الشخصية المناسبة
كانت السيدة (وظيفة) تجلس في مكتبها الفسيح وتحرك مقعدها الوثير يمنة ويسرة حين استأذن سكرتيرها الوسيم في الدخول ليقول لها:
ـ هل أدخلهم؟!
أشارت إليه دون مبالاة قائلة:
ـ نعم.
ودخل شاب تبدو عليه سيماء المعاناة، يحمل في يده مظروفاً، أخرج منه شهاداته وعرضها أمامه، فوضعتها دون اكتراث، ملقية عليها نظرة سريعة لتسأله:
ـ من أي قبيلة؟
ـ وما علاقة القبيلة بالعمل؟!
ـ هذا ليس من شأنك!
ـ أنا من قبيلة...
ـ أنت لا تصلح للعمل معنا، وهذا قرار نهائي لا يقبل المراجعة.
ثم دخل شاب ثانٍ تظهر عليه أمارات الإحباط، فسألته:
ـ هل تجيد الإنجليزية؟
ـ نعم.
ـ والفرنسية؟
ـ لحسن الحظ نعم.
فغضبت على نحو متصنع وقالت:
ـ ولماذا لاتجيد الإسبانية والألمانية والبرتغالية والروسية؟
فسألها في دهشة:
ـ وكيف أجيد كل هذه اللغات وأنا لم أتخرج إلا منذ عام واحد.
ـ هذه ليست مشكلتي.. أنت لا تتوفر فيك الشروط المطلوبة التي تروق لنا.
ودخلت فتاة بائسة فسالتها:
ـ أين تسكنين؟
ـ في حي...
ـ هذا الحي لا يتناسب مع مركز الوظيفة المعروضة.. إبحثي لك عن شركة أخرى.
ودخلت فتاة حسناء أنيقـة، فابتسمت ابتسامـة رحبة، وسـألتها وهي تشير إليها بالجلوس:
ـ ما اسمك؟
ـ اسمي (واسطة).
قالت في انفعال:
ـ أنت الشخصية المناسبة لهذه الوظيفة!
ـ ولكنك لم تطلعي على شهاداتي!
ـ ليس مهماً، المهم أنك الشخصية المناسبة.
ـ ولكنني نسيت إحضار الشهادات!
ـ أرجوكِ لا تكترثي كثيراً، يمكنكِ أن تباشري العمل منذ الغد، ولماذا الغد؟، بل من الآن.
ثُم أضافت:
ـ ويمكنك إحضار الشهادات غداً، وإذا نسيتِ فلا داعي لها؛ لأننا واثقون بك، وبأنك الشخصية المناسبة.
فبراير 2005م