ضيفة الحوار / الأستاذة / البندري الأحمد
أجرت الحوار / المحررة / أمل الطبيشي
العمل التطوعي من أسمى أعمال الإنسان على الإطلاق فلا يؤديه إلا ابتغاء المثوبة والأجر من الله , وكلما كان هدف الإنسان بالعمل التطوعي ساميا ًراقيا ًكلما كان عمله أكثر رفعة وفائدة , والعمل التطوعي يساهم في رفعة الأمة ويؤدي إلى تساند أفرادها وإيجاد روح التعاون والمحبة , وقد مدح الله سبحانه وتعالى أمة حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم بالخيرية بقوله : {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}(110) سورة آل عمران .
وقد كان للمرأة المسلمة نصيب وافر في العمل التطوعي ؛ لأنها تعلم أنها إن لم تزد شيئاً للدنيا كانت هي زائدة على الدنيا , وخير ما تزيده المرأة للدنيا العمل الخيري وقد قال تعالى : {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (97) سورة النحل , والآن نبدأ حوارنا ونحن على شوق بما تزودنا به الأستاذة" البندري الأحمد " .
س1/ بدايةً , نستهل حديثنا عن حياتك العلمية والدعوية , وهل للعمل التطوعي جانب في تكوين اهتماماتك , مع تعريف القراء من هي الأستاذة "البندري الأحمد" ؟
طالبة علم على يدي المشايخ والعلماء ودروس شرعية في العقيدة والفقه والتفسير , مشرفة النشاط الثقافي والدعوي في دار التوحيد النسائية لتحفيظ القرآن الكريم , إلقاء المحاضرات في المساجد ودور التحفيظ والمدارس , ومتطوعة في بعض المؤسسات الخيرية والمكاتب الدعوية وجمعية مكافحة التدخين , وأم لأربعة أبناء وبنتان أسأل الله لهم الهداية والثبات على دينه وأبناء المسلمين .
نعم , للعمل التطوعي له جانب كبير جداً من اهتمامي وأسأل الله العلي القدير أن يجعل أعمالنا وأعمالكم خالصة لوجهه الكريم وأن يتقبلها بقبولٍ حسن .
س2/ حدثينا عن العمل التطوعي عامةً , وما يتضمنه من جوانب إيجابية لحياة المتطوع والمجتمع ؟
هي رئة يتنفس بها الخيرون وأصحاب الأموال والمناشط الخيرية , دوحة غناء يستظل بها المحتاجون والفقراء ويمسح دموع الأيتام ويبدد أحزان الثكلى وتقتلع مآسي الأرامل ويرعى الأطفال وتعلم الجهلة وتنقذ الغرقى في شباك الشرك والوثنية أو براثن الخرافة والبدعة .
س3/ "الإسلام دين عمل" فنحن نريد أن نعرف كيف اهتم الإسلام بالعمل التطوعي؟
منذ أن شع نور الإسلام ونزل القرآن داعياً للخير والبر والإحسان والصدقة و الإنفاق في سبيل الله في عهد نبينا "محمد صلى الله عليه وسلم " إلى يومنا هذا من تبرعات وصدقات لليتامى والأرامل والفقراء والمحتاجين وتفريج كرب المعسرين و مساعدة الضعفاء والعجزة ومد يد العون لكل محتاج من إخواننا المسلمين في كل مكان , ونشر الفضيلة وقمع الرذيلة وتوجيه وتوعية الناس وتعليمهم ما ينفعهم ويضرهم في دينهم ودنياهم وبهذا نأمل جميعاً بأن تسمو نفوسنا وتحقق أهدافنا في رفعة هذا الدين .
س4/ الكل منا يريد أن يعمل ويتطوع لكن هناك ما يعيقه , برأيك ما هي معوقات العمل التطوعي خصوصاً للمرأة ؟
1/ عدم من يعينها في المجال التطوعي .
2/ عدم مساندتها إذا احتاجت لذلك .
3/ انشغالها في بيتها وتربية أبنائها .
4/ ارتباطها بوظيفتها .
5/ عدم تنظيم وقتها فيما يحقق لها معظم أهدافها .
