الحب هو ماء الحياة بل سرها ، الحب هو لذة الروح بل روح الوجود ، الحب إخلاص وصفاء ونقاء ، الحب عهد ورسالة ومبدأ ، الحب من أسمى المطالب في الحياة ، سعيد من فهمه وناله ، شقي من جهله وحُرمه ، بالحب تصفوا الحياة وتشرق الشمس ويرقص القلب ، بالحب تُغفر الزلات وتقال العثرات وترفع الدرجات ، ولولا الحب ما التف الغصن على الغصن ، ولا عطف الضبي على الضبية ، ولا بكى الغمام على جدب الأرض ، ولا ضحكت الأرض لزهر الربيع ، وحين ينتهي الحب ويضيع تضيق النفوس ويكون البغض وتكثر الخلافات والمشاكل ، ويوم ينتهي الحب تنتهي الأزهار وتظلم الأنوار وتقصر الأعمار وتُجدب الأرض وتكثر الأمراض ، ويوم ينتهي الحب تطلق النحلة الزهرة ويهجر العصفور الروض ويغادر الحمام الغدير ، نعم .. إن الحب من أهم المحركات الرئيسية للحياة الزوجية ، إذا فقد فقدت الحياة واللذة الزوجية ، وإذا وجد وجدت الحياة ولذتها ، ولئن كان الماء سر وجود الكائنات فالحب سر وجود الأرواح وصدق من قال :
إنما الحب صفاء النفس من حقد وبغـض
إنها أفئدة تهــــوى وتأبى هَتـك عرض
وجفون حــــذرات تلمح الحسن فتغضي
إن أصفى الحب وأعذب العشق وأرقّ الغرام وأحلى الهيام بين الزوجين لا يكون إلا بعد الزواج ، فالحب المتبادل بينهما يظهر في الاهتمام المتبادل بشؤون الطرف الآخر ومتابعة أحواله والتضحية من أجله ، نعم .. يظهر الحب بين الزوجين وتتجلى الرومانسية في حياتهما في ساعات الرضى والغضب وأوقات الصلح والخصام وتربية الأطفال ، يظهر الحب بين الزوجين في الملاطفة أثناء التعامل اليومي والحرص على السلام والتعانق والتقبيل وتبادل المشاعر ، وإذا ما تكاثرت وازدحمت الأعباء على كلا الطرفين ، فما أجمل لقاء الحبيب بحبيبته والزوج بزوجته عصفورين متحابين متعاونين .
أيها الزوج الكريم ..
إذا أردت أن تنعم بعبق الزهور وتغريد الطيور وشذا العطور ، وتستمتع بالزهرة الندية واللؤلؤة البهية وتستظل تحت الدوحة الغناء وترتشف من معين البذل والعطاء فبدون شك أنها حبيبة قلبك ومهجة فؤادك وريحانة ضميرك زوجتك الغالية ، فما أجمل ذلك القلب الرقيق ، وما أروع تلك العاطفة الجياشة ، وما أسمى ذاك الفؤاد الحنون ، نعم .. إنها الزوجة أجمل ما في الكون ، زينة الدنيا وعطر الوجود وسلوان الفؤاد وبهجة الضمير ، تُظلم الأيام في وجه الرجل فتشرق حياته على ابتسامة المرأة ، وتعبُس الأحداث في دنيا الزوج فيعزف ألحان الرضى على نغمات المرأة ، وتقسوا الليالي فتذوب قسوتها بزلال من حنان المرأة ، لو صرخت الدنيا قائلة للرجل أكرهك فإن المرأة إذا قالت أحبك نسفت ذلك كله، تشرب المرأة فيدير الكأس ويشرب عليه الصلاة والسلام من موضع فمها ، تسافر معه فيسابقها ويمازحها ويضاحكها ، يجلس على مائدتها فيأنس لحديثها ويضحك لمزاحها ، يهتف بحقوقها وعدم ظلمها ، ويلفظ أنفاسه الأخيرة ويودع الحياة وهو يتمتم قائلا " استوصوا بالنساء خيرا " إنها المخلوق العجيب الرقيق الذي تحتاج منك أن تكون لها السماء التي يظلها وتحتويها ، لتكون لك بعد ذلك كالشمس في النهار وكالقمر في الليل ، تحتاج منك أن تكون لها الأرض الخصبة لتكون هي المطر المدرار الذي ينبت الشجر ويخرج الورد والرياحين وينتج الثمار الناضجة ، إنها تريدك أن تكون لها الينبوع الصافي المتدفق ، لتكون هي النهر الرقراق الذي يلتقي ذلك الينبوع ويحتضن كل قطرة منه ، إنها تريدك أيها الزوج أن تكون لها مصباحا يضيء ظلام حياتها ، لتكون هي الزيت الذي يوقَد به ذلك المصباح ، تحتاج منك فقط شيئا واحد ، أن تُحبَها ولكن بصدق وإخلاص وحب ووفاء ، تحتاج منك أن تحافظ على مشاعرها وتراعي أحاسيسها ، ووقتها أجزم لك أيها الزوج جزما قاطعا بل أقسم لك وأحلف بالله الذي لا إله إلا هو أنها ستكون لك بعد كل هذه المعاملة : زوجة وأما وأختا وبنتا وتلميذة وخادمة ورفيقة درب وشريكة حياة ، وقتها ستضحي بحياتها من أجلك ، بل ستحارب كل الدنيا لئلا يخطفك منها أحد ، بل والله لو وضعوا الدنيا بزخارفها المتنوعة في كفة ووضعوك في كفة لرجّحت كفتك ولاختارتك دونا عن كل البشر ، فيا أيها الأزواج : رويدا رويدا ، ورفقا رفقا بالقوارير ..
منقوووووووووووووووول