[frame="14 10"]
أبو معاذ
لا تحزن وإن أردت فاحزن ، فلن تجد ثمرة ( فاحزن) وسوف تجد عاقبة ( لا تحزن).
لا تحزن كلمة ضدها أحزن ، وأحزن كلمة نفيها لا تحزن ،فهل يجتمع المتغايران بل هل
يتفق المتضادان ، وهل يستوي الليل والنهار أو الظلمات والنور أو الظل والحرور .
أن أردت أن تحزن فتذكر قول من قال لصاحبة لا تحزن (لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا) فكيف تحزن
والله معك بل كيف تحزن ومولاك سبحانه وتعالى يقول ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم
الأعلون إن كنتم مؤمنين )وإن حزنت فتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم (ما يصيب
المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم- حتى الشوكة يشاكها- إلا كفر
الله بها من خطاياه ) متفق عليه. ولا تعارض بين كلمة ( ولاحزن ) في هذا الحديث مع
كلمة و ( لا تحزن) أو ( لا تحزنوا ) في الآيات ، ولا تساوي بين كلامنا هذا وبين بداية
حديثنا ، فهناك حزن منهي عنه وهنا حزن مأجور عليه ، فالحزن المذموم ما كان فيه تبرم
وتسخط للقضاء والقدر والأسترسال مع الهموم ، والحزن المحمود ما تضمن صبر ورضاء
بما أمضى الله وقدر في أيام الجفاف والغموم ، فالحزن المترتب عليه الأجور والحاصل به
الحبور هو حزن بلا جزع وصبر جميل وانتظار بلا فزع .
( لا تحزن ) كلمة ألفت فيها مؤلفات ، وكتبت فيها مقالات ، ورصعت فيها مواقع ومنتديات
، وهي جزء من آية من كلام رب الأرض والسموات .
( لا تحزن ) نور في دياجير الظلام ، وشموع في سراديب الهيام ،هي برد على الفؤاد
وسكينة وسلام ، هي ظل في يوم صائف وغمام .
لا تحزن وربك الأكرم ورسولك الأمثل وقرآنك المهيمن الناسخ وسنة نبيك الجبل الشامخ ،
لا تحزن وعندك مسجد وجماعة ونبيك صلى الله عليه وسلم له من ربه القربى والشفاعة .
لا تحزن ولو كنت من أرباب الذنوب والمعاصي ما دمت عازم على ترك الذنوب الخوالي
،والبعد عن قرناء الموائد والماضي .
لا تحزن قبل أن تحزن فالأجل قد فات وقد قيل مضى فلان ومات .
لا تحزن ما دام في العمر فسحة ومجال ، متى ما عزمت التوبة وتغيير الحال.
لا تحزن فذنوبك تبدل مغفرة وحسنات ، ولكن بعد مفارقة الذنوب والسيئات ، والخضوع
لرب الأرض والسموات.
لا تحزن فالحزن المجرد لا يجر إلا الحسرات والويلات ، وتعذيب الضمير والنفس وجلب
المكدرات ، فأنت كمن هرب من التدخين إلى أوضار المخدرات .
لا تحزن أو أحزن فأنت أنت لا تغير من الناموس شيئا ، فالحياة ماضية والدنيا سايره ،
وأنت في فلك الكون ذرة دائرة .
إذا حزنت فعلى قلبك، وإن لم تحزن فلنفسك ،فأنظر ما يصلح لأمسك ورمسك ، وأبك على
ذنبك وتضرع لربك لتسعد في يومك وأمسك .
[/frame]