قبل الموضوع الا لعنة الله على فيلق بدر ومن عاونهم
"لم نعد نأمن على حياتنا، خاصة إذا ذهبنا إلى المسجد". بهذه الكلمات تحدث رائد أحمد العاني، أحد سكان مدينة الشعب والتي شهدت موجة من عمليات القتل
ويضيف رائد العاني موضحاً أبعاد الحالة في المنطقة "اغتيل العديد من شباب المنطقة على أيدي مسلحين مجهولين أثناء ذهابهم إلى المساجد"، محاولاً تفسير خلفيات ذلك بقوله "ربما شهدت مدينتنا تلك العمليات العديدة بسبب الاندفاع الكبير الذي كان موجوداً لدى شبابها للإسلام، لا أدري، ولكن كل ما يمكن أن أقوله إنّ المدينة أصبحت غير آمنة، لذلك رحل العديد من العوائل منها"، على حد ما يذكر
وبالفعل؛ فقد أدت موجة الاغتيالات الأخيرة إلى مقتل خمسة من أبناء المنطقة، كلهم من المصلين وبينهم أحد الأئمة السنة، وهو الشيخ عبد المؤمن عبد الجبار، وهو شقيق الشيخ عبد الستار عبد الجبار، عضو مجلس الشورى بهيئة علماء المسلمين، والمعتقل من قبل القوات الأمريكية منذ نحو ستة أشهر
وبات من الواضح أنّ مساجد مدينة الشعب لم تعد كما كانت عليه في السابق، فعمليات الاغتيال التي طالت روادها ومصليها أدّت إلى إحجام العديد منهم عن الذهاب إلى تلك المساجد، ما عدا يوم الجمعة، الذي ما زال يشهد توافداً لأعداد كبيرة من المصلين
وفي ظل هذه الموجة التي يخالطها الغموض، فإنّ جميعهم هنا يتحدثون عما يسمّونه "عمليات اغتيال مبرمجة"، إلاّ أنّ أحداً في واقع الأمر لا يملك أدلة على جهة معينة تقوم بتلك العمليات، البعض لا يتردد في الإشارة بأصابع الاتهام إلى أيدٍ خارجية تحاول أن تزرع الفتنة بين أبناء الشعب العراقي، كما يقولون
وقال الشيخ أحمد الطائي، إمام أحد المساجد في المدينة، إنّ الوضع في مدينة الشعب "قابل للانفجار في أية لحظة" مشيراً في هذا الصدد إلى العشرات من عمليات الاغتيال، التي كادت تؤدي إلى اندلاع حرب طائفية
ويضيف الطائي "لقد سعينا كثيراً إلى حل تلك الإشكاليات بعد أن تكررت حوادث الاغتيال، خاصة بعد سقوط بغداد، حيث شهدت هذه المدينة اغتيال العشرات من أبنائها، بداية كانت تلك العمليات تأخذ الطابع الانتقامي الثأري، إذ استهدف في بادئ الأمر أعضاء حزب البعث السابق والضباط في الجيش العراقي، لتأخذ بعد ذلك منحى آخر تمثل في اغتيال المصلين في المساجد"، على وفق توضيحه
وبدوره، يحذِّر الدكتور عدنان محمد سلمان، رئيس ديوان الوقف السني، من مغبة الاستمرار في تلك العمليات، مشيراً إلى أنّ "المساجد قد هجرها المصلون، بعد أن كانت تعجّ بهم"، وأضاف قوله "إنّ ما يجري في العراق اليوم، هي حرب على أبناء المساجد، فلقد اعتقلت القوات الأمريكية والحرس الوطني، العشرات منهم في عمليات دهم مختلفة، كما أنّ عصابات الغدر اغتالت العشرات، كل ذلك دفع المصلين إلى الإحجام عن الذهاب إلى المساجد حفاظاً على حياتهم"، كما يذكر
إلا أنّ مناطق أخرى تعاني نوعا آخر من عمليات الضغط، التي أدت إلى ابتعاد العشرات من رواد المساجد عنها، تمثل في عمليات الدهم والاعتقال التي طالت العديد من المساجد، كما في مدينة الغزالية والدورة
وعن ذلك يقول محمد كريم، أحد ساكني مدينة الدورة الواقعة جنوبي العاصمة بغداد، "لقد شنت القوات الأمريكية والعراقية العديد من المداهمات التي استهدفت المساجد في المدينة، أدت إلى اعتقال العشرات، وربما المئات من أبنائها الأمر الذي أدى إلى إحجام أبناء المنطقة عن التوجه إلى المساجد، ما عدا يوم الجمعة، ناهيك عن عمليات الاغتيال التي طالت العشرات من المصلين
وكانت مساجد بغداد شهدت في السنوات الخمس الأخيرة التي سبقت الاحتلال الأمريكي، إقبالاً كبيراً من قبل الشباب، خاصة بعد أن أطلق النظام السابق ما أسماه "الحملة الإيمانية الكبرى"، التي كان يحاول من خلالها احتواء الحركات الإسلامية الناشئة في العراق
ويؤكد المحلل السياسي العراقي علي الهاشمي "كان المقصود من تلك الحملة احتواء الحركة الإسلامية الناشئة التي بدأت تظهر في العراق في أعقاب الغزو العراقي للكويت"، على حد قوله
ويضيف الهاشمي متابعاً "لقد باءت تلك المحاولة بالفشل على ما يبدو، فلقد استغل الشباب المسلم تلك الحملة للترويج لأفكارهم الإسلامية، فكانت مساجد بغداد عامرة بالمصلين والرواد، وهو الأمر الذي يفسر لنا ظهور العشرات من فصائل المقاومة في العراق ذات الصبغة الإسلامية" على وفق تقديره
أما اليوم، وبعد مضي سنتين من الاحتلال الأمريكي، ودخول البلاد نفقاً مظلماً من التدهور الشامل والاحتقان والتمزق في الساحة السياسية، فإنّ المساجد تعاني الانتهاك على نحو مروِّع، بينما سيتعيّن على الراغبين في أداء الصلوات الآمنة في رحابها أن يستعدوا لانتزاع الروح من الجسد برصاصات مجهولة المصدر
منقول