6/ عدم معرفتها بأهمية العمل التطوعي للمرأة المسلمة .
س5/ لا بد لكل متطوع ومتطوعة للعمل الخيري من الاتصاف بعده صفات فما هي ؟
1/ العمل الشرعي الذي يفيد المتطوع في أي مجال كان .
2/ إخلاص العمل لله تعالى على أن لا يكون لإغراض دنيوية .
3/ أن يكون عملة هذا لخدمة الدين أولا وخدمة إخوته المسلمين .
4/ أن يتمثل فيه الكفاءة والإيمان والصدق ليكون مؤهلاً للتعامل مع الذين يحتاجون إلى توحية .
5/ وأن يعرف المتطوع أن هذه رسالة نبيلة وأشرف الرسالات هي نشر الخير والعلم في كل مكان وأن معلم الناس الخير تصلي عليه الملائكة قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (( إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير )) سنن الترمذي , والمراد بالخير علم الدين قال ابن الجوزي : (( لما كان تعليمة للناس الخير سبب لنجاتهم وسعادتهم وزكاة نفوسهم جازاه الله من جنس عمله بأن جعل عليه من صلاته وصلاة ملائكته وأهل الأرض ما يكون سبباً لنجاته وسعادته وفلاحه . وأيضاً فإن معلم الناس الخير لما كان مظهراً لدين العرب وأحكامه ومعرف لهم بأسمائه وصفاته جعل الله من صلاته وصلاة أهل سماواته وأرضى الله عليه ما يكون تنويهاً وتشريفاً وإظهار الرضا عليه بين أهل السماء والأرض )) .
6/ وأن يكون قادراً على سد احتياج الجهة المطلوبة ولديه خبرة في هذا المجال .
7/ وأن يكون ذات ثقة ومرن التعامل وتحمل المسئولية .
8/ أن يكون مستعداً لأي خلل لم يكون في الحسبان في عمله .
9/ عدم تضارب عملة التطوعي مع عملة الأساسي .
س6/ الفرد المتطوع هل ترين أنه من الضرورة له ولعمله أن يتزود دائماً بمهارات ودورات تنمي وتساعد في أداءه لعمله ؟
نعم , من الضروري جداً على الفرد المتطوع أن يتزود بمهارات ودورات تنمي وتساعده في أداء عمله التطوعي وكذلك حينما يواجهه أي مشكلة في هذا العمل عليه أن يحيلها إلى الجهات المختصة لتوجيهه إلى الأنسب .
س7/ كيف يكون دور الإعلام في عرض أهمية العمل التطوعي في المجتمعات الإسلامية ؟
في نظري أن الإعلام يستطيع أن يدخل على شريحة كبيرة من المجتمع ومخاطبة عقولهم قبل قلوبهم في عرض برامج تعليمية وتوعويه توضح هدف المرء المسلم من ناحية العمل التطوعي وتشجيعهم وحثهم على ذلك وإقامة برامج خاصة للأطفال تحثهم على العمل التطوعي على حسب سنهم ومقدرتهم وكذلك الشباب والفتيات والنساء , ويا حبذا إقامة حملات إعلامية لتطوير العمل التطوعي بجميع قطاعاته ورفع مستواه إلى أعلى المستويات .
س8/ ما هي دوافعنا للعمل التطوعي ؟
دوافعنا هي نشر وتوعية المجتمع من أي سلوك خاطئ , وكذلك توعية المسلمين وتعليمهم العقيدة الصحيحة في مضمار نشر الخير وخدمة هذا الدين الإسلامي الذي مبدؤه قوله تعالى : { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى } .
س9/ حدثينا عن المجالات التي ممكن للفرد أن يقدم للعمل التطوعي فيها ؟
المجالات التي يمكن للفرد أن يقدم للعمل التطوعي فيها هي :
مكاتب الدعوة والإرشاد لتوعية الجاليات بحاجة ماسة في الأماكن التي يرتكز فيها الجاليات المسلمة وغير المسلمة , وممكن للمتطوع أن يتعاون مع مكاتب الدعوة والإرشاد في توزيع المصاحف بجميع اللغات وكتب العقيدة الصحيحة المأخوذة من الكتاب والسنة والأشرطة الإسلامية والجاليات الغير مسلمة يوزع عليهم كتب عن الإسلام وشرح لهم ذلك إذا كان يستطيع مخاطبتهم , والدعوة كذلك بالمراسلة عن طريق الانترنت أو صندوق بريد منطقتهم .
