حُرمةُ أهلِ العِلْمِ أهلُ العلم بُدورُ هدايةٍ عندما يضلُّ الإنسان الطريق ويَحيد عن الصواب.أهل العلم سُرُجُ نورٍ وضَّاءةٍ، ومصابيحُ هداية، وشموسُ تُقًى، ونجومُ إرشاد وتوجيه وهداية الحائرين إلى الصراط المستقيم.أهل العلم، ثالث ثلاثة أقسَم الله - عز وجل - بهم عندما قال:﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 18].
أهل العلم أشدُّ الناس خشيةً لله، ومعرفةً بالله؛ كذلك: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]
.وأهلُ العلم هم الذين رفَعهم الله الدرجات العُلا، وبوَّأهم المنازلَ الرفيعةَ، فهو - سبحانه - القائل: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11]
.أهلُ العلم همُ الفرقة التي تَنفر في سبيل الله لتعود بعد فترة إلى قومها؛ ليُفقِّهوهم في الدين، مبشّرين ومنذرين؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ [التوبة: 122].بين أيدينا كتابٌ يشدُّ الانتباهَ من العنوان، كتابٌ حساسٌ في موضوعه، وعظيمٌ في محتواه، كتابٌ ما أشدَّ حاجتَنا إليه في زمنٍ قلَّ فيه العلماء، وكَثُر فيه الأدعياءُ، وكثُر فيه الذين يَطعنون في العلماء، وأين الثَّرى من الثُّريَّا؟! وما أجمل قولَ الشاعر: إذا وصف الطائيَّ بالبخل مـاردٌ وعيّر قـساً بالفـهاهـة بـاقلُوطاولـت الأرضُ السماءَ سفاهةً وفاخرت الشهبَ الحصى والجنادلُفيا مــوتُ زُر إن الحياة ذميمـةٌ ويا نفسُ جِـدي إن دهرَك هازلُوهذا الكتاب عنوانُه "حرمة أهل العلم"؛ للمؤلف القدير الدكتور محمد أحمد إسماعيل المقدم، وهو كتاب فريدٌ في موضوعه، وسنتنقل بين أشجار رياضه وأزهاره، متنسِّمين عَبقها، ومرتشِفين رحيقَها.والكتابُ يتألف من مقدمة، وثلاثة أبواب، وخاتمة.أما المقدمة:فقد بدأها المؤلفُ بالحديث عن حُسن الخلق، والأدبِ مع العلماء، وعدمِ الإساءة إليهم، ومما قال فيها: "إن المسيءَ إلى العلماء، والطاعنَ عليهم بغيًا وعَدْوًا، قد ركِب متنَ الشَّطط، ووقع في أقبح الغلَط؛ لأن حرمة العلماء مضاعفةٌ، وحقوقَهم متعددةٌ، فلهم كلُّ ما ثبَت من حقوق المسلم على أخيه المسلم، ولهم حقوقُ المسنِّين والأكابر، ولهم حقوقُ حمَلة القرآن، ولهم حقوقُ العلماء العاملين.وأما الباب الأول، فيتألَّف من ستة فصول:الفصلُ الأول: ذكر فيه أن من أعظم حقوق المسلم: صيانةَ عِرضه، ورعايةَ حُرمته، وأن الغِيبة من أعظم الذنوب، وعرَّف الغيبة بتعريف النبي - صلى الله عليه وسلم - لها بالحديث المشهور الذي أخرجه مسلم وأصحاب السُّنن عن أبي هريرة رفَعه: ((أتدرون ما الغيبة؟))، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((ذِكرك أخاك بما يَكرهه))، قال: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: ((إن كان في أخيك ما تقول، فقد اغْتَبته، وإن لم يكن فيه ما تقول، فقد بَهتَّه)).وأما أدلةُ تحريمها، فهي كثيرةٌ؛ منها: الآية الكريمة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 11- 12].
