الترك، الوجه الجديد للحمية الإسلامية





بقدر ما شعرت بالأسف من المواقف العربية السلبية، تجاه الحصار الإسرائيلي المصري المزدوج، وخنق غزة لدرجة الموت! بقدر ما سررت درجة البكاء من الموقف البطولي التركي الذي ذكرنا بالرجولة لمواقف أسلافنا الأوائل كهارون الرشيد والمعتصم وصلاح الدين، صحيح أننا نضرب المثل بالنخوة العربية وظللنا دهرا نضرب بها المثل؛ إلا أننا اليوم بتنا نستحي من عروبتنا التي لا تحسن سوى الشجب والتنديد، بل بات التنديد مؤدبا لدرجة أنه أصبح أكثر إغراء بالجريمة حتى أصبحنا نقول: ليتهم سكتوا . تركيا ذات التعاون الطويل مع إسرائيل تدرك اليوم أن قتلة الأنبياء ليس لهم عهد ولا ميثاق وهي التي تدير ظهرها لصديقها وتعض الأنامل التي تداعبها وتحنو عليها هذه هي إسرائيل وهم هم اليهود الذين قالوا لموسى عليه السلام {فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون}. نعم قال الرئيس التركي مللنا هذا الكذب ! وصفق له الجمهور الحاضر وصفقت له الملايين من المسلمين وغير المسلمين، ممن سئم الجبروت والكبر والظلم الصهيوني، بل صفقت له قلوبنا في صدورنا، صفق له كل حر مغبون في حقه وماله وحريته ! فماذا بعد؟! هل سيتحرك معه الأحرار من الذين يتطلع العالم إلى حركتهم ليقولوا لإسرائيل ولمن يدعم إسرائيل كفى! إذا لم نتحرك اليوم ونحن في أقوى موقف وهم في أذل وقت.. فمتى سنتحرك ؟
إن العالم الأوربي اليوم يتسول على أبواب الدول النفطية ليسدد ديونه التي تهدده بالانهيار وأمريكا في أشد المواقف حرجا فجريمة إسرائيل غبية ولا يمكن أن تبرر على الإطلاق, ولو بررت للمغلوبين على أمرهم منا كالعادة، فلن تتقبلها العقول المنطقية من الصحفيين والحقوقيين والنواب والرؤساء في العالم، ولعل هذه الحادثة القشة التي ستقصم ظهر البعير!
نعم سارعت مصر لفتح معبر رفح الآن بعد أن رشقت النساء والشيوخ والأطفال الرضع بالماء الحار ، فلم اليوم يفتح المعبر؟! وهل سيغلق بعد أن يهدأ الضغط على إسرائيل ! ما عدنا نعرف من إسرائيل ومن أصحاب إسرائيل ومن أعداء إسرائيل ومن أعداؤنا، بتنا من كثرة اللكمات على رؤوسنا نتخبط حتى صرنا لا نفرق بين البيان الذي يصدره الأزهر من البيان الذي تصدره الأمم المتحدة ! ربما هي دوخة اللكمات أو تشابه اللهجات والطروحات!
ولأننا آمنا بأن الله لا يقدر لنا إلا الخير قلنا لعل في حادثة الاعتداء على أسطول الحرية خيرا كثيرا، ظهرت وحشية إسرائيل، وظهر للعالم أجمع ظلم اليهود وجبروتهم ، وظهر لتركيا المسلمة أنها كانت مخطئة في علاقاتها مع إسرائيل، وأتيحت الفرصة للصادقين من المسلمين الذين يريدون نصرة المظلوم دون أن تلحقهم ملامة.
إن الظلم له عاقبة وإن العاقبة قريبة *** ومن أظلم الظلم ظلم ذوي القربى
و ظلم ذوي القربى أشد مضاضةً ***على القلب من وقع الحسام المهند
كان الله في عون أهل غزة وكان الله في عون كل مظلوم ورد الله كيد الكائدين وسلط عليهم من يسومهم سوء العذاب {إن ربك لبالمرصاد}.