المؤسسات الخيرية مثل مؤسسة الإعمار العالمية , ومؤسسة الوقف الإسلامي يمكن التطوع معهم في نشر الإسلام في صفوف الجاليات لإخواننا المسلمين في الداخل والخارج , والمساعدات الإغاثية يمكن المساهمة في علاج مظاهر الحرمان وآثار الحروب المدمرة التي يعاني منها المسلمون , والمشاركة والتطوع في مشروع إفطار صائم مشروع خيري يصاحبه جهود دعوية مكثفة مثل المحاضرات والمسابقات والدروس العلمية وغيرها كثير .
ومؤسسة مكة الخيرية يمكن التطوع معهم في نشر رسالة الإسلام في كل مكان ومشروع الأضاحي وبناء المساجد وكفالة الأيتام , والمؤسسات الخيرية لرعاية الأيتام ومؤسسة المعاقين ودور العجزة , وهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية وجمعية حقوق الإنسان وجمعية تحفيظ القرآن , وجمعية مكافحة التدخين وجمعية مكافحة المخدرات , والتطوع معهم في توعية المجتمع من أضرار التدخين وهو بوابة لكل شر ومساعدة من ابتلى بالتدخين والمخدرات بإحالتهم للجهات المعالجة لهذا الداء وتوزيع المنشورات والمطويات التي توضح خطورة التدخين وأسبابه وعلاجه , وبالإضافة لذلك العمل في الندوة العالمية للشباب الإسلامي والمستشفيات والسجون , بالتوزيع عليهم أشرطة إسلامية وتوعيتهم وتعليمهم أمور دينهم وإلقاء عليهم المحاضرات والدروس إذا كان يتقن ذلك .
س10/ التنظيم والتقييم , كيف يستفيد منهما المتطوع أثناء قيامه بعمله ؟
التنظيم والتقييم عاملان مهمان يستفيد منهما المتطوع أثناء قيامه بعمله ويجعله أكثر فعالية في عمله وكذلك تشجيعه ومساندته يعطي نتيجة ناجحة بإذن الله ؛ لأنه يريد من مسئولية تنظيم خطة عمل وتقييمه بعد ذلك ليتحقق ما نصبوا إليه .
س11/ القطاع التعليمي كالمدارس والجامعات كيف يكون لها دور في زرع مفهوم العمل التطوعي داخل نفوس الطلاب والطالبات , وتعويدهم على العمل التطوعي منذ صغرهم ؟
القطاع التعليمي في المدارس والجامعات يكون لها دور في زرع مفهوم العمل التطوعي وتعرفون إذا كان الشخص يزرع زرعه فأين تكون ؟ تكون في أعماق الأرض , فحينما نزرع في نفوس أبناءنا فنحن نؤصّل فيهم الشيء الذي نريده ونجني ثماره بعدما رعينا تلك الزراعة و أسقيناها بانتظام وبكل رعاية واهتمام وحافظنا عليها من كل معتريات الطقوس فتخرج لنا أزهى الثمار وأطيبها , فمن خلال البرامج المدرسية التي يقوم بهما بعض المدرسين واحتساب الأجر في ذلك مع التنسيق الإداري مثل : نشاط المصلى وجماعة التوعية الدينية , والمسابقات العامة واللوحات الإرشادية التي يتم عملها من قبل الطلاب بمساعدة معلميهم وكذلك حصص النشاط يكون فيها طرح مواضيع هادفة وأفكار متجددة للعمل التطوعي وزيادة على هذا قد يكون من بعض المدرسين تفعيل العمل التطوعي من خلال حصته والمادة التي يدرسها .
س12/ وكذلك أيضاً كيف يكون واجب الأسرة في تشجيع وتحفيز أبنائها للعمل التطوعي ؟
يكون تفعيل الأسرة للعمل التطوعي للأبناء بدخولنا نحن في هذا المجال لكي نكون لهم قدوة وإرشادهم وتوجيههم في هذا الموضوع فيما يناسب أعمارهم .
