.. يريد و لا يستطيع ..
القضية أنه يريد و لا يستطيع .. هذا الذي يريد و لا يستطيع لا أعلم من هو ؟!! أهو أنا أم أنت أم هو أو هي أم نحن أم هم أم هنَّ ؟!!
و لا أعلم أإرادته صحيحة أم خاطئة ، و لا أعلم أهي صادقة أم كاذبة ، و لا أعلم أهناك علاقة منطقية تربط بين الإرادة و عدم الاستطاعة ..
لكن على كل حال هناك إرادة و عدم استطاعة ؛ لذلك جعلت الفاعل مستترا في كلا الموضعين ..
فقلتُ : يريد و لا يستطيع .
يريد أن يربي أبناءه على الطاعة و الصدق و الصواب و الصراحة و الحرص و الاهتمام و الصرامة و المنطق .
و لا يستطيع أن يكون صادقا صريحا مهتما بوقته صارما في القرارات و لا منطقيا .
و لا يستطيع أن يعطيهم الكثير من الوقت فأصدقاؤه مهمون و الجلوس معهم متعة كبيرة و فيها فوائد كثيرة .
و لا يستطيع أن يقرأ كتابا في التربية أو ينظر في برامج تعينه على معرفة الطرق المختلفة و المفيدة في تربية الأبناء ..
ففي نظره أن كل ما يُكتب في هذا المجال ما هو إلا عبث و كلام من غير فائدة و خرابيط .. و يجلب السآمة و الإرهاق و ليس فيه متعة .
يريد ترك التدخين .. و لا يستطيع كبح جماح نفسه في التوجه لأقرب سوبر ماركت ليقول للبائع : اعطني بكتا .
يريد أن يكون منطقيا خارجا من الأهواء و فرض الذات ..
و لا يستطيع أن يجبر الناس على قبول أفكاره الصحيحة و آرائه الصائبة . فكيف يقنع غيره الساذج الغبي .
فهو دائما يستند في طرحه على الأدلة و البراهين و المنطق و منزه عن الهوى و فرض الذات .
يريد النجاح في الاختبارات و الحصول على أعلا الدرجات و النسب ..
و لا يستطيع أن يقنع معلمه بمساعدته و السماح له بالغش كالنظر لورقة زميله المجتهد القريب منه .
و لا يستطيع المذاكرة و المثابرة فوقته مشحون بالمشاغل و المهمات كمتابعة المونديال و أخبار المباريات و الفنانيين و الكشتات .
يريد أن يكون كاتبا مميزا ..
و لا يستطيع أن يقرأ الكثير و يتعلم من الآخرين .. و لا يستطيع أن يطور نفسه و يُفيدها قبل أن يفيد من حوله من الأعضاء .
و لا يستطيع التفريق بين المرفوع و المنصوب و المجرور و بين همزة القطع و الوصل .
و لا يستطيع التفريق بين السرقة و الإبداع الشخصية . فربما سرق و نسبه لنفسه .
يريد حفظ القرآن ..
و لا يستطيع ترك الأغاني و النظر في المحرمات .. و لا يستطيع متابعة القراءة و التكرار و المراجعة .
و لا يستطيع إعطاء القرآن من الوقت الكثير ففي نظره يكفي لحفظ القرآن الوقت الذي يوصله من بيته و عمله حين يكون منفردا وحيدا .أو قبل أن ينام
يريد التخلص من الديون ..
و لا يستطيع قبول أن القناعة كنز لا يفنى .. و لا يستطيع التخلص من تلبية رغباته الدائمة .
فتراه في كل سنة يشتري جوالا جديدا أو سيارة جديدة و تجده مهتما بتغيير و تجديد أثاث المنزل في كل عيد فطر .. و لا بأس من تغيير بعض الأثاث في كل عيد أضحية .. و أبسط من ذلك لا بد في كل شهر من ثوب جديد و غترة جديدة و ساعة جديدة و حذاء جديد .. و بعد ذلك لا بأس يدين جديد .
يريد أن يحترمه الناس ..
و لا يستطيع ترك الغيبة و النميمة و البخل و الشتم الكذب .
فكلامه عن الناس ما هو إلا من باب النصيحة إبداء الرأي ، و نقل الكلام منه ما هو إلا من باب الإصلاح و نشر الخير و الإرشاد ، و بخله ما هو إلا من باب التوفير و شكر النعم و البعد عن الإسراف و التبذير ، و كذبه فهو من باب إدخال الفرح و البهجة على من حوله .
منقول ---