ومنها: حديثُ النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي رواه الإمام أحمد؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا معشر مَن آمَن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبَه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تَتبعوا عوْراتهم، فإنه من يَتَّبعْ عوراتِهم، يَتَّبع الله عورتَه، ومَن يتَّبع الله عورته، يَفضحْه في بيته)).وذكر أحاديث تصوِّر بعضَ المشاهد من عقاب المغتابين يوم القيامة؛ كقوله - عليه الصلاة والسلام -: ((لَمَّا عُرِج بي، مرَرت بقومٍ لهم أظفار من نُحاس، يَخمشون بها وجوههم وصدورهم، قلت: مَن هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويَقعون في أعراضهم))؛ رواه الإمام أحمد.ثم تحدَّث عما تكون به الغيبة، وأثر الغيبة في الطهارة والصوم، وأن مستمع الغيبة والمُغتاب شريكان في الإثم.الفصلُ الثاني: تحدَّث فيه عن أَولويَّة الاشتغال بعيوب النفس، وأن الإنسان يُبصر القذى في عين أخيه، وينسى الجِذع في عينه، ولم يُعرِّج في هذا الفصل على غير هذا الموضوع.الفصلُ الثالث: تحدَّث فيه عن وجوب حِفظ اللسان، وعن فضيلة الصمت، ذاكرًا حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمُت))، وموازنًا بين الصمت والكلام، وأتى ببعض النصوص الشريفة وآثار السَّلف، في وجوب حفظ اللسان، والكفِّ عن أذيَّة الخلق، مؤيدًا كلامه بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن العبد ليتكلَّم بالكلمة ما يتبيَّن ما فيها، يهوي بها في النار أبعدَ ما بين المشرق والمغرب)).الفصل الرابع: بدأه بالحديث عن مجاهدة النفس في ترْك الغيبة، وحِفظ اللسان، ذاكرًا أنَّ قلة المخالطة وقايةٌ من الغيبة، متمثلاً بقول الشاعر: لقاء الناس ليس يُفيد شيئاً سوى الهذيانِ من قيلٍ وقالِفأقللْ مـن لقاءِ الناس إلا لأخذ العلمِ أو إصلاح حالِالفصلُ الخامس: وهو فيما يجب على من حضر مجلسَ غيبة، وكيف عليه أن يردَّ عن عِرض أخيه المسلم؛ حيث قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((من ردَّ عن عِرض أخيه المسلم، كان حقًّا على الله - عز وجل - أن يردَّ عنه نارَ جهنَّمَ يوم القيامة)).وتكلم عن بعض المنزَّهين عن الغيبة، فهذا أبو عاصم النبيل - رحمه الله - يقول: ((ما اغتبتُ مسلمًا منذ علِمت أن الله حرَّم الغيبةَ)).الفصل السادس: طرَح سؤالاً وأجاب عليه، كيف تكون التوبةُ من الغيبة؟ وتحدَّث عن استحباب الإبراء من الغيبة، وكيفية التخلص من داء الغيبة، ويكون ذلك بعلاج الأسباب التي تُفضي إليها، ومنها:الحسد، المجاملة، إرادة المغتاب أن يمدحَ نفسه، المُزاح، التنافس في الدنيا، الحزبيةُ والعصبية الجاهلية.ويكون علاجها:بمجاهدة النفس على لزوم الصمت، والفرار من مجالس الغيبة، واستحضارِ حال المغتاب يوم القيامة، وشُكرِ نعمة اللسان، وكثرةِ ذكر الموت والقبور؛ فعن البراء بن عازب قال: بينما نحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ بصُر بجماعة، فقال: ((علامَ اجتمع عليه هؤلاء؟))، قيل: على قبرٍ يَحفرونه، قال: ففزِع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبدَر بين يدي أصحابه مسرعًا حتى انتهى إلى القبر، فجثا عليه، قال: فاستقبلته من بين يديه لأنظرَ ما يصنع، فبكى حتى بلَّ الثَّرى من دموعه، ثم أقبل علينا، قال: ((أي إخواني، لمثل هذا اليوم فأعِدُّوا)).الباب الثاني، يتألَّف من سبعة فصول:الفصلُ الأول: تحدَّث فيه عن أهميَّة الأدب، وشدة الحاجة إليه، واهتمامِ السلف الصالح بالأدب، مع ذكر بعض آثارهم بالحثِّ على التأدُّب؛ كقول عبدالله بن المبارك - رحمه الله -: "من تهاوَن بالأدب، عُوقب بحِرمان السنن، ومن تهاون بالسنن، عُوقب بحِرمان الفرائض، ومن تهاوَن بالفرائض، عُوقب بحِرمان المعرفة".كما ذكر أن السلفَ كانوا يُرجِّحون الأدبَ على العلم، وكانوا حريصين على ملازمة الشيوخ والمؤدِّبين، وختَمه بذكر ثلاث فوائد عن الأدب.