س13/ الأفراد العاملين في العمل التطوعي الكل منهم يقوم بما يستطيعه من أعمال , فهل يقسم المتطوعون على حسب ما يقدمونه من أعمل تطوعيه ؟
نعم يقسم المتطوعون في العمل التطوعي على حسب ما يقدمونه من أعمال تطوعية فبهذا التقسيم نستطيع تحديد ومعرفة خبرات المتطوعين ومعرفة إمكانياتهم وطاقاتهم حتى يكون الإنتاج أكثر فعالية , وبالتقسيم تتحقق الأهداف والسياسات المرسومة والممارسات المتبعة .
س14/ على مدى الزمان قد سطر لنا التاريخ شخصيات قدمت وساهمت بالعمل التطوعي , اذكري لنا أبرز تلك الشخصيات ؟
أبرز الشخصيات التي ساهمت بالعمل التطوعي :
قدوتنا " حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم" دعا إلى الله وبلغ رسالاته , انتفع به أهله وأقاربه وجيرانه وقومه والأنس والجن قال تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } , وكان صلى الله عليه وسلم يتصدى للناس يستقبلهم يودعهم , يأمرهم وينهاهم يختلط بهم ويتحمل أخطاءهم , لذلك أذاه الناس وأثروا في بدنه عليه الصلاة والسلام , حتى أصبح يصلي جالساً وأسرع إليه الشيب , ولذا " تقول السيدة عائشة رضي الله عنها سألها عبد الله ابن شقيقتها : هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو قاعد ؟ قالت : ( نعم بعد ما حطمه الناس ) "صحيح مسلم .
وهناك نخبة كبيرة من الشخصيات الفذة في زمن السلف الصالح وفي زمننا هذا وهم كثر بذلوا قصارى جهدهم في خدمة الدين والدفاع عن أهله وهم من باب التعريف لا الحصر , كذلك فالخير ولله الحمد موجود في هذه الأمة وإليك هذا المثال لإمام من أئمة العلم والفضل والزهد والتقى ولد عام 1330 هـ , وتوفي عام 1420 هـ بعد أن خلف سيرة غراء وذكر أطيب من ريح المسك بعد أن ملأ الدنيا علماً وفضلاً وإصلاحاً إنه سماحة الشيخ الإمام العلامة الحبر البحر الشيخ / عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ لقد مات والده وهو صغير حيث إنه لا يذكر والده وكان ضعيف البنية في صغره حيث لم يستطيع المشي إلا بعد أن بلغ الثالثة من عمره فمن كان وراءه حتى صار إلى ما صار إليه ؟ لقد تعهدته والدته بالتربية والعناية منذ نعومة أظفاره سباقاً للخير مواظباً على الطاعات مبكراً للصلوات وكان معروفاً بالكرم منذ صغره وإلا كيف يبلغ هذه الإمامة وذاك التفرد مع يتمه ومع مرض العيون الذي أصابه في سن السادسة عشرة وذهب بصره وعمره 19 سنة ومازالت أمه ورائه حتى توفيت وعمره 25 سنه , وقد قام بأعمال خيرية كثيرة جداً وله مؤسسة خيرية يوجد بها وقف الشيخ عبد العزيز بن باز , والوقف عبارة عن مبنى عقاري سكني وتجاري يصرف ريعه على البرامج الدعوية والاجتماعية والمنشئات كالمساجد وحفر الآبار و المناشط الأخرى للمؤسسة , وللمؤسسة مشاريع خيرية مثل كفالة طالب العلم توفر أجواء علمية نافعة لدعاة المستقبل , ومشروع كفالة اليتيم ترعى المؤسسة العديد من الأيتام مع العناية بتأهيلهم ومتابعة شؤونهم , وللمؤسسة توزيع زكاة الفطر , وتتولى المؤسسة صرف زكاة المال في مصارفها الشرعية , ومشروع إطعام الطعام يتضمن صوراً كثيرة من الإطعام : إطعام الصائم , الإفطار الجوال , وجبة الحاج , طعمة الفقير , ومن مشاريع المؤسسة طباعة ونشر وترجمة كتب وفتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله ومشروع توزيع الشريط الإسلامي , وكفالة رواتب مدرسي تحفيظ القرآن الكريم ودعم الحلقات , ومساعدة الفقراء والمحتاجين في الداخل ومشروع مركز للدراسات والأبحاث , ومشروع مركز للدراسات والأبحاث العلمية , ومشروع التعريف بالإسلام للعالم الغربي ( الأوربي ) , ومشروع موقع عبد العزيز بن باز على الانترنت , ومشروع بناء ورعاية ودعم المساجد وغيرها .
