل الانتباه الى الأعراض التالية:

◆ أعراض إرهاق الصيام التي تتمثل في انخفاض الضغط، والشعور ببرودة الاطراف، والغثيان وعدم القدرة على القيام بأي مجهود.
◆ الشعور بأوجاع فى الظهر والبطن، و التي من الممكن أن يترتب عليها إجهاض أو ولادة مبكرة.
◆ الشعور بأن حركة الجنين قلت خلال فترة الصيام. إذا شعرت الحامل بهذه الأعراض فعليها بالإفطار وعدم اكمال صيامها واللجوء للطبيب إذا لزم الأمر.

**تأثير الصيام على الجنين:

لايؤثرالصيام سلبياً على الحامل طالما كانت حالتها الصحيه جيدة و تسمح بالصيام، وإن حدث التأثير فيكون على الجنين نفسه، من حيث نقص الوزن فقط دون أن تكون هناك أي مضاعفات أخرى مثل التشوهات والامراض وغيرها، ولكن إذا حافظت المرأة على الغذاء المتوازن وتناول السوائل بكميات كافية فإنها تقلل من هذا التأثير السلبي.

**قدرة الحامل على الصيام:

-يجب هنا أن نميز بين المرأة الحامل ربة المنزل والمرأة الحامل العاملة خارج المنزل، فالحامل التي تعمل طوال الوقت خارج المنزل وتتعرض لحرارة الجو العالية ترهق أكثر وتفقد كمية سوائل اكثر ولا تقوم بتناول الغذاء والسوائل بشكل كاف وهذا يؤثر في صحتها وصحة الجنين ويمكن أن يصيبها بالجفاف، كما أنها لا تنال القسط الكافي من الراحة الجسمانية أثناء النهار، أما المرأة الحامل ربة المنزل يكون لديها فرصة اكبر للصوم في رمضان إذا كانت بصحة جيدة ولا يوجد لديها أمراض تؤثر في صحتها، حيث إنها لا تتعرض لحرارة الجو العالية كما أن أمامها فرصة كافية للراحة فترات طويلة أثناء نهار رمضان.

**ظروف تمنع صيام الحامل:

هناك بعض الحالات التى يمنع فيها الصيام للمرأة الحامل ومنها:

◆ إذا كان الجنين لا ينمو بشكل طبيعي.
◆ كمية السائل الأمينوسي قليلة، (وهو السائل المحيط بالجنين داخل الرحم ويمثل أهمية قصوى لصحة الجنين وسلامته).
◆ في حال كانت الحامل تعاني من مرض السكر وتأخذ جرعات أنسولين، لكن اللاتي استطعن ضبط مستوى السكر فيمكنهن الصيام تحت إشراف الطبيب.
◆ المرأة الحامل التي تعاني من أمراض القلب وتأخذ أدوية للسيولة لا تصوم، لأنه قد يحدث تركيز للدم مع نقص السوائل فتحدث جلطة قد تؤدي للوفاة، ولا ينصح بالصيام في حالة هبوط عضلة القلب.
◆ من تعاني من مضاعفات الأنيميا مثل إصابات فطرية أو ميكروبية بالجهاز التنفسي يجب عليها الإفطار للحصول على جرعات من الفيتامينات وأحياناً تحتاج إلى نقل دم.
◆ الحامل التي تعاني من أنيميا بسيطة يمكنها الصوم، مع تعويض نقص الحديد في الإفطار بالإكثار من تناول البيض واللحوم مع تناول الأدوية، أما إذا كان الجنين سيتعرض لأذى فيجب عليها الإفطار.

**الغذاء المثالي للمرأة الحامل:

المرأة الحامل بحاجة إلى كميات إضافية من المكونات الغذائية وخصوصاً الغذاء الذي يحتوي على الحديد والكالسيوم، اضافة إلى جرعات زائدة من المغنيزيوم وذلك بحسب حاجة الحامل إليها والتى يحددها طبيبها المعالج، ويجب على الحامل تناول الأغذية التي تحتوي على البروتين مثل اللحوم، سواء البيضاء أو الحمراء، والبيض إلى جانب تناول الخضراوات الطازجة والتقليل من النشويات.

**خطر إقلال السوائل على الحامل:

الإقلال من السوائل يؤدى إلى الجفاف الذي يمكن أن يؤذي المرأة الحامل والجنين، ولهذا تنصح المرأة الحامل بتناول ما بين 1.5 إلى 2 ليتر يومياًِ من الماء، وعليها أن تحاول تعويض هذه الكمية بعد الإفطار قدر المستطاع، فالامتناع عن شرب السوائل يؤدي إلى تقلصات في الرحم وقد يؤدي بالتالي إلى ولادة مبكرة، ولهذا السبب على الحامل لدى شعورها بأي عارض مماثل التوقف فوراً عن الصوم تجنباً لأية مضاعفات خطرة، كما يجب على المرأة الحامل أن تهتم بوجبة السحور وتؤخرها قدر الإمكان، وعند الإفطار يجب عليها عدم تناول الطعام مرة واحدة، بل من الأفضل أن تقسم وجبة الإفطار إلى عدة وجبات صغيرة ومتفرفة.