الفصل الثاني:تحدَّث فيه عن أدب الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - وعن أدب سيدنا موسى - عليه السلام - مع الخَضِر، وأدب سيدنا إبراهيمَ في مخاطبة ربه، وأدبِ نبيِّنا - عليه الصلاة والسلام - ثم انتقل إلى أدب الصحابة - رضي الله عنهم - مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذاكرًا قولَه تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ [الحجرات: 1 - 4]. وكيف قيل للعباس: أيهما أكبرُ أنت أم النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: هو أكبرُ مني، وأنا وُلدت قبله، وكان العباس أسنَّ من النبي - صلى الله عليه وسلم - وُلِد قبل الفيل بثلاث سنين.ثم تحدَّث عن أدب العلماء مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فالقاضي عِياض يقول: "واعلَم أن حُرمةَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد موته وتوقيرَه وتعظيمَه، لازمٌ كما كان حال حياته، وذلك عند ذكره - صلى الله عليه وسلم - وذكرِ حديثه وسُنته، وسماع اسمه وسيرته، ومعاملة آله وعِترته، وتعظيم أهل بيته وصحابته؛ قال أبو إبراهيم التجيبي: "واجبٌ على كل مؤمن متى ذكَره أو ذُكر عنده، أن يخضعَ ويخشع ويتوقَّر، ويُسكن من حركته، ويأخذ في هيبته وإجلاله، بما كان يأخذ به نفسه لو كان بين يديه، ويتأدَّب بما أدَّبنا الله به".الفصل الثالث: بدأه بفضْل العلماء، والثناء عليهم، وذكرَ قولَ شيخ الإسلام ابن تيميَّة الذي يقول فيه:وقد كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وخلفاؤه الراشدون، يسوسون الناسَ في دينهم ودنياهم، ثم بعد ذلك تفرَّقت الأمور، فصار أمراءُ الحرب يسوسون الناس في أمر الدنيا والدين الظاهر، وشيوخُ العلم والدين يسوسون الناس فيما يرجع إليهم فيه من العلم والدين، وهؤلاء أُولو أمرٍ تجب طاعتُهم فيما يأمرون به من طاعة الله. وقال في موضعٍ آخرَ - رحمه الله -: وأُولو الأمر أصحابُ الأمر وذَوُوه، وهم الذين يأمرون الناس، وذلك يشترك فيه أهلُ اليد والقدرة، وأهلُ العلم والكلام، فلهذا كان أُولو الأمر صِنفين: العلماءَ والأُمراءَ، فإذا صلَحوا صلَح الناس، وإذا فسَدوا فسَد الناس".وتحدَّث عن أدب الأئمة مع شيوخهم، ومع بعضهم البعض، ومنها أن يحيى بن سعيد كان يُجالس ربيعة، فإذا غاب ربيعة، حدَّثهم يحيى أحسن الحديث، وكان كثير الحديث، فإذا حضر ربيعة، كفَّ يحيى إجلالاً لربيعة، وليس ربيعة أسنَّ منه، وهو فيما هو فيه، وكان كلُّ واحدٍ منهما مُبجِّلاً لصاحبه، ثم انتقل إلى الحديث عن النُّصرة والولاء بين العلماء في ثناء بعضهم على بعض، ودفاعِ بعضهم عن بعض، وحُزنهم لموت الواحد منهم.الفصل الرابع: الأدبُ مع العلماء:وبدأه بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قال فيه: ((ليس من أُمتي من لم يُجلَّ كبيرنا، ويرحمَ صغيرَنا، ويعرفَ لعالمنا حقَّه)).وذكر جملةً من آداب طالب العلم، منها ما ذكره سيدنا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال: "من حق العالم عليك إذا أتيتَه، أن تسلِّم عليه خاصَّة، وعلى القوم عامَّة، وتجلس قُدَّامه، ولا تُشِرْ بيديك، ولا تَغمز بعينيك، ولا تقُل: قال فلان خلافَ قولك، ولا تأخذْ بثوبه، ولا تُلحَّ عليه في السؤال؛ فإنه بمنزلة النخلة المرطِبة، لا يزال يسقط عليك منها شيءٌ".ولا بدَّ من تقدير العالم وهيبته، وتواضع الطالب لشيخه، وأدبِه مع شيخه عند مخاطبته، وزجْر الطالب الذي حادَ عن الأدب.الفصل الخامس: خصَّصه للحديث عن آداب السؤال، ومداراةِ العالم والصبر على جَفوته، ومراحل تنبيه العالم على خطئه، وذمِّ كثرة السؤال، وبعض الآثار في ذلك، والنهي عن السؤال عما لم يقعْ، وبيان ما يُحمَد من الأسئلة وما يُذَم، والمواضع التي يُكره فيها السؤال، وأكَّد أن النهي في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ﴾ [المائدة: 101]، مقيدٌ بما لا تدعو إليه الحاجةُ، كما حذَّر من إبرام الشيخ وإضْجاره، ومن الجدل والمِراء، وقسَّم الجدال إلى قسمين: محمودٍ ومذمومٍ، ونهى عن الأُغلوطات.