مكالمة هاتفية غيرت حياتي
رنين الهاتف يعلو شيئا فشيئا ..والشيخ محمد يغط في سبات عميق
لم يقطعه إلا ذلك الرنين المزعج فتح محمد عينيه ونظر في الساعة فإذا هي تشير إلى الثانية والربع بعد منتصف الليل!!
نهض من فراشه ورفع سماعة الهاتف وبادر قائلا :نعم!! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فسمع على الطرف الآخر..صوتا أنثويا ناعما يقول:
لو سمحت هل من الممكن أن نسهر الليلة سويا عبر سماعة الهاتف؟!
فرد عليها باستغراب قائلا : ماذا تقولين ؟!من أنت؟!
فردت عليه بصوت متكسر ناعم : أنا اسمي أشواق وأرغب في التعرف عليك وأن نصبح أصدقاء .. فهل لديك مانع؟!!
أدرك الشيخ محمد أنها فتاة تائهة حائرة..لم يأتها النوم في الليل بسبب أزمة نفسية أو عاطفية..فأرادت أن تهرب منها بالعبث بأرقام الهاتف!!
فقال لها : ولماذا لم تنامي حتى الآن يا أختي؟!!
فأطلقت ضحكة مدوية وقالت : أنام الليل ؟!! وهل سمعت بعاشق ينام الليل ؟!! إن الليل هو نهار العاشقين
فرد عليها ببرود : أرجوك إذا أردت أن نستمر في الحديث فابتعدي عن الضحكات المجلجلة والأصوات المتكسرة فلست ممن يتعلق قلبه بهذه التفاهات
تلعثمت الفتاة قليلا .. ثم قالت : أنا آسفة لم أكن أقصد
فقال لها محمد ساخرا : ومن سعيد الحظ الذي وقعت في عشقه وغرامه؟
قالت : أنت بالطبع
فقال مستغربا: أنا؟!! وكيف تعلقت بي وأنت لا تعرفيني ولم تريني بعد؟!!
فقالت: لقد سمعت عنك الكثير من بعض زميلاتي في الكلية وقرأت لك بعض المؤلفات فأعجبني أسلوبها العاطفي الرقيق والأذن تعشق قبل العين أحيانا
قال لها محمد : إذن أخبريني بصراحة كيف تقضين الليل؟
قالت أنا يوميا أكلم ثلاث أو أربع شباب .. أنتقل من رقم لرقم .. أعاكس هذا.. وأضحك مع هذا ..وأمني هذا.. وأعد هذا .. وأسمع قصائد الغزل من هذا .. وهكذا إلى أن يقرب الفجر وأردت الليلة أن أتصل بك لأرى هل أنت مثلهم أم تختلف عنهم؟!!
فقال الشيخ: ومع من كنت تتكلمين قبلي؟!!
قالت : بصراحة مع وليد شاب وسيم وعشيق جديد رمى لي الرقم اليوم في السوق فاتصلت به وكلمته قرابة نصف ساعة
فقال لها محمد على الفور: ثم ماذا ؟!! هل وجدت عنده ما تبحثين عنه ؟!!
قالت بنبرة حزينة : بكل أسف لا ولا عند غيره لم أجد عندهم ما يشبع جوعي النفسي
إنهم خونة أحاسيسهم ملفقة تخرج من طرف اللسان هدف كل منهم ان يقضي شهوته ويرميني بعد ذلك كما يرمى الحذاء البالي حياتي معهم حياة خداع ووهم وتزييف
قال محمد : إذا لم تجدي ضالتك عند هؤلاء فهل يعقل أن تجديها عندي وأنا ليس لدي عبارات غزل ولا رسائل معطرة؟!!
قالت : على العكس أشعر أنا وكثير مثلي من الفتيات أن ما نبحث عنه عند الصالحين أمثالك نبحث عن الكلمة الصادقة التي تخرج من القلب لتصل إلى أعماق قلوبنا نبحث عمن يهتم بنا يراعي مشاعرنا دون أن يقصد هدفا خسيسا نبحث عمن يكون لنا أخا رحيما وأبا حنونا وزوجا صالحا
إننا باختصار نبحث عن السعادة الحقيقية في الدنيا عن الصدق والوفاء والبذل والعطاء
أخوتي ...
للقصة تتمة رائعة من خلالها ستتعرف هذه الحائرة إلى طريق السعادة
أردت أن أتوقف هنا وأقول:
هذه الحالات كثيرة للأسف في مجتمعاتنا
وأنا قد رأيت الكثير منها
فكثير ما اسمع من الفتيات من تتمنى الموت وكأنها في عمر التسعين مع أنها في العشرين ولا بد أن هذه الحالة موجودة أيضا بين الشباب
قد يكون البعد عن الله هو السبب الأساسي
ولكن هناك أسباب أخرى
أرجو المشاركة لأكمل بعد ذلك القصة