**أطعمة يجب تجنبها:

على الحامل في رمضان تجنب الأطعمة التي تحتوي على البهارات والتوابل الحارة، والتقليل من تناول المياه الغازية والشاي والقهوة وعدم الإكثار من الحلويات حتى لو كانت معتادة على ذلك، حتى لايزداد وزنها إلى أكثر من 13 كيلوجراماً على مدى شهور الحمل التسعة.

**الحامل والرياضة أثناء الصوم:

قد تكون مزاولة الرياضة ممكنة في الفترة الاولى من النهار ولكن في إطار حركات رياضية خفيفة، فالرياضة العنيفة مرفوضة للحامل تماماً سواء في رمضان أو غيره، لأن أي نشاط رياضي يفترض حرق سعرات حرارية يجب تعويضها عن طريق الأكل والشرب، وهذا مستحيل خلال فترة النهار أي فترة الصوم ، لذا يستحسن تجنب ممارسة الرياضة خلال فترة الصوم.

**سمنة الحامل في رمضان :

من أهم الطرق التي تمكّن المرأة الحامل من تجنب السمنة تقسيم وجبات الغذاء إلى ثلاث إفطار وعشاء وسحور، على أن تتضمن هذه الوجبات جميع المكملات الغذائية الضرورية لها، ثم المواظبة على شرب السوائل بكميات كبيرة والبعد عن الإكثار من الحلويات، فبعض النساء تظن ان كثرة الحلويات تعوض ما فقدته اثناء الصيام وهذا مفهوم خاطئ، فالحلويات تحتاج إلى شرب كميات اكبر من السوائل والتي ربما لا تستطيع المرأة ان تفي بها خلال الفترة بين الإفطار والسحور، كما أنها تؤدي إلى زيادة الوزن دون فائدة صحية، كما يجب على المرأة الحامل التأكد من وزنها اسبوعياً حسب إرشادات طبيبها.

**جرعات أدوية الحامل في الصوم:

يجب على المرأة الحامل أن تتناول الأدوية الإضافية والمكملات الغذائية التي تعطي تمدها بالكالسيوم والفيتامينات، مباشرة بعد الفطور ,أما الحديد فمن المستحسن أن تأخذه المرأة الحامل قبيل السحور، وأما الأدوية العلاجية والتي تعالج أمراضاً معينة كالمضادات الحيوية فيجب تناولها فى مواعيد محددة وهنا يجب على المرأة عدم الصيام، أما المرأة التي تحتاج لعلاج بعض الأمراض من مضاعفات الحمل او الامراض المزمنة فيجب عليها استشارة طبيبها المعالج واتباع نصائحه.

**فحص دم الحامل والصيام:

تعتقد بعض الحوامل عند طلب فحص دمهن أن هذا التحليل يؤدي إلى الإفطار، بينما يؤكد الأطباء أن التحاليل البسيطة التي يطلبونها، إنما هي كميات بسيطة جداً لا تؤثر في صيام الحامل بشكل خاص ولا علي صحتها بشكل عام، فمتابعة الحامل في رمضان لا تختلف عنها في أي وقت آخر.

**مفسدات صيام الحامل:

الإفرازات المهبلية الكثيفة لا تفسد الصيام، وكذلك النزف الذي قد يصاحب الحمل كحالات نزول المشيمة، فحالات النزف المصاحبة إنما هي بسبب وضع المشيمة نفسها وليس بسبب دم النفاس، إلا إذا صاحب هذا النزف ولادة، فحينئذ يكون وضع الصيام كوضع الوالدة.

**نصائح الحامل في رمضان:

◆ من الأفضل أن تستشير المرأة الحامل الطبيبة النسائية قبل صيام رمضان.
◆ المرأة التي ترغب في الصوم يجب أن تتحلى بصحة جيدة، وتتقيد بتناول وجبتي الإفطار والسحور.
◆ يجب عليها تناول كميات كبيرة من السوائل بين الافطار والسحور، وألا تهمل تناول الفيتامينات والحديد.
◆ يجب عليها ألا تهمل مواعيد متابعة الحمل فى رمضان.
◆ يجب عليها ايضاً الخلود للراحة فترة طويلة خلال النهار ومراقبة حملها جيداً ومراقبة حركة الجنين.
◆ عدم التلكؤ عن مراجعة الطبيب لدى تعرضها لأي انتكاسة صحية ناتجة عن الصوم كالإغماء أو تفاوت في مستوى الضغط.
◆ إذا خافت المرأة على صحتها وصحة جنينها فإن لها رخصة الافطار في رمضان.

منقول--