[align=center]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
هذا العصر الذي نعيش فيه هو عصر العلم الذي نرجع إليه في كل أمر من أمور حياتنا، أو أن هذا ما
ينبغي أن نفعله، فنقرأ ونفهم ونناقش ونجرب ونحلل، ونقارن لنعرف الأسباب، ونتوقع النتائج، ونفسر
ما يحدث في الطبيعة والنفس والجسم والمجتمع.
من أجل ذلك كان هدفنا هو اعلان الحقيقة عن جوهر وجودنا وعن غايتنا وسبيلنا الى تحقيق المراد من
رب العباد، الذي فطرنا على التوحيد، وعدم الشرك به، فكانت كل سبلنا من أجل هذا التقرير، ومن ثم
نعلن في كل خطاب موجه منا الى كل عضو من اعضاء المجتمع، وفي كل أمة من الأمم، أن هذا هو
خطابنا اليكم فاعقلوه وتبينوا رشده، وأحسنوا فهمه، حتى تنالوا البر والخير في الحياة الدنيا والآخرة.
ولا أشك في أن كثيرا من الناس يفهون كلمة الخطاب بمعناها القديم الشائع الذي يدل على ما نوجهه
للآخرين من حديث حتى يفهمونا ويتجاوبوا معنا ويتعاطفوا، فلابد أن نختار لغة تستميلهم، وأفكارا
تتناسب مع الذين نتجه اليهم بالكلام.
الخطاب بهذا المعنى هو مناسبة الكلام لمقتضى الحال، كما كان يقول البلاغيون، فالفكرة التي اشرحها
لك اشرحها لغيرك، لكن اللغة تختلف باختلاف المقام، وتتغير بتغير المتلقين.
الخطاب مجرد شكل أو حامل، ثوب خارجي، آنية تتلون بلون العصر من دون أن يتغير شيء مما
تحتويه.. إن كل شيء في العالم يتغير: العلم والعمل واللغة والأفكار، والدول والأحزاب، والمصالح
وموازين القوى. كل شيء يتغير لا بين قرن وقرن، ولا بين جيل وجيل كما كان يحدث من قبل، بل بين
عشية وضحاها.. ومن هنا يجب أن نكون أكثر وعيا وأكثر قوة وأكثر فضيلة.
لن نخسر إلا إذا ضعفنا وعجزنا عن حل مشكلاتنا، وسد حاجاتنا واللحاق بالآخرين المتقدمين الذين
سبقونا منذ قرون طويلة، ومازالوا يواصلون تقدمهم حتى لم نعد قادرين على ان نحسب المسافة
الفاصلة بيننا وبينهم، لأنها ليست مجرد زمن يمكن ضبطه وتقييده، وإنما هي شطحة هائلة خرجنا بها
من المدار الذي يمضي فيه العالم حين انحبسنا من أفكارنا ومسلماتنا وتحجرنا فيها، فلابد إذًا من تجديد
الخطاب، من أجل تجديد الوعي، والتمسك بثوابتنا والبعد عن الأفكار التي تسلط علينا من الخارج.
لابد أن تكون لنا أهداف معينة، وأغراض واضحة، حتى تتم الفائدة المرجوة من حياتنا، وتحصل الغاية
التي نسعى من أجلها، فنعلن كلمة الحق، ونحرص على ألا يسبقنا من هم دوننا، ونرفع راية الاسلام
خفاقة في كل شبر من ترابنا.
ولنعلن لغة الحوار، الحوار الهادف البناء، وللحوار مقاصد وغايات، وهو قائم على قاعدة البيان
والحجة، وعدم تحميل الكلام أكثر من طاقته، والاجابات تنهي الحوار، ويعني ذلك الخروج من حال
تساؤلات الحيرة الى حال اجابات الوعي. حوار ناجح نافع يتحقق به ومنه المقصود، الأمور التي تجدد
الحوار هي التي تتجدد، والشئون التي تتنوع وتتعدد وحادثات تحدث.
ولابد أن تكون في الاجابات حقيقة معلنة، وصواب دائم، على أن يكون السؤال يراد منه الاجابة لا
المماطلة، فالسؤال يكون صحيحا، وتكون الاجابات بصيرة، فلا اجابة بلا سؤال، والسؤال يستدعي
البحث عن الحقيقة.
وقد يكون السؤال الصحيح نصف الاجابة، وهنا يمكن ان تكون الاجابة الصائبة مدخلا لسؤال جديد، لا
اجترار السؤال أو استهلاك القضايا.
نحن نجتاز موقفا تعثرت الآراء فيه، وعثرة الرأي ترْدي، فلنقف وقفة حازمة ونصرخ صرخة مدوية،
حتى يستفيق الناس من غفوتهم، ويهب الجميع لنصرة دينهم، ومعرفة طريقهم المستقيم، حتى يكشف
عنا الله الغمة، ويزيح الكرب، وينفس عنا الضيفَ الذي نشعر به، ويسلمنا من الأذى، ويخفف عنا
البلاء، ويرحم الأمم والشعوب من ويلات العذاب الذي يشاهدونه صباح مساء، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
[/align]