الفصل السادس: للحديث عن الأدب مع حامل القرآن الكريم، ولم يخرجْ فيه عن هذا الموضوع.الفصل السابع: الأدبُ مع الأكابر، وذكر عدةَ أحاديثَ تدلُّ على ذلك؛ منها: قول رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يؤمُّ القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواءً، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواءً، فأقدمهم هِجرةً، فإن كانوا في الهجرة سواءً، فأقدمهم سِلمًا....))؛ رواه مسلم.وذكر في هذا المجال أبياتَ شعرٍ للقاضي عبد الوهاب المذكور وهي:متى يصلِ العطاشُ إلى ارتـواءٍ إذا استقت البحارُ من الرّكاياومن يثني الأصاغرَ عن مُـرادٍ وقد جلس الأكابرُ فـي الزّواياوإنّ ترفّع الـوُضَعـاء يومـاً على الرُّفعاء من إحدى الرّزاياإذا استوت الأسافلُ والأعـالي فقد طابت منـادمةُ الـمنـاياالباب الثالث: ويتألف من خمسة فصول:الفصلُ الأول: تحدث فيه عن حرمة العلماء بين أخلاق السلف، وواقع الخلف، وأتى بصورٍ من عدوان المنسلخين عن أخلاق السلف، وشكوى العلماء منهم، بدعوى الغيرة على الحق، مع أن الغيرةَ على الحق لا تسوِّغ العدوان على الفُضلاء، ووقف وقفة مع أحد المتهورين في ثَلْب الأئمة، ونماذج من تطاوُله على بعض العلماء، وختمها بقوله: إنما نحترمُك ما احترمت الأئمة.الفصل الثاني: خطرُ الطعن على العلماء، وشؤمُ الحطِّ من مقدارهم، فالجِناية على العلماء خرقٌ في الدين، والوقيعة فيهم من الكبائر؛ لأن الطاعنين على العلماء يَستجلبون لأنفسهم أخبثَ الأوصاف، وأشأمَ العواقب، ويُخشى على الطاعن من سوء الخاتمة، كما تحدَّث عن تصدُّر المترئسين بالجهالة، وانتهاك الحُرمات، وأتى بقَصص واقعيَّة تدلُّ على أنَّ من الوقيعة ما قتَل.الفصل الثالث:تحدَّث فيه عن أسباب ظاهرة التطاول على العلماء، وجعلها ثلاثةَ عشر سببًا، وهي:1- تشييخُ الصحيفة، وافتقاد القدوة.2- استعجالُ التصدر قبل تحصيل الحد الأدنى من العلم الشرعي بحُجة الدعوة.3- التعالم وتصدُّر الأحداث.4- الاغترارُ بكلام العلماء بعضهم في بعض.5- الاغترار بمسْلك الإمام ابن حزم في شِدته على الأئمَّة. 6- جهْل المنتقدين بأقدار مَن ينتقدونهم من العلماء.7- التأثُّر بفَوضوية الغربيين ونَعراتهم. 8- التعصُّب الحزبيُّ والبَغي، وعَقْد الولاء على غير الكتاب والسُّنة.9- التحاسدُ والتنافس على العُلو والرياسة.10- عدم التثبُّت في النقل. 11- الفراغ. 12- الجحود وعدم الإنصاف. 13- استثمارُ المغرضين لزلاَّت العلماء.الفصل الرابع: تحدَّث فيه عن زلَّة العالم، والضابط التقريبي لزلة العالم، والتحذير من زلاَّت العلماء، وبيان آثارها، والموقفِ المذموم من زلة العالم، وضوابط الموقف الصحيح من زلة العالم، وخَتَمَ بقاعدةٍ عظيمةٍ: كل مجتهدٍ استفرغَ وُسعه للوصول إلى الحق، استحقَّ الثوابَ وإن أخطأ.الفصل الخامس: حذَّر فيه من القول على الله بغير علمٍ، ومن التعالم، فينبغي لمن يتصدَّى للإفتاء أن يكونَ أهلاً لذلك، ومَن هو العالم؟ وكيف نعرفُه؟ وحتى لا يتشبَّه بالعلماء غيرُهم، كما تحدَّث عن ضرورة إنصاف شباب الصحوة الإسلاميَّة المعاصرة، وأنَّ أسعد الدعاة والمفكرين والطلاب بالمنهج السويِّ، أشدُّهم التحامًا بالعلم والعلماء.ثم ختَم الكتابَ بخاتمة جميلة مفيدةٍ، ووضع فهرسًا لموضوعات الكتاب، وما علينا في الختام إلا أن نذكر حديثَ النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي يرويه الإمامُ مسلم: ((المفلس من أُمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتَم هذا وسفَك دم هذا، وأكل مال هذا، فيُعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فَنِيت حسناته قبل أن يَقضيَ ما عليه، أُخِذ من خطاياهم، فطُرِحت عليه، وطُرِح في النار))، فنسأل الله السلامة، وأن يُعرِّفنا قدر أنفسنا؛ إنه سميع قريب. الشيخ الأديب : مصطفى قاسم عباس• الكتاب: حُرمة أهل العلم.• المؤلف: محمد أحمد إسماعيل المقدم.• الطبعة السادسة، 1424 هـ، 2003 م، دار العقيدة.منقول