والشيخ / سلمان العودة" المشرف العام على موقع الإسلام اليوم " وله أعمال خيرية جداً , والشيخ / محمد المنجد" المشرف العام على موقع الإسلام " وكذلك له أعمال خيرية جداً .
س15/ كلمة أخيرة للقراء ؟
كلمة أخيرة أقولها للقراء لا تزال المجتمعات المسلمة ـ بحمد الله ـ تحمل بذرة الخير في قلوبنا , وحوادث الأيام تؤكد أن الأمة وإن تعرضت لفتن كبيرة وأفكار كثيرة إلا أن المقاطعة الإيمانية موجودة , وهذا المعنى يستلزم التحرك والمثابرة من البقية المخلصة لشحذ همم المتقاعسين وتنشيط الفاترين وتذكير المقصرين وتشجيع المحبطين أن هلموا جميعاً للإصلاح , ونذكر الغافل ونعلم الجاهل ونأخذ على يد الظالم , وما هذه الرسالة إلا للمباركين فهي دعوة لتفجير ينابيع الخير في نفوس الأخيار ليحسنوا كما أحسن الله عليهم , ويسارعوا إلى توبة صادقة من سلبية ماضية عسى أن يغسلوا بها وصمة القعود على نصيحة المسلمين , والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في صفوف إخوانهم المسلمين , إنها دعوة الصالحين ليخرجوا عن دائرة ذواتهم إلى إصلاح المجتمع المسلم ككل .
أعزائي الكرام من هم المباركون ؟
المباركون هم الأشخاص الذين ينفعون في كل زمان وفي كل ميدان وفي كل مكان و يخدمون في كل مجال وفي كل صرح من صروح العلم فكلما دعاهم داعي إلى الخير أجابوه , وكلما سألهم سائل عن شيء يطيقونه أعطوه يمنحون المال للطالب , والعلم للجاهل , والجاه للمحتاج والرأي والمشورة للمستنصح , لا يترددون أبداً في خدمة كل محتاج ماداموا يطيقون تلك الخدمة وإلا فالدعاء بالسداد والتوفيق , دينهم وحياتهم نفع للآخرين حتى التصقت هذه الصفة بهم وصارت جزء من شخصياتهم وتكوينهم يُعرفون به ويُعرف بهم , لا يجدون لذتهم وسعادتهم إلا بهذا البذل والعطاء , وصفهم " النبي صلى الله عليه وسلم " بأنهم مفاتيح للخير مغاليق للشر ودعا لهم , فقد جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال , قال "الرسول صلى الله عليه وسلم" : (( إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر , وإن من الناس مغاليق للخير مفاتيح للشر فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه )) رواه ابن ماجه وحسنه عدد من المحدثين .
يقول الشاعر :
هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دُعوا أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا
ولا يستطيع الفاعلون فِعالهم ولو حالوا في النازلات وأجملوا
فإن المرء حينما يبذل للآخرين ومن نفسه ووقته وعلمه سيجد لذة إيمانية , فإن مثل هذه الطاعات المتعدية لغيره ترفع من إيمانه وتشرح صدره و لك أن تستشعر عظمة هذه الطاعات حينما تنظر إلى نصوص شرعية تربط نفع الآخرين بكمال الإيمان وتمم الدين , ولكم أن تستشعروا هذا الحديث الشريف , عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال "رسول الله صلى الله عليه وسلم" : (( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً )) رواه مسلم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
موقع دعوتهاا