لاتعن سفاكا
يصور لنا ابو معبد عبد الله بن عكيم الجهني , وهو احد قدماء التابعين المخضرمين الثقات ممن ادرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره , مبلغ أساه وندمه وحسرته على كلمات تفوه بها زمن عثمان رضي الله عنه نصحه بهن جهارا , يظن ان فيه مساوئ , وحاشا الراشد الثالث من المساوئ , فتلقف كلماته اصحاب الاغراض , واستباحوا دمه الشريف بهن وامثالهن .
وراموا دم الاسلام لامن جهالة
ولاخطا , بل حاولوه على عمد
قال كلمة عبرت عن شدة تندمه :
(( لااعين على دم خليفة ابدا بعد عثمان ))
كانت كلمته مثيرة منه حقا .
وتاخذ الجميع اطراقة , فما ثم الا عيون تتبادل النظر مستغربة مايقوله الرجل الصالح .
مالهذا الشيخ البرئ المؤمن الذي لم يرفع في وجه عثمان سيفا ابدا يتهم نفسه ويلومها على مالم يفعل ؟
ويتبرئ جرئ لسؤاله :
ياابا معبد : او اعنت على دمه ؟ فيقول ::
اني لارى ذكر مساوئ الرجل عونا على دمه .
فهو يتهم نفسه بجزء من دم عثمان لانه رأى بأم عينه كيف ان ماظنه وقام في نفسه من انه الحق قد ادى الى استغلال الرعاع له حين تكلم به , وكيف طوروه حتى قتلوا عثمان رضي الله عنه .
انها حساسية النفس الصادقة في توبتها ينطق بها ابن عكيم , مع انه ما كان يكره عثمان حين تفوه بتلك الكلمات فان ابنه يقول :
كان ابي يحب عثمان وهذا يقتضي انه قال كلماته الناقدة بلهجة المحب ومافيها من الرفق واللين , ومع ذلك نتج عنها من المفاسد مانتج , فكيف لو انضاف الى علانية النقد لفظ ردئ , وعبرت عنه لهجة عنيفة ؟
ان في تلك التجربة الصادقة ـ لدرس عظيم لحقن الدماء ـ
ــ العوائق ــ
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
وينكر الفم طعم الماء من سقم